الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في التأمين أنه لا يمكن قيام شركة تأمين من غير أن نعيد التأمين في شركات أخرى؛ لأنه سيكون مصيرها الفشل والخسارة
…
»
(1)
.
وإذا كان لا بد من إعادة التأمين عند شركات التأمين التجارية فلماذا نرهق المستأمن، ونحمله على طلب محلل، وذلك بكونه يؤمن مرتين، مرة مع شركات التأمين التعاوني كل مستأمن على حدة، ومرة نقوم بالتأمين على مجموع ما دفعه المستأمنون لدى شركات التأمين التجارية، فليذهب المستأمن مباشرة إلى التأمين التجاري، ولا نرهقه بإعادة التأمين، أليس هذا من الظلم للمستأمن الحريص على التأمين الحلال أن نحمله على أن يؤمن مرتين، مرة لدى التأمين التعاوني، ومرة لدى التأمين التجاري، وهذا سيكون على حساب مقدار القسط المدفوع إذا تقاسمته شركات التأمين.
الدليل السادس:
قياس عقد التأمين التجاري على نظام التقاعد باعتباره نوعًا من التأمين يسميه بعضهم بالتأمين الاجتماعي.
وذلك لأن حقيقة التقاعد تقوم على أساس: أن يقتطع من المرتب الشهري للموظف في الدولة جزء محدود بمقدار 9% لصالح مصلحة التقاعد، أو مؤسسة تسمى بالتأمينات الاجتماعية.
وتقوم دولة الموظف، أو المؤسسة الأهلية بدفع مبلغ مماثل لصالح المؤسسة.
ويقوم على هذه المؤسسة موظفون من قبل الدولة للعمل على نماء هذا المال، ويجمع هذا المال مع نمائه في صندوق لحساب المؤسسة، فإذا بلغ
(1)
مجلة مجمع الفقه الإسلامي (2/ 2 ص: 683).
الموظف سنًا معينة أحيل إلى التقاعد، واستحق راتبًا شهريًا من قبل المؤسسة، دون أن يقوم الموظف بأي عمل، وقد يبلغ ذلك الراتب أضعاف ما كان يقتطع من راتبه، وقد يموت قريبًا، وتستغني ذريته، وهذا هو الغالب، فيذهب ما أخذ منه بلا مقابل. ويستمر المرتب التقاعدي ما دام حيًا مهما طالت حياته، وينقل هذا الحق إلى أسرته التي يعولها بشرائط معينة بعد وفاته، وعندما تعجز المخصصات (وهي ما يؤخذ من راتب الموظف وأرباح المؤسسة) عن القيام بتعويض الموظف تتبرع الدولة عندئذ بسد العجز، وقد أجازه فضيلة الشيخ عبد الله بن حميد وسماحة الشيخ ابن باز.
وتعتبر مصلحة التقاعد، والتأمينات الاجتماعية في عالم الاقتصاد اليوم من أكبر مؤسسات الاستثمار في سوق المال.
فعقد التأمين التجاري يشبه نظام التقاعد إلى حد كبير.
فالموظف أو العامل هو المستأمن.
والدولة ممثلة بمصلحة التقاعد أو مؤسسة التأمينات الاجتماعية هي (شركة التأمين التجارية).
وقسط التأمين: هو وما يقتطع من راتب الموظف.
والتعويض: هو ما يدفع للمتقاعد من راتب شهري طيلة حياة الموظف، ويدفع للقاصرين من ذريته بعد وفاته. وهو نفس ما تدفعه شركات التأمين للمستأمن من تعويضه عن الشيء المؤمن عنه.
والأرباح التي تجنيها شركات التأمين التجارية، تجنيها مصلحة التقاعد والتأمينات الاجتماعية من وراء تشغيل الأقساط.
ولا يختلف الحكم الشرعي بكون المالك هي الدولة ممثلة بمصلحة التقاعد
أو مؤسسة التأمينات، أو كان المالك فردًا، فماذا لو كانت شركات التأمين التجارية هي شركات حكومية هل سيجعل الحكم الشرعي مختلفًا لدى من يقول بتحريم التأمين التجاري.
(1)
.
بل إني أرى أن التأمين الاجتماعي، هو صورة من التأمين على الحياة، وهو محرم كما سيأتي بيانه إن شاء الله في مبحث مستقل، والفرق بين نظام التقاعد وبين التأمين التجاري من ناحيتين:
الأولى: أن عقد التأمين التجاري هو عقد رضائي، يتم بين طرفين بالتراضي، وأما نظام التقاعد فهو من عقود الإذعان حيث يقتطع جزء من راتب الموظف بدون اختياره. وهذا الفارق يسجل لصالح التأمين التجاري، وهو قد يرفع الإثم عن الموظف في الوقوع في ربا النسيئة، ولكن لا يستحق أن يأخذ أكثر مما أخذ منه، وإلا وقع منه ربا الفضل باختياره.
الثانية: أن التعويض في التأمين التجاري يكون في مقابل عروض تعرضت للتلف أو النقص، فهو دراهم في مقابل عروض، ولا ربا بين الدراهم
(1)
نظام التأمين للزرقاء (ص: 62 - 63).