الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني
البيوع المنهي عنها دفعًا للضرر عن المسلم
الفرع الأول
البيع على بيع المسلم والشراء على شرائه
المسألة الأولى
الأحاديث الواردة في الباب
[م - 362] وردت أحاديث في النهي عن بيع المسلم على بيع أخيه والشراء على شرائه من ذلك:
(ح-290) ما رواه البخاري من طريق مالك، عن نافع،
عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يبيع بعضكم على بيع بعض
(1)
.
(ح-291) ومنها ما رواه البخاري ومسلم من طريق أبي الزناد، عن الأعرج،
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لا تلقوا الركبان، ولا يبع بعضكم على بيع بعض
…
الحديث
(2)
.
(ح-292) ومنها ما رواه البخاري من طريق سعيد بن المسيب،
أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: لا يبتع المرء على بيع أخيه، ولا تناجشوا، ولا يبع حاضر لباد
(3)
.
(1)
البخاري (2139)، ومسلم (1412).
(2)
البخاري (2150)، ومسلم (1515).
(3)
البخاري (2160)، ومسلم (52 - 1413).
ورواه البخاري ومسلم من طريق عدي بن ثابت، عن أبي حازم،
عن أبي هريرة، وفيه:«وأن يستام الرجل على سوم أخيه»
(1)
.
(ح-293) وروى مسلم من طريق العلاء، عن أبيه،
عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يسم المسلم على سوم أخيه
(2)
.
(ح-294) وروى مسلم من طريق هشام، عن محمد بن سيرين.
عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: ولا يسوم على سوم أخيه.
(ح-295) وروى مسلم من طريق يزيد بن أبي حبيب، عن عبد الرحمن ابن شماسة،
أنه سمع عقبة بن عامر على المنبر يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المؤمن أخو المؤمن، فلا يحل للمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه حتى يذر
(3)
.
(ح-296) وروى مسلم من طريق العلاء، عن أبيه،
عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تهجروا، ولا تدابروا، ولا تحسسوا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانًا
(4)
.
والنهي عن البيع على بيع أخيه إنما نهي عنه من أجل الضرر.
جاء في قواعد الأحكام: «النهي عن البيع على بيع الأخ، مع توافر الشروط والأركان، ليس النهي من جهة المعنى عن البيع، وإنما هو نهي عن الإضرار المقترن بالبيع»
(5)
.
(1)
البخاري (2727)، ومسلم (1515).
(2)
مسلم (9 - 1515).
(3)
رواه مسلم (1414).
(4)
مسلم (2563).
(5)
قواعد الأحكام في مصالح الأنام (2/ 26).
وبيع الرجل على الرجل:: وهو أن يقول لمن اشترى سلعة بعشرة: أنا أعطيك مثلها بتسعة.
وشراء الرجل على شراء أخيه: وهو أن يقول لمن باع سلعة بتسعة: عندي فيها عشرة.
وأما السوم، فصورته: أن يأخذ المشتري شيئًا ليشتريه، فيقول له: ذره لأبيعك خيرًا منه بثمنه، أو مثله بأرخص. أو يقول للمالك: استرده لأشتريه منك بأكثر.
[م-363] واختلف العلماء في البيع، والسوم، هل هما شيء واحد، أو هما شيئان مختلفان:
قال في الفواكه الدواني: «اختلف الناس
…
فمنهم من فهم أن السوم والبيع شيء واحد، وهو الزيادة في الثمن على عطاء الغير.
ومنهم من فهم أنهما شيئان، فالسوم الزيادة في الثمن، والبيع متعلق بالمثمن: الذي هو السلعة .. »
(1)
.
وفسر مالك النهي عن البيع بالنهي عن السوم «قال مالك: وتفسير قول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما نرى، والله أعلم: «لا يبع بعضكم على بيع بعض» أنه إنما نهى أن يسوم الرجل على سوم أخيه
…
»
(2)
.
ففسر مالك النهي عن البيع بالنهي عن السوم.
ويؤيد أن السوم والبيع شيء واحد، أنه لم يرد اللفظان في حديث واحد، بل الحديث الواحد تارة يأتي بلفظ: لا يبيع بعضكم على بيع بعض، وتارة: لا
(1)
الفواكه الدواني (2/ 108).
(2)
الموطأ (2/ 683)، الاستذكار (21/ 66).
يستام المسلم على سوم أخيه، إلا ما رواه مسلم قال: حدثني عمرو الناقد، وزهير ابن حرب، وابن أبي عمر، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يبيع حاضر لباد، أو يتناجشوا، أو يخطب الرجل على خطبة أخيه، أو يبيع على بيع أخيه
…
الحديث وزاد عمرو الناقد في روايته: ولا يسم الرجل على سوم أخيه
(1)
.
وقد انتقد البيهقي الجمع بين لفظ البيع ولفظ السوم في الحديث، فقال:
«وهذا الحديث حديث واحد، واختلف الرواة في لفظه؛ لأن الذي رواه على أحد هذه الألفاظ الثلاثة من البيع، والسوم والاستيام، لم يذكر معه شيئًا من اللفظين الأخريين، إلا في رواية شاذة ذكرها مسلم بن الحجاج، عن عمرو الناقد، عن سفيان، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة، ذكر فيها لفظ البيع والسوم جميعًا، وأكثر الرواة لم يذكروا عن ابن عيينة فيه لفظ السوم، فإما أن يكون معنى ما رواه ابن المسيب، عن أبي هريرة، ما فسره غيره من السوم والاستيام، وإما أن ترجح رواية ابن المسيب على رواية غيره، فإنه أحفظهم، وأفقههم، ومعه من أصحاب أبي هريرة، عبد الرحمن الأعرج، وأبو سعيد مولى عامر بن كريب، وعبد الرحمن بن يعقوب في بعض الروايات، عن العلاء، عنه، وبأن روايته توافق رواية عبد الله بن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم
(2)
.
فإن قلنا: اللفظ واحد، فهي رواية بالمعنى، وإن قلنا: لما اختلف اللفظ ينبغي أن يختلف المعنى، فالبيع غير السوم، قلنا: لا فرق بين النهي عن البيع على بيع أخيه، والنهي عن السوم على سوم أخيه، من جهة الضرر الحاصل،
(1)
مسلم (51 - 1413).
(2)
سنن البيهقي (5/ 346).
والعداوة الناتجة من هذا التصرف، إلا أنه يستثنى منه بيع المزايدة، فيجوز السوم على سوم أخيه فيها بالإجماع، حكى الإجماع فيه ابن عبد البر
(1)
.
(ث-45) وروى ابن أبي شيبة، قال: حدثنا وكيع، عن حزام بن هشام الخزاعي، عن أبيه، قال:
شهدت عمر بن الخطاب باع إبلًا من إبل الصدقة فيمن يزيد
(2)
.
[إسناده حسن إن شاء الله تعالى]
(3)
.
وعمر بن الخطاب له سنة متبعة، وقد أمرنا باتباع سنته؛ لأنه خليفة راشد، وإذا جاز بيع إبل الصدقة في المزاد جاز بيع غيرها لعدم الفرق.
(ح-297) وروى أحمد، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن الأخضر بن عجلان، حدثني أبو بكر الحنفي،
عن أنس بن مالك، أن رجلًا من الأنصار أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فشكا إليه الحاجة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما عندك شيء. فأتاه بحلس وقدح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من يشتري هذا. فقال رجل: أنا آخذهما بدرهم، قال: من يزيد على درهم، فسكت القوم، فقال: من يزيد على درهم، فقال رجل: أنا آخذهما بدرهمين. قال: هما لك، ثم قال: إن المسألة لا تحل إلا لإحدى ثلاث، ذي دم موجع، أو غرم مفضع، أو فقر مدقع
(4)
.
[إسناده ضعيف]
(5)
.
(1)
التمهيد (18/ 191)، طرح التثريب (6/ 64).
(2)
المصنف (20201).
(3)
سيأتي تخريجه، انظر (ث 47).
(4)
المسند (3/ 114).
(5)
سيأتي تخريجه، انظر (ح 307).
(ث-46) وروى البخاري في صحيحه معلقًا، قال: قال عطاء: أدركت الناس لا يرون بأسًا ببيع المغانم فيمن يزيد
(1)
.
[إسناده صحيح]
(2)
.
وهذا الأثر لا يدل على حصر بيع المزاد في المغانم فقط، وإنما فيه التصريح ببيع المغانم في المزاد، وهو لا ينفي بيع المزاد في غيرها، ولذلك جاء بيع المواريث في المزاد
قال ابن العربي: «لا معنى لاختصاص الجواز بالغنيمة والميراث، فإن الباب واحد، والمعنى مشترك»
(3)
.
وقال ابن حجر: «وكأنه خرج على الغالب فيما يعتاد فيه البيع مزايدة، وهي الغنائم والمواريث، ويلتحق بهما غيرهما للاشتراك في الحكم»
(4)
.
* * *
(1)
صحيح البخاري، (59) باب بيع المزايدة.
(2)
سيأتي تخريجه، انظر (ث 48).
(3)
فتح الباري (4/ 354).
(4)
المرجع السابق.