الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الثالث
حماية السوق عن طريق تسعير السلع
المسألة الأولى
في حكم التسعير
[م - 348] اختلف العلماء في حكم التسعير
(1)
إلى أقوال:
القول الأول:
ذهب جمهور أهل العلم إلى أن الأصل في التسعير الحرمة، خاصة إذا كان أهل السوق يقومون بما أوجب الله عليهم
(2)
.
(1)
تكلمت عن تعريف التسعير عند الكلام على أحكام الثمن، في مسألة: تحديد الثمن عن طريق التسعير، فأغنى عن إعادته هنا.
(2)
جاء في شرح فتح القدير (10/ 59): «ولا ينبغي للسلطان أن يسعر على الناس» . وانظر العبارة نفسها في بداية المبتدئ (1/ 224)، الهداية شرح البداية (4/ 93).
وجاء في بدائع الصنائع (5/ 129): «وكذا لا يسعر لقوله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم} [النساء:29]» .
وقال في الدر المختار (6/ 399): «ولا يسعر حاكم
…
». وانظر حاشية ابن عابدين (6/ 399)، وانظر فتاوى السغدي (2/ 810).
وفي كتب المالكية، قال ابن الجلاب في التفريع (2/ 168):«ولا يجوز التسعير على أهل الأسواق» ، وفي المنتقى للباجي (5/ 18):«وأما الضرب الثاني من التسعير، فهو أن يحد لأهل السوق سعر ليبيعوا عليه، فلا يتجاوزوه، فهذا منع منه مالك» .
وقال ابن جزي في القوانين (ص: 169): «لا يجوز التسعير على أهل الأسواق، ومن زاد في سعر، أو نقص منه أمر بإلحاقه بسعر الناس، فإن أبى أخرج من السوق» . وانظر التاج والإكليل (4/ 380).
وفي كتب الشافعية، قال الشيرازي في المهذب (1/ 292):«ولا يحل للسلطان التسعير .. » . وقال النووي في الروضة (3/ 411): «ومنها التسعير، وهو حرام في كل وقت على الصحيح» . وانظر الحاوي الكبير (5/ 409)، الوسيط (3/ 68)، مغني المحتاج (2/ 38).
وانظر في مذهب الحنابلة: الإنصاف (4/ 338)، الروض المربع (2/ 56)، الكافي في فقه أحمد (2/ 41)، المبدع (4/ 47).
ومن أجاز التسعير منهم كالحنفية
(1)
، وابن عبد البر من المالكية
(2)
، وبعض الشافعية
(3)
، وابن تيمية، وابن القيم
(4)
،
فإنما أجازوه في حالات خاصة، بشروط معينة يأتي ذكرها إن شاء الله تعالى.
(1)
جاء في البحر الرائق (8/ 230): «ولا يسعر السلطان إلا أن يتعدى أرباب الطعام عن القيمة تعديًا فاحشًا .. » ، وقال في تحفة الملوك (ص: 235): «ويحرم التسعير إلا إذا تعين دفعًا للضرر العام» . وسيأتي بسط هذه الشروط في فصل مستقل إن شاء الله تعالى.
(2)
قال ابن عبد البر في الكافي (ص: 360): «لا يسعر على أحد ماله، ولا يكره على بيع سلعته ممن لا يريد، ولا بما لا يريد إلا أن يتبين في ذلك ضرر داخل على العامة، وصاحبه في غنى عنه، فيجتهد السلطان في ذلك، ولا يحل له ظلم أحد» .
(3)
في مذهب الشافعية قول بتحريم التسعير وقت الغلاء خاصة، وهذا القول خلاف القول المعتمد في مذهبهم، قال النووي في الروضة (3/ 411): «ومنها التسعير، وهو حرام في كل وقت على الصحيح. والثاني: يجوز في وقت الغلاء دون الرخص
…
». اهـ فيمكن لنا أن نعتبر الغلاء شرطًا في جواز التسعير حسب هذا القول في مذهب الشافعية.
(4)
مجموع الفتاوى (28/ 77) وشرط ابن القيم للتسعير أن يمتنع التجار من بيع سلعهم مع ضرورة الناس إليها إلا بزيادة على القيمة المعروفة، هنا يجب عليهم بيعها بقيمة المثل، ولا معنى للتسعير إلا إلزامهم بقيمة المثل، فالتسعير إلزام بالعدل.
ومثله التسعير على أناس يحتكرون بيع سلع معينة، فلا تباع تلك السلع إلا عليهم، ثم هم يبيعونها بما يريدون، فلو باع غيرهم ذلك منع وعوقب، فهذا من البغي والفساد والظلم، فهؤلاء يجب التسعير عليهم، وألا يبيعوا إلا بقيمة المثل بلا تردد في ذلك عند أحد من العلماء؛ لأنه إذا منع غيرهم أن يبيع ذلك النوع أو يشتريه فلو سوغ لهم أن يبيعوا بما شاءوا أو يشتروا بما شاءوا كان ذلك ظلمًا للناس. انظر الطرق الحكمية (ص: 355، 356، 357).