الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الأول
خلاف العلماء في بيع الضال والمفقود
.
[م - 328] اختلف العلماء في بيع العبد الآبق، والجمل الشارد، ويقاس عليه السلعة المفقودة.
فقيل: لا يجوز، وهو مذهب الجمهور في الجملة
(1)
.
(1)
يقسم الحنفية الآبق إلى أقسام:
الأول: الآبق المطلق، وهو ما كان مجهول المكان بالنسبة للعاقدين، وهذا لا يصح بيعه، على خلاف في المذهب، هل بيعه باطل، أو فاسد بناء على أصول مذهبهم في التفريق بين البيع الباطل والفاسد.
ففي ظاهر الرواية، وهو ما عليه مشايخ بلخ، أن بيع الآبق المطلق باطل، فلو عاد من الإباق، فلا بد من عقد جديد.
ووجهه: أن قدرة العاقد على التسليم شرط انعقاد العقد؛ لأنه لا ينعقد إلا لفائدة، ولا يفيد إذا لم يكن قادرًا على التسليم، والعجز عن التسليم ثابت حالة العقد
…
والأصل المعهود، أن ما لم يكن ثابتًا بيقين، أنه لا يثبت بالشك والاحتمال، بخلاف ما إذا أبق بعد البيع قبل القبض أنه لا ينفسخ؛ لأن القدرة على التسليم كانت ثابتة وقت العقد، ثم زالت على وجه يحتمل عودها، فيقع الشك في زوال المنعقد بيقين، والثابت بيقين لا يزول بالشك ....
وفي رواية أخرى عن أبي حنيفة، أن العقد فاسد، فلو عاد انقلب العقد صحيحًا إذا لم يفسخ؛ لأن العقد انعقد لقيام المالية، والمانع قد ارتفع: وهو العجز عن التسليم، كما إذا أبق بعد البيع؛ ولأن الإباق لا يوجب زوال الملك، ألا ترى أنه لو أعتقه، أو دبره ينفذ، وبهذا أخذ الكرخي انظر بدائع الصنائع (5/ 147)، الهداية شرح البداية (3/ 45)، انظر البحر الرائق (5/ 280)، المبسوط (13/ 10).
الحالة الثانية: أن يكون الآبق في يد المشتري، فالبيع صحيح نافذ؛ لأن القدرة على التسليم ثابتة في هذه الحالة.
الحالة الثالثة: أن يكون المشتري يعلم مكان الآبق، وليس في يده، وإنما هو في يد غيره، فينعقد البيع موقوفًا على القبض. انظر المراجع السابقة، وانظر حاشية ابن عابدين (4/ 514)، فتح القدير (6/ 421 - 422)، الفتاوى الهندية (3/ 112)، مجمع الأنهر (3/ 84).
وذهب المالكية إلى أن بيع العبد الآبق غير صحيح، إلا إذا علم المشتري صفته وموضعه، وكان عند من يسهل خلاصه منه.
قال مالك في المدونة الكبرى (9/ 155): «إذا عرف المبتاع موضعه فهو بمنزلة العبد الغائب يباع» . وانظر حاشية الدسوقي (3/ 11)، حاشية العدوي (2/ 220)، التمهيد لابن عبد البر (21/ 136)، شرح ميارة (1/ 450)، الثمر الداني شرح رسالة القيرواني (ص:511).
وأما مذهب الشافعية، فقد قال النووي في المجموع (9/ 344):«لا يجوز بيع العبد الآبق والجمل الشارد والفرس العائر والمال الضال ونحوها لما ذكره المصنف وسواء عرف موضع الآبق والضال ونحوه أم لا؛ لأنه غير مقدور على تسليمه في الحال وهكذا قاله الأصحاب وكذا قال الرافعي: إنه المذهب المعروف. قال الأصحاب: لا يشترط في الحكم بالبطلان اليأس من التسليم بل يكفي ظهور التعذر قال: وأحسن بعض الأصحاب فقال: إذا عرف موضعه، وعلم أنه يصله إذا رام وصوله فليس له حكم الآبق. قلت: (القائل النووي) والمذهب ما سبق» .
وقيل: يجوز بيع العبد الآبق، وهو قول ابن سيرين، وشريح القاضي
(1)
، وعثمان البتي
(2)
، وابن حزم
(3)
.
(1)
قال ابن حجر في الفتح (4/ 357): «روى الطبري عن ابن سيرين، بإسناد صحيح، قال: لا أعلم ببيع الغرر بأسًا .... وروى ابن المنذر عنه أنه قال: لا بأس ببيع العبد الآبق، إذا كان علمهما فيه واحدًا» .
وقال ابن حزم في المحلى (8/ 391): «ومن طريق الحجاج بن منهال، أخبرنا حماد بن زيد، عن أيوب السختياني، أن محمد بن سيرين كان لا يرى بأسًا بشراء العبد الآبق، إذا كان علمهما فيه واحدًا» .
وذكر ابن حزم أن هذا هو قول شريح رحمه الله تعالى.
(2)
التمهيد (21/ 137).
(3)
المحلى (8/ 391).