الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثالثة
الحكم الوضعي للبيع الذي وقع فيه غش
قال أبو بكر بن العربي: متى كان المنع لحق الله تعبدًا فسخ البيع إجماعًا، ومتى كان لحق الآدمي كالعيب والغش فله الخيار، ومتى كان لحق الله ولحق الآدمي فعند كافة العلماء أنه يفسخ
(1)
.
[م-375] تكلمنا في الفصل السابق عن الحكم التكليفي للغش، وبينا أن العلماء مجمعون على تحريمه، ونعرض في هذا الفصل الحكم الوضعي لهذا البيع.
والغش إن كان عن طريق تلقي الركبان، أو النجش، أو التصرية، أو الغبن الفاحش فقد سبق بحث الحكم الوضعي لهذه المسائل، فأغنى عن إعادته هنا.
وإن كان الغش عن طريق خلط المبيع بغيره، فإن كان المشتري يعلم قدر الغش الذي فيه، ويدخل في البيع على بينة، فهذا بيعه جائز، لأن المبيع وإن كان مغشوشًا، إلا أن البائع لم يتعرض للغش فيه، لكونه علم مقدار ذلك.
وإن كان المغشوش لا يعلم مقداره، كاللبن إذا خلط بالماء مثلًا، فهذا لا يجوز بيعه، حتى ولو علم بذلك المشتري؛ لأن المشتري لا يعلم مقدار الخلط، فيبقى المبيع مجهولًا، وهو غرر.
قال ابن تيمية: «بيع المغشوش الذي يعرف قدر غشه: إذا عرف المشتري بذلك، ولم يدلسه على غيره جائز، كالمعاملة بدراهمنا المغشوشة.
(1)
القبس (2/ 851).
وأما إذا كان قدره مجهولًا، كاللبن الذي يخلط بالماء ولا يقدر قدر الماء، فهذا منهي عنه وإن علم المشتري أنه مغشوش
…
»
(1)
.
(2)
.
[م -376] وأما إذا كان المبيع معيبًا، وكتمه البائع، ولم يطلع عليه المشتري، فقد اختلف العلماء في صحة هذا البيع،
فقيل: البيع صحيح، والعقد لازم من جهة البائع، وغير لازم من جهة المشتري. وهذا مذهب الحنفية
(3)
، والمالكية
(4)
، والشافعية
(5)
، والحنابلة
(6)
.
وقيل: البيع باطل، وهذا قول الظاهرية
(7)
، واختاره بعض الحنابلة
(8)
.
(1)
مجموع الفتاوى (29/ 361)، الفتاوى الكبرى (4/ 193).
(2)
مجموع الفتاوى (29/ 362).
(3)
بدائع الصنائع (5/ 273) وما بعدها، البحر الرائق (6/ 38)، المجلة مادة (336)، الهداية شرح البداية (3/ 35).
(4)
الاستذكار (21/ 88)، حاشية الدسوقي (3/ 119)، القوانين الفقهية (ص: 176)، الكافي لابن عبد البر (ص: 347)، شرح الزرقاني على الموطأ (3/ 429)، مواهب الجليل (4/ 438).
(5)
الأم (7/ 98)، المهذب (1/ 284)، حاشيتا قليوبي وعميرة (2/ 244 - 245)، أسنى المطالب (2/ 60)، إعانة الطالبين (3/ 30)، التنبيه (ص: 94)، الوسيط (3/ 122)، مغني المحتاج (2/ 50).
(6)
الإنصاف (4/ 404)، الكافي في فقه الإمام أحمد (2/ 80)، المبدع (4/ 81).
(7)
ذكر ذلك السبكي في تكملة المجموع (12/ 113).
(8)
الإنصاف (4/ 404).