الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثالثة
أن تكون الهدية معلومة والحصول عليها غير معلوم
في المسألتين الماضيتين كانت السلعة مجهولة للمشتري، سواء أكان الحصول عليها مقطوعًا به لكل مشتر، أم كان الحصول عليها غير مقطوع به، كأن يحصل عليها بعضهم دون بعض، وأما مسألتنا هذه فالهدية معلومة بالمشاهدة، كأن يضع سيارة أمام المحل، ويمنح كل مشتر رقمًا أو بطاقة تخوله الدخول في السحب، فإذا انتهت المدة أجريت القرعة، فمن خرج رقمه أو بطاقته فهو الفائز، وليس لغيره شيء، وقد يجعل بعض التجار بدل الجائزة الواحدة عدة جوائز تكون متفاوتة في القيمة، فمن خرج اسمه أولًا استحق الجائزة الكبرى، ومن خرج اسمه ثانيًا استحق التي تليها، وهكذا.
والحصول على الجائزة معلق على أمر احتمالي تخفى عاقبته، والسؤال ما حكم هذا النوع من الحوافز.
وللجواب على هذا نقول: هذه الحوافز لا تخلو من حالين:
الحال الأولى: أن يزاد في قيم السلع بسبب الهدية.
الحال الثانية: ألا يزاد في قيم السلع من أجل الهدية.
وسوف نبحث كلام أهل العلم في كل حالة في مبحث مستقل إن شاء الله تعالى، أسأل الله وحده عونه وتوفيقه.
الحال الأولى
أن يزاد في قيمة السلعة من أجل الهدية
[ن-31] إذا زاد التاجر في قيم السلع عن ثمن مثلها من أجل الهدية فإن الدخول في هذا النوع من الجوائز يعتبر من القمار المحرم؛ لأن المشارك يبذل مالًا زائدًا على ثمن السلعة رجاء حصوله على الهدية، فقد تحصل له، وقد لا تحصل له، فهو بين أن يفوز بالهدية فيكون غانمًا، وبين ألا يفوز بها، فيكون غارمًا، وهذا هو الميسر الذي حرمه الله في كتابه.
فإن قيل: إن ما يزاد في قيمة السلعة يعتبر يسيرًا ليس له وقع في الثمن، وقد جرت عادة الناس بالتغابن بمثله.
فالجواب: أنه لا فرق في القمار بين أن يكون المبلغ المقامر به قليلًا أو كثيرًا ما دام أن مناط الحكم موجود، وعلته قائمة، فكما أن الشارع لم يرخص في اليسير من الربا، سواء أكان ذلك في الفضل أو في النسأ، ولم يرخص في اليسير من الخمر، فكذلك هنا، ولهذا لم تكن يسارة المبلغ المقامر به في اليانصيب موجبة للحل عند أحد من العلماء، إذ لو فتح هذا الباب لتدرج الناس منه إلى المحارم، واستحلوا العظائم
(1)
.
* * *
(1)
القمار حقيقته وأحكامه - سليمان الملحم (ص: 554).