الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأن يكون مجلس الإدارة مخولًا بذلك، ولا يجوز إخراج الجوائز من أرباح المودعين؛ لأن ذلك يؤدي لإخراج جزء من حصة أصحاب المودعين على سبيل التبرع، وهو ممنوع شرعًا؛ إذا لا يجوز للمضارب (البنك) التبرع من مال المضاربة إلا بإذن رب المال (أصحاب الحسابات الاستثمارية). وهذا ما ذهبت إليه لجنة الرقابة الشرعية للبنك الإسلامي الأردني
(1)
، ورجحه الشيخ محمد عثمان شبير
(2)
.
وجه القول بالتفريق:
أن العقد بين البنك الربوي وبين أصحاب حسابات التوفير هو عقد قرض كما تقدم، والمقرض هو صاحب الحساب، ولا يجوز له أن ينتفع من المقترض بشيء بسبب القرض؛ لأن كل قرض جر نفعًا فهو ربا.
والقول بأن حساب التوفير أو شهادات الاستثمار هي من قبيل شركة المضاربة الشرعية، دعوى بلا دليل لأسباب منها:
أولًا: أن البنك يضمن لصاحب الحساب رأس ماله، وضمان رأس المال في عقد المضاربة باطل.
ثانيًا: يضمن البنك لصاحب الحساب الربح. وضمان الربح في عقد المضاربة باطل أيضًا.
ثالثًا: أن البنك يحدد للعميل مقدارًا معلومًا من الأرباح حتى قبل أن يتجر البنك بمال العميل، فالبنك لا يكتفي بأن يضمن للعميل عدم الخسارة، ولا الربح فقط، بل يحدد له مقدارًا معلومًا من الربح بحسب طول مدة القرض.
(1)
انظر فتاوى الرقابة الشرعية للبنك الإسلامي الأردني.
(2)
مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد الرابع عشر (1/ 157).
بينما يشترط في المضاربة الصحيحة ألا يحدد الربح سلفًا، وأن يكون الربح شائعًا بين المضارب ورب المال، فلا يجوز أن يشترط أحدهما جزءًا معلومًا من الربح، وهذا الشرط نص عليه جميع الفقهاء من المذاهب الأربعة المعتمدة.
فإذا لم يكن المال الذي أخذه البنك التجاري مضاربة، فإنه سيكون قرضًا، والقرض لا يجوز أخذ الجوائز عليه؛ لأنها من قبيل الربا.
وأما أصحاب حسابات التوفير في البنوك الإسلامية فهم في الحقيقة دفعوا أموالهم لتستثمر لهم، والعقد بينهم وبين البنك عقد مضاربة، فالبنك: هو المضارِب، ومنه العمل، وهو الاتجار بالمال طلبًا للربح.
ورب المال: هو صاحب حساب التوفير، حيث يدفع ماله للبنك ليتجر فيه، ويتحملا الغرم معًا، والربح لهما على ما شرطاه، ففي حال الخسارة يخسر البنك جهده وعمله، ويخسر رب المال ماله، وفي حال الربح فإنه يشترط أن يكون جزءًا شائعًا كالنصف أو الثلث، فإن شرطا مقدارًا معينًا من المال فسدت المضاربة، هذا هو الفارق الجوهري بين عمل البنوك الربوية وبين عمل المصارف الإسلامية.
فإذا أعطى المصرف الإسلامي أصحاب حسابات التوفير جوائز على ذلك فإن ذلك يعد من قبيل الهبة، لأن البنك في هذه الحالة ليس مقترضًا، وإنما هو مضارب لصاحب المال، والباعث على دفع البنك جوائز لشركائه هو تشجيع أصحاب المال لاستقطاب أكثر عدد ممكن من العملاء (الشركاء) بطريقة لا تفضي إلى محظور شرعًا، وإذا كان التقديم مسبوقًا بالإعلان فيكون ذلك وعدًا بالهبة، سواء أكان الوعد لجميع العملاء أم كان ذلك لبعضهم طبقًا لمواصفات معينة، والجهالة هنا مغتفرة كما هو مقرر في عقود التبرعات، ولا يشبه هذا القمار؛ لأن العميل لم يدفع شيئًا حتى يتردد بين أن يكون غانمًا أو غارمًا ..