الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل الخامس:
الأصل في الشروط الصحة والجواز، ولا يبطل منها إلا ما دل الدليل على بطلانه، أو كان في التزام الشرط يؤدي إلى الوقوع في محذور شرعي من غرر، أو ظلم، أو أكل لأموال الناس بالباطل، وتعليق العقود لم يقم دليل في النهي عنه، ولم يكن في التزامه ما يؤدي إلى الوقوع في محذور شرعي، بل إن فيه مصلحة راجحة، فمثله لا يمكن أن ينهى الشارع عنه؛ لأن الشريعة جاءت في اعتبار مصالح العباد، والنهي عما يضر بها.
الراجح من الخلاف:
بعد استعراض أدلة كلا الفريقين أجد أن القول بالجواز هو القول الصواب، وهو الذي يتمشى مع القاعدة التي رجحناها في الشروط والعقود: أن الأصل في الشروط والعقود الصحة والجواز.
بل إن المانعين للتعليق قد استثنوا صورًا من تعليق البيع بالشرط، فما الفرق بين ما استثني وبين ما لم يستثن، فكان يلزمكم إما منع جميع صور التعاليق، أو القول بالجواز مطلقًا، وهو الحق.
* * *
الفرع الرابع
تعليق فسخ البيع على شرط
مثاله: لو قال البائع: بعتك هذه السلعة على أن تنقدني الثمن إلى ثلاثة أيام، أو مدة معينة، وإلا فلا بيع بيننا.
فهنا التعليق للفسخ، بخلاف ما لو قال: بعتك إن رضي أبي، فإنه تعليق للعقد، وليس للفسخ.
[م-423] اختلف العلماء في حكم البيع إذا علق الفسخ فيه على شرط.
فقيل: يصح البيع والشرط، فإذا مضت المدة ولم ينقده الثمن، انفسخ العقد، وهذا مذهب الحنفية
(1)
، والحنابلة
(2)
، وقول في مذهب الشافعية
(3)
.
وقيل: يصح البيع، ويبطل الشرط، وهذا مذهب المالكية
(4)
.
(1)
إلا أن أبا حنفية، ورواية عن أبي يوسف: اشترطوا أن تكون المدة ثلاثة أيام، خلافًا لمحمد ابن الحسن، ورواية عن أبي يوسف فقد وافقوا الحنابلة على عدم تحديد المدة بثلاثة أيام. انظر في مذهب الحنفية: المبسوط (13/ 17)، الهداية شرح البداية (3/ 28)، بدائع الصنائع (5/ 175). وقال في البحر الرائق (6/ 6):«ولو باع على أنه إن لم ينقد الثمن إلى ثلاثة أيام، فلا بيع صح، وإلى أربعة لا، أي لا يصح عندهما، وقال محمد: يجوز إلى ما سمياه ..... وما ذكره من أن أبا يوسف مع الإمام قوله الأول، وقد رجع عنه، والذي رجع إليه أنه مع محمد، كذا في غاية البيان .. » .
(2)
الإنصاف (4/ 358)، المبدع (4/ 60)، المغني (4/ 23)، كشاف القناع (3/ 196)، مطالب أولي النهى (3/ 73).
(3)
المجموع (9/ 230).
(4)
المدونة (4/ 166)، القوانين الفقهية (ص: 172)، التاج والإكليل (6/ 451)، هذا هو المشهور من مذهب مالك، وفي مذهب مالك قولان آخران: أحدهما: صحة البيع والشرط، والثاني: فسخ البيع، انظر حاشية الدسوقي (3/ 175 - 176)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير (3/ 232).