الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثالثة
الحكمة من تحريم القمار
القمار حرام لأنّ الله حرّمه وهو سبحانه وتعالى يحكم ما يشاء ويفعل ما يريد. قال الله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ} [المائدة: 90].
وقال سبحانه: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا} [الأحزاب: 36].
وقال سبحانه وتعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء:65].
وأما الحكمة في تحريمه فإن العاقل يرى في ذلك أسبابا كثيرة منها:
1 -
القمار من أكل أموال الناس بالباطل، قال سبحانه وتعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ} [النساء:29]. فالكسب والخسارة في القمار لا يقوم على تبادل المنافع بالطرق المشروعة، بل يقوم على المخاطرة والمصادفة والحظ وترك العمل والجد، وأخذ المال بلا مقابل.
2 -
القمار يورث العداوة والبغضاء بين المتلاعبين، وذلك أن القمار سبب في سلب الأموال بلا مقابل؛ وذلك أن الإنسان إذا غلب في القمار دعاه ذلك إلى الدخول فيه مرة أخرى طمعًا في تعويض خسارته، وقد يتفق ألا يحصل له ما أراد، بل تزداد خسارته، وتتفاقم مشاكله وما يزال يدخل في ذلك مرة بعد مرة
طمعًا في التعويض حتى يصل إلى حال لا يبقى معه شيء من المال، فيصير معدمًا، ينظر إلى أولئك الناس الذين كانوا سببًا في خسارته وسلب أمواله بلا مقابل على أنهم من ألد أعدائه، فظهر بذلك أن القمار سبب عظيم في إثارة العداوة والبغضاء بين الناس.
3 -
القمار يصد عن ذكر الله وعن الصلاة بنص القرآن، فإذا كان الإنسان مأمورًا إذا سمع النداء يوم الجمعة أن يسعى لذكر الله ويذر البيع المباح، فكيف إذا كان الشاغل عن ذكر الله وعن الصلاة أمرًا محرمًا كالقمار.
4 -
القمار أداة لهدم البيوت العامرة، وفقد الأموال في وجوه محرمة، وافتقار العوائل الغنية، وإذلال النفوس العزيزة.
كم من بيوت افتقرت بسبب القمار، وكم من بطون جاعت وأجسام عريت أو لبست الأسمال وكم من زواج فشل، ووظيفة ضاعت؛ لأن صاحبها اختلس ليقامر، وكم من رجل باع دينه وعِرضه على مائدة القمار، فالقمار يدمر كل شيء وهو إن كان هدفه المال ولكنه يشمل الخمر والتدخين ورفاق السوء والظلام والغموض والغش والكراهية والتربص والاختلاس وكل صفات الشر
(1)
.
* * *
(1)
انظر قضايا اللهو والترفيه (ص: 388).