الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن البادي، ويبيع الطعام له، ويغالي السعر.
وهذا له صورتان:
الصورة الأولى: أن يصير الحاضر سمسارًا للبادي البائع.
الصورة الثانية: أن يبيع له بالتدريج أي بالتجزئة كوكيل، شيئًا فشيئًا، بدلًا من بيعه جملة.
قال العيني: «صورة البيع للبادي، أن يقدم غريب من البادية بمتاع ليبيعه بسعر يومه، فيقول له بلدي: اتركه عندي؛ لأبيعه لك على التدريج بأغلى منه
…
»
(1)
.
ويؤيد هذا قوله في الحديث: «دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض» .
ولأن الفعل عدي باللام، فقال:(لا يبع حاضر لباد) ولم يعد بمن.
ونوقش هذا:
بأنه ليس من بيع الحاضر للبادي بيع الدلال اليوم؛ لأن الدلال إنما هو لإشهار السلعة فقط، والعقد عليها إنما يتولاه ربها، وبيع الحاضر: إنما هو أن يتولى الحاضر العقد، أو يقف مع رب السلعة ليزهده في البيع، ويعلمه أن السلعة لم تبلغ ثمنها، ونحو ذلك، والدلال على العكس؛ لأن له رغبة في البيع
(2)
.
ويجاب:
بأن الدلال، وإن كان له رغبة في البيع، إلا أنه حريص على أن يبيع بثمن
(1)
عمدة القارئ (11/ 258)، الفتاوى الهندية (3/ 211)، إحكام الأحكام (2/ 114).
(2)
مواهب الجليل (4/ 378).
أغلى؛ لأنه كلما زاد سعر السلعة زادت أجرة السمسرة، هذا من جهة، والقول بأن السمسرة لا تدخل في الحديث لأن العاقد في نهاية الأمر هو البادي، وليس الحاضر، إنما هو تحكيم لظاهر اللفظ دون النظر إلى المعنى، وذلك لأن السمسرة وإن كانت لإشهار السلعة، فإن الإشهار سبب لارتفاع قيمتها، ولم يكن النهي لمجرد أن يكون الإيجاب والقبول في نهاية الأمر صادرًا من الحضري كوكيل، أو من البدوي كأصيل، فإن هذا لا يختلف في المعنى ما دام أن الحضري، هو سبب ارتفاع قيمة السلعة، وهو الذي يعرض على البدوي القبول المعروض من جماعة المشترين، والله أعلم.
ثم إن البائع حقيقة هو الموكل؛ لأن الوكيل نائبه.
* * *