الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحكم الإجارة حكم البيع، يجوز تقديم العربون فيه؛ لأن الإجارة تعتبر بيعًا للمنافع مدة معلومة.
الشرط الثاني:
أن يكون الخيار للمشتري في مدة معلومة على الصحيح، اختاره بعض الحنابلة
(1)
.
لأن الخيار إذا كان مجهول المدة لا يصح، كما لو اشترط أن له رد البيع متى شاء من غير ذكر أجل معين.
وقيل: إن بيع العربون صحيح سواء وقت أو لم يوقت؛ وهو الصحيح من مذهب الحنابلة؛ لأنهم رأوا أن جوازه على خلاف القياس، ولأن النصوص الواردة في جوازه مطلقة من غير تقييده بمدة معلومة. والصحيح الأول.
وقد اعتقد الصديق الضرير أن القول بأن تقييد الرد في بيع العربون بمدة محددة ليس قولًا في الفقه الإسلامي.
يقول وفقه الله: «الرأي الذي يتحدث عن بيع العربون: المدة فيه محددة، لا يتحدث عن بيع العربون في الفقه الإسلامي، هذا رأي من عنده»
(2)
.
وهذا القول غير دقيق:
أولًا: قد اختار جماعة من الحنابلة القول بتحديد المدة، وهم يحسبون على الفقه الإسلامي.
قال في الإنصاف: «وهو - يعني العربون - أن يشتري شيئًا، ويعطي البائع
(1)
الإنصاف (4/ 358)، مطالب أولي النهى (3/ 78).
(2)
مجلة مجمع الفقه الإسلامي (8/ 1/ص: 752).
درهمًا، ويقول: إن أخذته، وإلا فالدرهم لك. الصحيح من المذهب: أن هذه صفة بيع العربون، ذكره الأصحاب، سواء وقت، أو لم يوقت، جزم به في المغني، والشرح، والمستوعب، وغيرهم، وقدمه في الفروع.
وقيل: العربون أن يقول: إن أخذت المبيع، وجئت بالباقي وقت كذا، وإلا فهو لك، جزم به في الرعايتين، والحاويين، والفائق»
(1)
.
(2)
.
وعليه فهناك جماعة من فقهاء الحنابلة يرون وجوب تحديد المدة في الخيار للمشتري في بيع العربون.
ثانيًا: أن القول بتحديد المدة ثابت عن ابن سيرين رضي الله عنه، وهو ممن يرى جواز بيع العربون.
(ث-73) روى ابن أبي شيبة، قال: حدثنا يزيد، عن هشام.
عن ابن سيرين، أنه كان لا يرى بأسًا أن يعطي الرجل العربون الملاح أو غيره، فيقول: إن جئت به إلى كذا وكذا، وإلا فهو لك
(3)
.
[إسناده صحيح]
(4)
.
(1)
الإنصاف (4/ 358).
(2)
مطالب أولي النهى (3/ 78).
(3)
المصنف (5/ 7).
(4)
هشام من أثبت الناس في ابن سيرين، ويزيد هو ابن هارون ..
ثالثًا: لو سلمنا أنه لا يوجد فقهاء مطلقًا لا عند الحنابلة ولا عند غيرهم يقولون بتحديد المدة، فإن المشهور من مذهب الحنابلة أن بيع العربون صحيح، ولو كان مؤقتًا.
فالمرداوي وهو يقدم الصحيح من مذهب الحنابلة يرى أن صفة بيع العربون صحيحة، سواء وقت، أو لم يوقت.
فإذا أخذ الفقيه في بيع العربون في حال كون الخيار مؤقتًا فهو صحيح بموجب النص عن المذهب، لأنهم يقولون بصحته إذا وقت، وبصحته إذا لم يوقت، وبالتالي لا يكون الاختيار في حال التوقيت خروجًا عن المذهب، ولم يكن انتحالًا لقول جديد؛ لأن القول بعمومه يشمل المؤقت وغير المؤقت، نعم يعتبر بدعًا من القول لو كان الحنابلة يشترطون عدم التوقيت، أما إذا كان القول يشمل الحالتين، وأخذ فقيه بأحدهما لم يخرج عن الفقه الإسلامي.
رابعًا: على القول بأن الأجل في بيع العربون غير محدد من جهة النصوص الواردة في بيع العربون، فإن ترك التعرض له لا يعني عدم اعتبار الأجل فيه، فإن كل شيء يجب أن يكون محددًا، وإذا لم يذكر الأجل في العقد كان مرجع ذلك إلى عرف الناس.
وسيأتي مزيد بحث في هذه المسألة إن شاء الله تعالى عند بحث حكم العربون.
* * *