الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كما أن الشافعية يمنعون من بيع الموصوف الغائب إذا كان معينًا.
القول الثالث:
لا يصح شراء المتقوم برؤية بعضه إلا أن يكون في نشره إتلاف للمبيع، فيصح للحاجة
(1)
.
وإن كان الأنموذج من مال مثلي.
فاختلف أهل العلم في ذلك على قولين:
القول الأول:
يصح بيع الأنموذج على خلاف بينهم في شرط الجواز، وهذا قول جمهور العلماء، وقول في مذهب الحنابلة.
فالحنفية قالوا: يصح ورؤية الأنموذج كافية في إسقاط خيار الرؤية؛ لأن رؤية بعضه تقوم مقام رؤية كله لتساوي آحاده، بخلاف المتقوم، ولجريان العادة بالاكتفاء برؤية بعضه في الجنس الواحد.
ولأن رؤية جميع المبيع لا تشترط، لتعذره في بعض الأحوال، فيكتفى برؤية ما يدل على العلم بالمقصود
(2)
.
وذهب المالكية إلى صحة بيع الشيء برؤية بعضه لكن إن اشتراه جزافًا اشترط أن يكون المبيع حاضرًا، وإن اشتراه مكيلًا لم يشترط حضور المبيع
(3)
.
(1)
مواهب الجليل (4/ 293)، الشرح الصغير (3/ 40 - 41)، منح الجليل (4/ 484).
(2)
المبسوط (13/ 72)، تبيين الحقائق (4/ 26)، العناية شرح الهداية (6/ 342)، حاشية ابن عابدين (4/ 596)، درر الحكام في شرح مجلة الأحكام (1/ 324).
(3)
قال الحطاب في مواهب الجليل (4/ 293): «(وجاز برؤية بعض المثلي) ليس هذا خاصًا بالمكيل، وكذلك في الجزاف يكفي رؤية البعض إذا كان الجميع حاضرًا في غرارة أو نحوها
…
نعم يكفي رؤية بعض المثلي المكيل سواء كان حاضرًا بالبلد أو غائبًا، قاله في التوضيح .... واحترز بالمثلي من المقوم فإنه لا يكفي رؤية بعضه، قال في التوضيح: وهو ظاهر المذهب
…
» .. وفي حاشية الدسوقي (3/ 24): «وجاز البيع برؤية بعض المثلي
…
ولو جزافًا لما مر أن رؤية البعض كافية فيه
…
بخلاف المقوم، أي كعدل مملوء من القماش فلا يكفي رؤية بعضه على ظاهر المذهب كما قال في التوضيح.
وقال ابن عبد السلام: الروايات تدل على مشاركة المقوم للمثلي في كفاية رؤية البعض إذا كان المقوم من صنف واحد، والراجح الأول، قال شيخنا: إلا أن يكون في نشره إتلاف». وانظر الشرح الصغير (3/ 40 - 41)، منح الجليل (4/ 484).
وذهب الشافعية إلى تفصيل آخر في بيع الأنموذج:
قال النووي: «إذا رأى أنموذجًا من المبيع منفصلًا عنه، وبنى أمر المبيع عليه، نظر: إن قال: بعتك من هذا النوع كذا وكذا، فالمبيع باطل؛ لأنه لم يعين مالًا، ولم يراع شروط السلم، ولا يقوم ذلك مقام الوصف في السلم على الصحيح من الوجهين؛ لأن الوصف يرجع إليه عند النزاع بخلاف هذا.
وإن قال: بعتك الحنطة التي في البيت، وهذا الأنموذج منها، فإن لم يدخل الأنموذج منها فوجهان، أصحهما: لا يصح البيع؛ لأن البيع غير مرئي
(1)
وإن أدخلها صح على أصح الوجهين .... ثم صورة المسألة مفروضة في المتماثلات، والله سبحانه وتعالى أعلم»
(2)
.
جاء في الإنصاف «وقيل: ضبط الأنموذج كذكر الصفات، نقل جعفر فيمن
(1)
يعني: أن المبيع غير مرئي لا كله، ولا بعضه، فيكون كأنه باعه على الصفة، ومذهب الشافعية يمنعون من بيع الموصوف إلا في السلم كما تقدم تقرير مذهبهم في حكم بيع الغائب.
(2)
المجموع (9/ 360)، وانظر معالم القربة (ص: 58)، أسنى المطالب (2/ 19)، حاشيتي قليوبي وعميرة (2/ 207).