الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الراجح:
القول بأن الحكرة تجري في كل ما يضر بالناس، وذلك أن التحريم من باب دفع الضرر عن السوق والمستهلك، فما كان في احتكاره ضرر على السوق، أو على المستهلكين في رفع الأسعار عليهم حرم تعاطي ذلك، بل إن حماية السوق أهم من حماية الأفراد، وذلك أن الشارع نهى عن تلقي الجلب حماية للبائع، ولما كان النفع راجعًا إلى السوق نهى أن يبيع الحاضر للبادي، وكان المقصود نفع السوق، وإن تضرر البادي.
وقد تطورت عملية الاحتكار في هذا العصر، حتى أصبحت الشركات الصناعية، والتجارية تقوم باعتماد وكالات لها في مختلف الأسواق، ولا يكون البيع والشراء إلا من خلالها، بل إن بعض الدول تقوم باقتطاع نسبة معينة من الرسوم الجمركية (المكوس) التي تفرض على السلع المستوردة عن غير طريق الوكالة لصالح هذه الوكالة المحتكرة حماية لها.
وقد أشار ابن القيم رحمه الله إلى حرمة مثل هذا النوع من الاحتكار:
(1)
.
وقال أيضًا: «ومن أقبح الظلم إيجار الحانوت على الطريق، أو في القرية بأجرة معينة على ألا يبيع أحد غيره، فهذا ظلم حرام على المؤجر،
(1)
الطرق الحكمية (ص: 356).
والمستأجر، وهو نوع من أخذ أموال الناس قهرًا، وأكلها بالباطل، وفاعله قد تحجر واسعًا، فيخاف عليه أن يحجر الله عنه رحمته، كما حجر على الناس فضله، ورزقه»
(1)
.
وقال ابن تيمية: «ومن ضمن مكانا ليبيع فيه ويشتري وحده، كره الشراء منه بلا حق
(2)
ويحرم عليه أخذ زيادة بلا حق»
(3)
.
(4)
.
وجاء في البيان والتحصيل: «وسئل عن قوم يجتمعون في البيع، يقولون: لا نزيد على كذا وكذا، فقال: لا والله، ما هذا بحسن.
قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قال؛ لأن تواطؤهم على ذلك إفساد على البائع، وإضرار به في سلعته
…
»
(5)
.
كما تكلم ابن القيم عن احتكار العمل.
قال ابن القيم: «منع غير واحد من العلماء كأبي حنيفة وأصحابه القسامين
(1)
المرجع السابق، الصفحة نفسها.
(2)
لعلها (بلا حاجة)، ثم وجدت في كتاب الإنصاف (4/ 339):«ومن ضمن مكانًا ليبيع فيه، ويشتري وحده، كره الشراء منه بلا حاجة، ويحرم عليه أخذ زيادة بلا حق، ذكره الشيخ تقي الدين» . وانظر المبدع (4/ 48).
(3)
الفتاوى الكبرى (4/ 470).
(4)
مجموع الفتاوى (29/ 304).
(5)
البيان والتحصيل (7/ 367).
الذين يقسمون العقار وغيره بالأجرة، أن يشتركوا، فإنهم إذا اشتركوا، والناس يحتاجون إليهم أغلوا عليهم الأجرة.
قلت - القائل ابن القيم -: وكذلك ينبغي لولي الحسبة أن يمنع مغسلي الموتى، والحمالين لهم من الاشتراك، لما في ذلك من إغلاء الأجرة عليهم، وكذلك اشتراك كل طائفة يحتاج الناس إلى منافعهم، كالشهود، والدلالين وغيرهم
…
»
(1)
.
* * *
(1)
الطرق الحكمية (ص: 358).