الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، ما بال رجال منكم يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله، فأيما شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط، فقضاء الله أحق، وشرط الله أوثق
…
»
(1)
.
وجه الاستدلال:
أن الرسول صلى الله عليه وسلم أبطل الشرط وحده، وأبقى على العقد صحيحًا، فدل على أن الشرط إذا كان مخالفًا للشرع صح البيع، وبطل الشرط.
والحنابلة أخذوا بهذا الحديث في باب المعاوضات وفي غيره، فقالوا: ببطلان الشرط وحده دون العقد، وقاسوا على اشتراط الولاء جميع الشروط التي تخالف مقتضى العقد، وذلك لأن العقود توجب مقتضياتها بالشرع، فاشتراط ما يخالف مقتضاها تغيير للمشروع.
مناقشة الحديث:
أشكل على المخالفين، كيف يصدر الإذن من النبي صلى الله عليه وسلم باشتراط شرط باطل في العقد، ويأمر به، وهو يعلم بطلانه، ولهذا وقفوا من الحديث أحد موقفين:
الموقف الأول:
الحكم بشذوذ لفظة (اشترطي لهم الولاء).
جاء في الفتح: «واستشكل صدور الإذن منه صلى الله عليه وسلم في البيع على شرط فاسد، واختلف العلماء في ذلك، فمنهم من أنكر الشرط في الحديث، فروى الخطابي في المعالم بسنده إلى يحيى بن أكثم، أنه أنكر ذلك، وعن الشافعي في الأم
(1)
البخاري (2563)، ومسلم (1504).
الإشارة إلى تضعيف رواية هشام المصرحة بالاشتراط، لكونه انفرد بها دون أصحاب أبيه، وروايات غيره قابلة للتأويل، وأشار غيره إلى أنه روى بالمعنى الذي وقع له، وليس كما ظن»
(1)
.
(2)
.
والحق أن هشامًا لم ينفرد بهذه اللفظة، بل رواها غيره، إلا أنه ما من راو رواها إلا وقد اختلف عليه في ذكرها، وأرى أن الأكثر على رواية (اشتريها، فأعتقيها، فإنما الولاء لمن أعتق) وهذا ليس فيه الإذن باشتراط الولاء لهم مع العلم بأن الوفاء به متعذر لحرمته
(3)
.
(1)
فتح الباري (5/ 190 - 191)، وقال ابن القيم في زاد المعاد (5/ 147): «ردها الشافعي ولم يثبتها، ولكن أصحاب الصحيحين وغيرهم أخرجوها، ولم يطعنوا فيها، ولم يعللها أحد سوى الشافعي فيما نعلم
…
».
وقد علمت أن يحيى بن أكثم قد أنكرها. وانظر شرح النووي على صحيح مسلم (10/ 140).
(2)
تلخيص الحبير (3/ 13) رقم: 1153.
(3)
الحديث يرويه عروة عن عائشة، واختلف على عروة فيه:
فرواه هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة بزيادة (خذيها واشترطي لهم الولاء).
وخالفه الزهري ويحيى بن سعيد وأبو الزبير، فرووه عن عروة بدون هذه الزيادة.
ورواه الأسود، عن عائشة ولم يأت ذكر لهذه الزيادة في كل من رواه من هذا الطريق إلا فيما رواه إسحاق بن راهوية، وإذا رواه غير إسحاق لم يأت ذكر لهذه اللفظة.
وأكثر الطرق عن القاسم بن محمد عن عائشة لا يذكر فيها هذه اللفظة، وألفاظ الصحيحين من طريق القاسم ليس فيها زيادة:(واشترطي لهم الولاء).
كما رواه ابن عمر عن عائشة في الصحيحين، ورواه أبو أيمن وعمرة عن عائشة في البخاري ولم يختلف عليهم في عدم ذكرها. هذا على سبيل الإجمال، وإليك تفصيل ما أجمل. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فقد جاء لفظ (اشترطي لهم الولاء) من عدة طرق:
الطريق الأول: عن عروة، واختلف عليه فيه:
فرواه هشام، عن أبيه، عن عائشة بذكر (واشترطي لهم الولاء)، وروايته في الصحيحين.
وخالفه كل من:
الأول: الزهري، كما في صحيح البخاري (2561) و (2717) ومسلم (1504)، فرواه عن عروة به، بلفظ:(ابتاعي فأعتقي، فإنما الولاء لمن أعتق).
الثاني: يحيى بن سعيد القطان، كما في سنن النسائي الكبرى (5018)، فرواه عن عروة به، بلفظ:(اشتريها، فأعتقيها، فإنما الولاء لمن أعتق).
الثالث: أبو الزبير، رواه عبد الرزاق (13008) أخبرنا ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير، أنه سمع عروة بن الزبير يقول: جاءت وليدة لبني هلال يقال لها: بريرة، تستعين عائشة في كتابتها ..... وفيه: لا يمنعك ذلك، إنما الولاء لمن أعتق.
هذا فيما يخص الاختلاف على عروة.
قال الطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 45): «في هذا - يعني قوله (واشترطي لهم الولاء) - اختلف هشام والزهري، فإن كان الذي يعتبر هو الضبط والحفظ، فيؤخذ بما روى أهله، ويترك ما روى الآخرون، فإن ما روى الزهري أولى؛ لأنه أتقن، وأضبط، وأحفظ من هشام، وإن كان الذي يعتبر في ذلك هو التأويل
…
» ثم ذكر وجه التأويل لما يراه.
قلت: وقد وافق الزهري كل من يحيى بن سعيد، وأبي الزبير، وهو مما يرجح روايتهم على رواية هشام.
الطريق الثاني ممن ذكر (واشترطي لهم الولاء) من غير طريق عروة.
رواه إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، واختلف على إبراهيم:
فرواه إسحاق بن راهوية في مسنده (1539) أخبرنا أبو معاوية، أخبرنا الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، وفيه:(اشترطي لهم الولاء، فإنما الولاء لمن أعتق). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأبو معاوية من أخص أصحاب الأعمش إلا أنه قد اختلف عليه فيه.
فرواه إسحاق، عن أبي معاوية كما سبق.
ورواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 43) حدثنا أبو بشر الرقي، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش به، وفيه:(اشتريها، فأعتقيها، فإنما الولاء لمن أعتق).
ورواه أبو يعلى في مسنده (4520) من طريق جرير، عن الأعمش به، وفيه:(أعتقيها، فإن الولاء لمن أعتق).
ورواه منصور عن إبراهيم، واختلف على منصور:
فرواه إسحاق في مسنده (1541) أخبرنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم به، وفيه:(اشترطي لهم الولاء).
ورواه البخاري (2536) حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير، عن منصور به، وفيه:(أعتقيها، فإن الولاء لمن أعطى الورق). ولم يذكر (اشترطي لهم الولاء).
كما رواه كل من سفيان، وأبي عوانة عن منصور بدون قوله:(واشترطي لهم الولاء).
رواه البخاري (6760) من طريق سفيان، عن منصور به، بلفظ:(الولاء لمن أعطى الورق وولي النعمة).
ورواه البخاري أيضًا (6754) وابن حبان في صحيحه (4271)، والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 223) من طريق أبي عوانة، عن منصور، به، بلفظ:(أعتقيها، فإنما الولاء لمن أعتق). وليس فيه (واشترطي لهم الولاء).
ورواه شعبة، عن الحكم، عن إبراهيم، واختلف على شعبة، فيه:
فرواه إسحاق بن راهوية (1540) حدثنا وهب بن جرير، نا شعبة، عن الحكم به، وفيه:(اشترطي لهم الولاء).
ورواه جماعة عن شعبة في الصحيحين وفي غيرهما ولم يذكروا فيه (واشترطي لهم الولاء).
فقد رواه البخاري (1493) عن آدم.
ورواه أيضًا (6751) عن حفص بن عمر.
ورواه أيضًا (6717) عن سليمان بن حرب.
ورواه أيضًا (5284) عن عبد الله بن رجاء،
ورواه مسلم (1504) من طريق محمد بن جعفر، ورواه غير مسلم، ولكن أكتفي بالصحيح عن غيره.
ورواه النسائي في المجتبى (2614) وفي الكبرى (2396) من طريق بهز بن أسد.
ورواه أيضًا في المجتبى (3450) وفي الكبرى (5643) من طريق عبد الرحمن بن مهدي.
ورواه الدارمي (2289) عن سهل بن حماد.
ورواه البيهقي في السنن الكبرى (7/ 223) من طريق أبي داود الطيالسي. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= تسعتهم عن شعبة، به، بلفظ:(أعتقيها، فإنما الولاء لمن أعتق). ولم يذكروا (اشترطي لهم الولاء).
والملاحظ أن طريق الأسود عن عائشة لم يذكر فيه (واشترطي لهم الولاء) إلا عند إسحاق ابن راهوية فقط دون غيره، سواء من طريق الأعمش، أو من طريق منصور، أو من طريق شعبة، فإذا روى الحديث إسحاق من هذه الطرق ذكر فيها لفظ (واشترطي لهم الولاء) وإذا رواها غيره تجدها متفقة على عدم ذكر (واشترطي لهم الولاء) وهي في الصحيحين أو في أحدهما فليتأمل، بل إن إسحاق لما روى الحديث من طريق القاسم بن محمد عن عائشة ذكر نفس لفظ هشام كما سيأتي تخريجه إن شاء الله تعالى، فليتأمله الباحث، وتتابع طرق إسحاق على تكرار هذه اللفظة مهما تعددت الطرق مما لا يوافقه فيه غيره يجعل الباحث يتوقف في قبول مثل ذلك، خاصة أن إسحاق رحمه الله ممن روى الحديث عن هشام، عن عروة، عن أبيه، فربما دخل لفظ هذا على هذا، والله أعلم.
الطريق الثالث: ممن ذكر لفظة (واشترطي لهم الولاء)
هشام بن عروة، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه (القاسم بن محمد) عن عائشة.
رواه أبو معاوية، عن هشام بن عروة، واختلف على أبي معاوية:
فرواه إسحاق بن راهوية في مسنده (968) قال: أخبرنا أبو معاوية، أخبرنا هشام بن عروة، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، قالت: كان في بريرة ثلاث قضيات، وفيه:(اشتريها، واشترطي لهم الولاء).
وهذا اللفظ موافق لرواية هشام بن عروة، عن أبيه. كما أنه يلاحظ أن إسحاق لا يروي الحديث إلا ويذكر هذه اللفظة مهما تعددت طرق الحديث، ولا أجد هذا في غيره.
وخالف أحمد بن حنبل في مسنده (6/ 45)، وزهير بن حرب، ومحمد بن العلاء عند مسلم، (1504) فرووه عن أبي معاوية، عن هشام به، وفيه (اشتريها وأعتقيها، فإنما الولاء لمن أعتق). ولم يذكر فيه (واشترطي لهم الولاء).
كما رواه البخاري (2578)، ومسلم (1504) من طريق شعبة، عن عبد الرحمن بن القاسم، بلفظ (أحمد وزهير بن محمد ومحمد بن العلاء) كما هي رواية الأكثر. وهذه مخالفة أخرى من إسحاق رحمه الله تؤكد ما أشرت إليه من أن إسحاق قد دخل عليه لفظ هشام عن أبيه بلفظ غيره. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ورواه مسلم (1504) من طريق سماك، عن عبد الرحمن بن القاسم به، وليس فيه (واشترطي لهم الولاء).
كما رواه أسامة بن زيد، عن القاسم بن محمد به، بلفظ (اشتريها، فأعتقيها، فإنما الولاء لمن أعتق). انظر مسند أحمد (6/ 180)، ومسند أبي يعلى (4436).
ورواه ربيعة بن أبي عبد الرحمن (فروخ) عن القاسم، واختلف على ربيعة:
فرواه البخاري (5430) من طريق إسماعيل بن جعفر، عن ربيعة، أنه سمع القاسم بن محمد يقول: كان في بريرة ثلاث سنن، أرادت عائشة أن تشتريها، فتعتقها، فقال أهلها: ولنا الولاء، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لو شئت شرطتيه لهم، فإنما الولاء لمن أعتق. وهذا اللفظ فيه متابعة لرواية هشام إلا أن إسماعيل بن جعفر قد خالفه من هو أوثق منه.
فقد خالفه مالك، ومحمد بن جعفر، وسفيان ويحيى بن سعيد، وسليمان بن بلال، فرووه عن ربيعة ولم يذكروا ما ذكره إسماعيل بن جعفر.
فقد رواه البخاري (5279) ومسلم (1504) من طريق مالك، عن ربيعة، بلفظ: كان في بريرة ثلاث سنن، إحدى السنن: أنها أعتقت، فخيرت في زوجها، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الولاء لمن أعتق
…
وذكر بقية الحديث.
ورواه أبو عوانة في مسنده (3/ 232) من طريق محمد بن جعفر وسفيان ويحيى بن سعيد فرقهم، عن ربيعة به بنحو رواية مالك عن ربيعة.
إلا أن سفيان اقتصر على قوله: (الولاء لمن أعتق).
ورواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 43) من طريق سليمان بن بلال، عن ربيعة به، بدون قوله (واشترطي لهم الولاء).
الطريق الرابع: ممن ذكر لفظة (واشترطي لهم الولاء).
ما رواه عبد الرزاق (7/ 249) رقم 13007، قال: أخبرنا ابن جريج، قال: سمعت ابن أبي مليكة، يقول: لما سامت عائشة بريرة، فقالت: أعتقها، فقالوا: وتشترطين لنا ولاءها، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فقالت ذلك له، فقال: نعم اشترطيه، فإن الولاء لمن أعتق.
وهذا رجاله ثقات، وهو موافق للفظ هشام.
الطريق الخامس: ممن ذكر لفظة (اشترطي لهم الولاء).
ما رواه النسائي في السنن الكبرى (5017) والطبراني في المعجم الكبير (24/ 204) =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= رقم: 525 من طريق يزيد بن الرومان، عن عروة، عن بريرة، وفيه ما ذكره هشام:(اشتريها، واشترطي لهم، فإن الولاء لمن أعتق). فجعله يزيد بن الرومان من مسند بريرة، وقد خالف فيه يزيد كل من الزهري، وهشام ويحيى بن سعيد، حيث رووه عن عروة، عن عائشة، فجعلوه من مسند عائشة، فأخشى أن يكون اللفظ هو لفظ هشام.
هذه خمسة طرق وقفت عليها كلها ذكرت: (واشترطي لهم الولاء) إلا أنه لا يذكرها أحد إلا ويختلف عليه فيها، والأكثر على عدم ذكرها. ورغبت في عدم التطويل، فالطريق الذي في الصحيحين لم أخرجه من غيرهما، وإن كنت قد وقفت عليه خارج الصحيح خشية أن يكون هناك زيادة في المتن يستدعي البحث الإشارة إليها مما يشهد للفظ هشام عن عروة، فإذا لم يكن فيه ما يعزز مثل هذا تجاهلته، مكتفيًا بالصحيحين.
وهناك من رواه عن عائشة، ولم يذكر فيه (واشترطي لهم الولاء) ولم يختلف عليه في ذلك، فمنهم:
الأول: ابن عمر، عن عائشة.
رواه البخاري (2169)، ومسلم (1504) من طريق نافع، عن ابن عمر، وفيه:(لا يمنعك ذلك، فإنما الولاء لمن أعتق).
قال ابن عبد البر في التمهيد (22/ 172): «وليس في شيء من أخبار بريرة أصح من هذا الإسناد، عن ابن عمر، وليس فيه اختلاف كما في حديث هشام، من اختلاف ألفاظه» .
وقال الشافعي كما الأم (8/ 74): «وأحسب أن حديث نافع أثبتها كلها، لأنه مسند، وأنه أشبه
…
».
الثاني: أبو أيمن، عن عائشة.
رواه البخاري (2726) و (2565) بلفظ: (اشتريها، فأعتقيها، وليشترطوا ما شاؤوا).
الثالث: عمرة، عن عائشة.
رواه البخاري (456) عنها، عن عائشة، وفيه:(ابتاعيها، فأعتقيها، فإنما الولاء لمن أعتق). وهؤلاء الثلاثة (ابن عمر، وعمرة، وأبو أيمن) لم يختلف عليهم في عدم ذكر (واشترطي لهم الولاء).
وقال الشافعي كما في سنن البيهقي (10/ 337): «حديث يحيى، عن عمرة، عن عائشة رضي الله عنها أثبت من حديث هشام، وأحسبه غلط في قوله:(واشترطي لهم الولاء)
…
».
وقال الشافعي أيضًا في الأم (8/ 74): «لعل هشامًا أو عروة حين سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= لا يمنعك ذلك، إنما رأى أنه أمرها أن تشترط لهم الولاء، فلم يقف من حفظه على ما وقف عليه ابن عمر رضي الله عنهما، والله أعلم، فالأحاديث الثلاثة متفقة فيما سوى هذا الحرف».
وقول الإمام: «الأحاديث الثلاثة» يعني: الطرق الثلاثة: طريق عمرة، عن عائشة، وطريق ابن عمر، عن عائشة، وطريق عروة عن عائشة.
هذا ما وقفت عليه من مسند عائشة رضي الله عنها، وأنت تلحظ: أن أكثر الطرق على عدم ذكر (واشترطي لهم الولاء)، ولم يختلف على هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة في ذكرها، وإن كان قد رواه غيره عن أبيه بدون ذكرها.
وطريق الأسود، عن عائشة لم يأت ذكرها إلا فيما رواه إسحاق، وإذا رواه غير إسحاق لم يأت ذكر لهذه اللفظة.
كما أن أكثر الطرق عن القاسم بن محمد عن عائشة لا يذكر فيها هذه اللفظة، وألفاظ الصحيحين من طريق القاسم ليس فيها زيادة:(واشترطي لهم الولاء).
هذا فيما يتعلق بالحديث من مسند عائشة، وقد ورد الحديث من مسند غيرها، منهم:
الأول: أبو هريرة. رواه مسلم (1505) من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: أرادت عائشة أن تشتري جارية تعتقها، فأبى أهلها إلا أن يكون لهم الولاء، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لا يمنعك ذلك، فإنما الولاء لمن أعتق.
وهذا اللفظ موافق لرواية الأكثر، ولم يذكر فيه (واشترطي لهم الولاء).
الثاني: ابن عباس. رواه ابن حبان (5120) والطبراني في المعجم الكبير (11/ 283) رقم: 11744 من طريق سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، بلفظ: اشترت عائشة بريرة من الأنصار لتعتقها، واشترطوا عليها أن تجعل لهم ولاءها، فشرطت ذلك، فلما جاء نبي الله صلى الله عليه وسلم أخبرته بذلك، فقال صلى الله عليه وسلم: إنما الولاء لمن أعتق
…
وذكر الحديث.
وهذا ليس فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمرها أن تشترط لهم الولاء، ورواية سماك عن عكرمة فيها اضطراب، والسياق يشهد أن سماكًا لم يحفظ الحديث، حيث ساق الحديث بأن عائشة اشترت بريرة قبل علم الرسول صلى الله عليه وسلم، ووافقت على أن يكون الولاء لهم، ثم علم الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك بعد الشراء، فأخبر أن الولاء لمن أعتق.
والحق الذي اتفقت عليه الروايات أن عائشة رفضت أن تشتري بريرة بهذا الشرط، وقد =