الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأقساط التأمين التي يدفعها المؤمن، في مقابل العوض الذي يلتزم به المعقول عنه، وهو التركة.
قال الشيخ علي الخفيف: هو أشبه العقود بعقد التأمين، وقد قال به بعض كبار الصحابة مثل ابن عباس، وابن مسعود، وابن عمر، وبه أخذ الحنفية
(1)
.
يقول الشيخ أحمد السنوسي: «عقد الموالاة يكون نصًا صريحًا في التأمين من المسؤولية.
قال الزرقاء تعليقًا على هذا: من غريب المصادفة، أني كنت منذ زمن طويل أرى في عقد الموالاة هذه الدلالة على جواز عقد التأمين، وقد سجلتها في كتابي المدخل الفقهي العام» عند ذكري عقد الموالاة بين العقود المسماة المعروفة في الفقه الإسلامي، وكنت مترددًا في صحة ملاحظتي لهذه الدلالة، حتى رأيت فيما بعد مقالة الأستاذ السنوسي التي تحط على الملاحظة نفسها ببسط وتفصيل، وبتاريخ أسبق من تاريخ الطبعة التي سجلت فيها ملاحظتي في عقد الموالاة، قبل أن أطلع على مقالته المذكورة، فعجبت من التوارد في الخواطر بيني وبينه، ورأيت في هذا التوارد دليلًا على صحة الملاحظة»
(2)
.
ورد هذا الاستدلال:
بأن قياس عقود التأمين على ولاء الموالاة عند من يقول به غير صحيح، فإنه قياس مع الفارق، ومن الفروق بينهما أن عقود التأمين هدفها الربح المادي المشوب بالغرر، والقمار، وفاحش الجهالة، بخلاف عقد ولاء الموالاة فالقصد
(1)
المبسوط (3/ 43).
(2)
نظام التأمين للزرقاء (ص: 57، 58) وانظر المعاملات المالية المعاصرة للدكتور محمد عثمان شبير (ص: 125).
الأول فيه: التآخي في الإسلام، والتناصر، والتعاون في الشدة، والرخاء، وسائر الأحوال، وما يكون من كسب مادي فالقصد إليه بالتبع.
ولأن كثيرًا من العلماء يرى أن التوريث بعقد الموالاة منسوخ.
وكنت أتمنى ألا يقاس عقد التأمين على غيره من العقود، فليست الإباحة محصورة في العقود القديمة، ولا ما نع أن يحدث المسلمون من العقود والشروط والمعاملات ما لم يكن له مثال سابق، ما دام أن القول بها لا يترتب عليه محذور شرعي، وهذا هو ما يتمشى مع صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان، وقيامها بمصالح الخلق في المعاش، والمعاد، ولأن المعترض سيوجد فرقًا بين المقيس والمقيس عليه، مهما كان هذا الفرق، ثم يرتد هذا على حكم التأمين، فالتأمين عقد مستحدث على غير مثال سابق، وإباحته لا تستلزم أن يكون له مثال سابق، إلا عند من يرى أن الأصل في العقود التحريم، حتى يأتي دليل على إباحتها، وهو قول ضعيف جدًا، وأما من يرى أن الأصل في العقود الجواز والصحة حتى يقوم دليل صحيح صريح على التحريم فلا يتكلف قياس عقد التأمين على غيره من العقود، وهذا يطرح عنك تكلفًا كثيرًا في الاستدلال على جواز التأمين، والله أعلم.
(1)
.
(1)
الغرر وأثره في العقود في الفقه الإسلامي (ص: 646).