الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المدفوعة، وبذلك تكون المصيبة قد وزعت على مجموعة كبيرة من الرؤوس، لا تثقل أحدًا، فنظام التأمين إنما يقوم على هذا الأساس
(1)
.
(2)
.
وبعد دفع جميع التعويضات المستحقة عليها لأصحابها، ودفع المصاريف الإدارية والعمومية، فما تبقى بعد ذلك يعتبر فائضًا، وهو الربح الذي تأخذه شركة التأمين التجارية، ويأخذه الأعضاء المشتركون في شركة التأمين التعاونية. فالربح في الشركتين: هو فرق الأقساط بين ما تأخذه الشركة، وبين ما تدفعه من تعويضات ومصاريف، فإن كانت الشركة في التأمينات التجارية تملك الأقساط، فإن تلك الأقساط في التأمينات التعاونية تكون ملكًا للأعضاء المشتركين، ولهذا استحقوا الربح بحسب اشتراكهم، وتحملوا الخسارة بحسب ذلك.
الفارق الثاني بين شركات التأمين التجاري والتعاوني:
أن عقد التأمين التجاري من عقود المعاوضات، بينما عقد التأمين التعاوني من عقود التبرعات، فالغرر الموجود في عقود المعاوضات لا يغتفر، بينما الغرر الموجود في عقود التبرعات مغتفر على الصحيح.
ويقول أحد الباحثين: «في التأمين التجاري الهدف الأساسي لشركة التأمين
(1)
مجلة المجمع الفقهي (2/ 2 ص: 657).
(2)
الوسيط (7/ 2 ص: 1086).
هو تحقيق أكبر قدر من الربح على حساب المستأمنين، وتحقيق الأمان إن كان مقصودًا، فإنه يقصد تبعًا، واستثناء، لا أصالة.
أما في التأمين التعاوني، فإن المقصد الأساسي منه، هو تحقيق الأمان من خلال التعاون بين المستأمنين على ترميم آثار المخاطر التي تصيب أيًا منهم على أساس التبرع، فما يدفعه كل مستأمن، إنما يريد به التعاون مع إخوانه المستأمنين في تخفيف الضرر، أو رفعه عن أحدهم إذا ما نزل به بحدوث الكارثة المؤمن منها».
ويقول شيخنا محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى:
«التأمين التعاوني لا يقصد به المعاوضة، وإنما يقصد به التعاون على النكبات والحوادث، وأما التأمين التجاري فالغرض منه المرابحة، وهو من الميسر الذي حرمه الله عز وجل في كتابه
…
هذا هو الفرق، ولذلك تجد الرجل لو أقرض شخصًا دينارًا، ولم يسلمه المقترض إلا بعد سنة، أو أقل، أو أكثر، كان هذا صحيحًا، ولو أعطاه دينارًا بدينار، على سبيل المعاوضة، كان هذا فاسدًا حرامًا، فالنية لها أثر في تحويل المعاملات من حرام إلى حلال»
(1)
.
والقاعدة في هذا: أن المتبرع لجهة، أو لجماعة تجمعهم صفة معينة، فإنه يدخل في الاستحقاق مع هذه الجماعة، إذا توافرت فيه هذه الصفة، كمن تبرع لطلاب العلم، فإنه يستحق نصيبًا من هذا التبرع، إذا طلب العلم، فلا يقال في هذه الحالة: إنه يأخذ مقابلًا، أو عوضًا لما بذل، وإنما يقال: إنه يستحق نصيبًا من المال المتبرع به لتوافر صفة الاستحقاق فيه، فهو يدفع متبرعًا، ويأخذ من مال التبرع، فانتفت المعاوضة تمامًا في مثل هذه الحالة
(2)
.
(1)
فتاوى إسلامية - جمع محمد المسند (3/ 6).
(2)
انظر حكم الشريعة الإسلامية في عقد التأمين. الدكتور حسين حامد (ص: 40، 133).