الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الثاني
منع البيع بأقل من سعر السوق حماية له
[م - 347] بعض أصحاب المحلات الكبار ذات الفروع الكثيرة المنتشرة في سائر بلاد المملكة تشتري كميات كبيرة جدًا من الشركة المنتجة، وتشترط على الشركة المنتجة أن تبيعها بسعر مخفض جدًا مقابل شرائها هذه الكمية الكبيرة، فتقوم هذه المحلات ببيعه بربح قليل، ولو باعت بمثله الشركات والمحلات الصغيرة لخسرت، فتجذب هذه الشركة الكبيرة بهذا التصرف غالب المشترين عن أصحاب المحلات الصغيرة، ويلحقها ضرر كبير، ولا تسطيع الشركات الدخول معها في المنافسة، ومع ذلك يكون ربح صاحب المحلات الكبيرة ربحًا مضاعفًا؛ لأن الربح القليل بالكميات الكثيرة يتحول إلى ربح كثير جدًا، والمستهلك يشتري أكثر من حاجته لخوفه ألا يجد فرصة للشراء بمثل هذا السعر.
خذ مثلًا لو أن شركة مثل هذه الشركات الكبيرة، والتي لها فروع كثيرة في المدينة الواحدة، فضلًا عن فروعها في سائر مدن المملكة، اشترت من شركات الدواجن مليون دجاجة، واشترطت على الشركة المنتجة أن يكون سعر الدجاجة خمسة ريالات، مقابل هذه الكمية الكبيرة، وكانت الشركة المنتجة تبيع الدجاجة الواحدة على التجار الصغار بسبعة ريالات، ليبيعها التاجر على المستهلك بثمانية، فإذا باعت هذه الشركة الدجاجة بسبعة ريالات، وفرقت هذه الكمية على محلاتها المنتشرة، فإنها سوف تبيعها من خلال يوم واحد، أو يومين، والتجار لا يستطيعون أن يبيعوا بهذا السعر؛ لأن ذلك يعني بيعها برأس مالها، بينما تكسب تلك الشركة مليوني ريال مقابل هذه الصفقة.
وقد يشترط بعضهم أن يكون سداد الصفقة مؤجلًا، فينتفع بهذا المبلغ الكبير (الربح مع رأس المال) مدة قبل سداده للتاجر.
والسؤال الكبير: هل يجوز للتاجر أن يبيع بسعر أقل من سعر السوق، أو يجب على الدولة أن تمنع من ذلك حماية للسوق من الكساد، وحماية لصغار المستثمرين من الإفلاس؟
في ذلك خلاف بين أهل العلم:
وقبل ذكر الخلاف نبين أن الكلام لا ينطبق على الجالب، فمن جلب شيئًا إلى السوق، فله أن يبيع بأقل من سعر الناس
(1)
.
قال ابن رشد: «مما لا اختلاف فيه أنه لا يسعر على الجلاب»
(2)
.
(3)
.
وذلك أن السوق يستفيد من الجلاب، حيث يبيعون بضائعهم بسرعة، ويرجعون إلى أهلهم، وهذا ما حمل الشارع على النهي من أن يبيع حاضر لباد، وقال: دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض، وسوف يأتي بحث هذه المسألة إن شاء الله تعالى في مبحث مستقل.
أما غير الجالب فاختلف العلماء فيه على ثلاثة أقوال:
(1)
مجموع الفتاوى (28/ 92)، الطرق الحكمية (ص: 372).
(2)
البيان والتحصيل (9/ 368).
(3)
البيان والتحصيل (9/ 313 - 314).