الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الخامس
ما نهي عن البيع لحرمة المكان أو لحرمة الزمان
المبحث الأول
البيع في المسجد
[م-386] المساجد سوق من أسواق الآخرة بنيت لإقامة ذكر الله، وسوق البيع والشراء هو سوق من أسواق الدنيا.
(ح-342) روى مسلم في صحيحه من طريق أبي عبد الله مولى شداد بن الهاد.
أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سمع رجلًا ينشد ضالة في المسجد، فليقل: لا ردها الله عليك، فإن المساجد لم تبن لهذا
(1)
.
وورد النهي عن البيع بخصوصه، وسيأتي تخريجه إن شاء الله تعالى قريبًا، ومعلوم أن المساجد لم تبن لتكون سوقًا يروج فيها التجار سلعهم،
(ح-343) وقد روى مسلم في صحيحه من طريق عبد الرحمن بن مهران مولى أبي هريرة.
عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها
(2)
.
فجعل المساجد في مقابل الأسواق في الحب والبغض، وإنما كانت المساجد أحب الأماكن إلى الله؛ لأنها أماكن أسست لتقوى الله وطاعته،
(1)
صحيح مسلم (568).
(2)
صحيح مسلم (671).
وكانت الأسواق أبغض البلاد إلى الله لما فيها من الغش والخداع، والربا، والأيمان الكاذبة.
وإذا كان البيع في المسجد دخله سمسار منع بالاتفاق؛ لأنه يكون المسجد، والذي هو أحب الأماكن إلى الله في صورة السوق التي هي أبغض الأماكن إلى الله.
قال في مواهب الجليل: «وأما البيع بالسمسار فيه - يعني في المسجد- فممنوع باتفاق .. »
(1)
.
وكذلك اشتد نهي الفقهاء إذا كان البيع في المسجد مع حضور السلعة، لأن ذلك يحول المسجد إلى سوق للبيع والشراء وتبادل البضائع، ولم تبن المساجد لهذا.
قال الكاساني في بدائع الصنائع: «والمراد من البيع والشراء: هو كلام الإيجاب والقبول من غير نقل الأمتعة إلى المسجد؛ لأن ذلك ممنوع عنه لأجل المسجد؛ لما فيه من اتخاذ المسجد متجرًا»
(2)
.
وقال الإمام مالك: «لا أحب لأحد أن يظهر سلعته في المسجد للبيع، فأما أن يساوم رجلًا بثوب عليه، أو بسلعة تقدمت رؤيته لها، فيوجب بيعها، فلا بأس»
(3)
.
وإذا تبين لنا هذا فما حكم الإيجاب والقبول في المسجد بدون حضور السلعة، وبدون أن يكون هناك سمسار.
(1)
مواهب الجليل (6/ 14)، ونص الخرشي على التحريم (7/ 72).
(2)
بدائع الصنائع (2/ 117).
(3)
منح الجليل (8/ 90).