الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثانية
الحكم التكليفي للبيع على بيع أخيه والشراء على شرائه
[م -364] ذهب الأئمة الأربعة إلى تحريم بيع المسلم على بيع أخيه، وشرائه على شرائه، وكذلك سومه على سومه
(1)
. بشروط، منها:
الشرط الأول:
أن يكون البيع على بيع أخيه والشراء على شرائه بعد أن يتراضى المتبايعان على البيع، أما قبل أن يتراضيا البيع فلا يحرم.
قال في فتح القدير: «وشرطه: وهو أن يتراضيا بثمن، ويقع الركون به، فيجيء آخر، فيدفع للمالك أكثر، أو مثله، غير أنه رجل وجيه، فيبيعه منه لوجاهته»
(2)
.
وقال الطحاوي: «إن كان المساوم أو الخاطب قد ركن إليه فلا يحل لأحد أن يسوم على سومه ولا يخطب على خطبته حتى يترك .... فأما من ساوم رجلًا بشيء أو خطب إليه امرأة، هو وليها فلم يركن إليه فمباح لغيره من الناس أن يسوم بما ساوم به ويخطب بما خطب
…
ثم قال: وهذا
(1)
فتح القدير (6/ 477) وعبر بالكراهة، ثم بين في (6/ 479) أن الكراهة تحريمية، حاشية ابن عابدين (5/ 102)، البحر الرائق (6/ 107)، المبسوط (15/ 75)، بدائع الصنائع (5/ 232)، التمهيد (13/ 318)، الفواكه الدواني (2/ 108)، معالم القربة في معالم الحسبة (ص: 132)، طرح التثريب (6/ 69)، الإنصاف (4/ 331)، المغني (4/ 149).
(2)
فتح القدير (6/ 477).
المعنى .... فيما أبحنا فيه من السوم والخطبة، وفيما منعنا فيه من السوم والخطبة، هو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد»
(1)
.
وقال ابن عبد البر: «قال مالك في تفسير قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يبع بعضكم على بيع بعض، فيما نرى والله أعلم أنه إنما نهى أن يسوم الرجل على سوم أخيه إذا ركن البائع إلى السائم، وجعل يشترط وزن الذهب ويتبرأ من العيوب، وما أشبه هذا مما يعرف به أن البائع قد أراد مبايعة السائم، فذلك الذي نهى عنه، والله أعلم.
قال مالك: ولا بأس بالسوم بالسلعة توقف للبيع، فيسوم بها غير واحد، قال: ولو ترك الناس السوم عند أول من يسوم بالسلعة أخذت بشبه الباطل من الثمن، ودخل على الباعة في سلعهم المكروه والضرر، قال: ولم يزل الأمر عندنا على هذا.
قال أبو عمر (ابن عبد البر): أقوال الفقهاء كلهم في هذا الباب متقاربة المعنى، وكلهم قد أجمعوا على جواز البيع فيمن يزيد»
(2)
.
وفسر صاحب الفواكه الدواني الركون للبيع: بأن مال البائع إلى البيع، ومال المشتري إلى الشراء، بحيث لم يبق بينهما إلا الإيجاب والقبول باللفظ، فحينئذ لا يجوز لأحد أن يزيد على عطاء ذلك المشتري، أو يعرض له سلعة أخرى يرغبه فيها حتى يعرض عن الأولى، وهذا التقييد من تفسير الراسخين، وبيان
(1)
شرح معاني الآثار (3/ 4 - 7).
(2)
التمهيد (18/ 191)، وقد حررت الخلاف مع ذكر الأدلة في خلاف العلماء في بيع المزايدة في فصل مستقل، فارجع إليه غير مأمور.
المتفقهين .... وإنما صرح المصنف بذلك، وإن فهم من التقييد ردًا على من كره التزايد في السلعة مطلقًا مخافة الوقوع في النهي المذكور .... »
(1)
.
وعبر الشافعية عن هذا القيد بالتحريم عند استقرار ا لثمن، وحصول الرضا بين المتساومين.
قال ابن دقيق العيد: «وللتحريم في ذلك عند أصحاب الشافعي شرطان:
أحدهما: استقرار الثمن، فأما ما يباع فيمن يزيد، فللطالب أن يزيد على الطالب، ويدخل عليه.
والثاني: أن يحصل التراضي بين المتساومين صريحًا، فإن وجد ما يدل على الرضا من غير تصريح فوجهان، وليس السكوت بمجرده من دلائل الرضا عند الأكثرين منهم»
(2)
.
وقال ابن قدامة: «روى مسلم عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «لا يسم الرجل على سوم أخيه» ولا يخلو من أربعة أقسام: أحدها أن يوجد من البائع تصريح بالرضا بالبيع فهذا يحرم السوم على غير ذلك المشتري وهو الذي تناوله النهي. الثاني أن يظهر منه ما يدل على عدم الرضا فلا يحرم السوم; لأن النبي صلى الله عليه وسلم باع في من يزيد
…
»
(3)
.
(1)
الفواكه الدواني (2/ 108).
(2)
إحكام الأحكام (2/ 113).
(3)
المغني (4/ 149)، وحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم باع فيمن يزيد، سبق تخريجه في بيع المزايدة.