الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبه قال عمر وابن عمر رضي الله عنهما، وسعيد بن المسيب
(1)
، ومجاهد
(2)
.
القول الثالث:
البيع صحيح بشرط أن يكون زمن الخيار محددًا.
اختاره ابن سيرين
(3)
، ورجحه بعض الحنابلة
(4)
، وبه أخذ مجمع الفقه الإسلامي
(5)
.
دليل من قال: لا يجوز بيع العربون:
الدليل الأول:
(ح-388) ما رواه مالك، عن الثقة عنده، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه.
عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع العربان
(6)
.
[ضعيف]
(7)
.
(1)
انظر الاستذكار (19/ 10)، التمهيد (24/ 179)، بداية المجتهد (2/ 122)، المجموع (9/ 408)، المغني (4/ 160)، أعلام الموقعين (3/ 389).
(2)
روى ابن أبي شيبة (5/ 7) ثنا ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد أنه كان لا يرى بالعربون بأسًا.
رجاله ثقات، وابن أبي نجيح يدلس عن مجاهد، ولكن لعله يدلس الأحاديث أكثر مما يدلس الأقوال الفقهية.
(3)
رواه ابن أبي شيبة في المصنف (5/ 7) ثنا يزيد، عن هشام، عن ابن سيرين أنه كان لا يرى بأسًا أن يعطي الرجل العربون الملاح أو غيره، فيقول: إن جئت به إلى كذا وكذا، وإلا فهو لك. وسنده صحيح.
(4)
الإنصاف (4/ 358)، مطالب أولي النهى (3/ 78).
(5)
انظر قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم 76/ 3/د 8 بشأن بيع العربون.
(6)
الموطأ (2/ 609).
(7)
وهذا الحديث فيه علتان: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= العلة الأولى: أنه لم يروه ثقة عن عمرو بن شعيب، ومن يقبل إسناد (عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده) يشترط أن يصح الطريق إلى عمرو بن شعيب، ولم يصح.
العلة الثانية: أن ما يتفرد به عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، وهو أصل في الباب لا يحتمل تفرده، وذلك أن النهي عن بيع العربان لم يرد في شيء من الأحاديث إلا هذا الحديث ومن هذا الطريق.
تخريج الحديث:
الحديث أخرجه مالك في الموطأ كما في إسناد الباب من رواية يحيى بن يحيى، ومن رواية أبي مصعب الزهري (2470). ومن طريق مالك أخرجه أحمد في مسنده (2/ 183) وابن عدي في الكامل (4/ 153) قال مالك: أخبرني الثقة، عن عمرو بن شعيب به، فذكره.
قال في خلاصة البدر المنير (2/ 63): «رواه مالك عن الثقة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، ومثل هذا لا يحتج به على الأصح» .
وأخرجه أبو داود (3502)، وابن ماجه (2192)، والبيهقي في السنن (5/ 342)، وفي المعرفة (4/ 380) من طريق مالك أنه بلغه عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، وذكر الحديث.
وقال ابن عدي في الكامل (4/ 153): «يقال إن مالكًا سمع الحديث من ابن لهيعة، عن عمرو بن شعيب، ولم يسمه لضعفه، والحديث عن ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب مشهور
…
».
ثم أخرجه ابن عدي في الكامل بإسناده (4/ 153) ومن طريقه البيهقي في السنن (5/ 343) من طريق قتيبة.
وأخرجه ابن عبد البر في التمهيد (24/ 177) من طريق ابن وهب عن مالك، كلاهما عن ابن لهيعة، عن عمرو بن شعيب به.
قال ابن عبد البر عقبه: المعروف فيه ابن وهب، عن ابن لهيعة.
وعلى فرض صحة ما يقوله ابن عبد البر رحمه الله فقد رجحت في كتابي موسوعة أحكام الطهارة، حديث رقم (613) أن عبد الله بن لهيعة ضعيف في نفسه مطلقًا، سواء كان ذلك قبل احتراق كتبه أو بعدها، روى ذلك عنه العبادلة أو غيرهم، إلا أن رواية العبادلة أخف ضعفًا من غيرها، والله أعلم. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقد توبع فيه ابن لهيعة، ولكن لم يتابعه إلا مثله أو أضعف منه، فقد تابعه كل من:
الأول: عبد الله بن عامر الأسلمي.
رواه حبيب بن أبي حبيب، واختلف على حبيب فيه:
فرواه البيهقي (5/ 342) من طريق المقدام بن داود بن تليد الرعيني، ثنا حبيب ابن أبي حبيب، عن مالك، قال: حدثني عبد الله بن عامر الأسلمي، عن عمرو بن شعيب به.
ورواه ابن ماجه في سننه (2193) قال: حدثنا الفضل بن يعقوب الرخماني، ثنا حبيب ابن أبي حبيب، كاتب مالك بن أنس، ثنا عبد الله بن عامر الأسلمي، عن عمرو بن شعيب به.
فهنا أسقط حبيب شيخه مالك بن أنس من الإسناد.
فهل سقط من إسناد ابن ماجه مالك بن أنس، أو أن هذا من الاختلاف على حبيب ابن أبي حبيب؟
فصنيع ابن حجر في لسان الميزان يرجح أن يكون في إسناد ابن ماجه سقط، قال الحافظ في اللسان (6/ 278):«وقد رواه حبيب كاتب مالك، عنه، عن عبد الله بن عامر الأسلمي» .
ويحتمل أن يكون طريقًا آخر، ويدل عليه صنيع المزي في التحفة (6/ 320) حيث عزا الحديث لابن ماجه من طريق حبيب، عن عبد الله بن عامر.
وهكذا فعل في تهذيب الكمال (5/ 369 - 370) في ترجمة حبيب.
وأنا أميل إلى أن هذا من تعمد حبيب بن أبي حبيب، وأن الحديث هو حديث ابن لهيعة سرقه حبيب بن أبي حبيب، قال عبد الله بن أحمد: سمعت أبي، وذكر حبيبًا الذي كان يقرأ على مالك، فقال: ليس بثقة، قدم علينا رجل - أحسبه قال - من خرسان، كتب عنه كتابًا، عن ابن أخي ابن شهاب، عن عمه، عن سالم والقاسم، فإذا هي أحاديث ابن لهيعة، عن خالد بن أبي عمران، عن القاسم وسالم، قال أبي: أحالها على ابن أخي ابن شهاب، قال أبي: كان يكذب، ولم يكن أبي يوثقه، ولا يرضاه، وأثنى عليه شرًا وسوءًا.
وقال ابن عدي: لا يحتشم حبيب في وضع الحديث على الثقات، وأمره بين في الكذابين. الكامل (2/ 414).
وفي الإسناد أيضًا: عبد الله بن عامر الأسلمي، اتفق الأئمة على تضعيفه.
الثاني: الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب.
أخرجه البيهقي في السنن (5/ 343) من طريق عاصم بن عبد العزيز، عن الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب، عن عمرو بن شعيب به. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قال البيهقي: وعاصم بن عبد العزيز الأشجعي فيه نظر
…
والأصل في هذا الحديث مرسل مالك. اهـ
قلت: وهذه العبارة قالها أيضًا البخاري. انظر التاريخ الكبير (6/ 493)، ضعفاء العقيلي (3/ 338).
وقال النسائي: ليس بالقوي. تهذيب التهذيب (5/ 41).
وذكره العقيلي في الضعفاء (3/ 338).
وقال إسحاق بن موسى: سألت عنه معن بن عيسى، فقال: اكتب عنه، وأثنى عليه خيرًا. الجرح والتعديل (6/ 348).
وقد نقل الحافظ المزي عبارة معن بن عيسى في تهذيب الكمال، إلا أنه زاد فيها كلمة ليست منها، وهذا نصها: سألت معن بن عيسى، فقال: ثقة، اكتب عنه، وأثنى عليه خيرًا. اهـ فزاد رحمه الله كلمة (ثقة).
ونقلها الحافظ ابن حجر في التهذيب ولم يراجعها، واعتمدها الحافظ في التقريب حيث جعله صدوقا يهم تمشيًا مع مذهبه إذا جرح الراوي ووثق، نزل به درجة، وجعله من قبيل الصدوق الذي يخطي أو يهم، وإذا كثر الجارحون قال: صدوق سيء الحفظ.
قال البيهقي في المعرفة (4/ 381): «قال أحمد: بلغني أن مالك بن أنس أخذ هذا الحديث عن عبد الله بن عامر الأسلمي، عن عمرو بن شعيب، وقيل: عن ابن لهيعة، عن عمرو. وقيل: عن الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب، عن عمرو، وفي جميع ذلك ضعف» .
الرابع: عمرو بن الحارث.
أخرجه الدارقطني في غرائب مالك كما في اللسان، قال الحافظ (6/ 212): «روى الدارقطني في غرائب مالك، من طريق أحمد بن هارون البرذعي، ثنا عيسى بن طلحة الرازي، ثنا الهيثم بن اليمان، ثنا مالك، عن عمرو بن الحارث، عن عمرو بن شعيب به.
قال الدارقطني: تفرد به الهيثم بن اليمان.
قلت: وهذا الإسناد شاذ، خالف فيه الهيثم بن اليمان - انظر ترجمته في ميزان الاعتدال (4/ 326) الجرح والتعديل (9/ 86) - خالف فيه أخص أصحاب مالك: منهم يحيى بن يحيى كما في الموطأ (2/ 609)، والقعنبي كما في سنن أبي داود (3502)، وابن وهب كما في سنن البيهقي (5/ 342)، وأبو مصعب الزهري كما في الموطأ من روايته (2470) كلهم لم يذكروا ما ذكره الهيثم بن اليمان. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= هذه هي الطرق التي وقفت عليها من رواية مالك للحديث، والمعروف منه عن مالك طريقان:
تارة يقول: عن مالك، عن الثقة عنده، عن عمرو بن شعيب.
وتارة يقول: مالك، بلغني عن عمرو بن شعيب، ولا فرق بين هذين الطريقين، قال ابن عبد البر في التمهيد (24/ 176):«وسواء قال: عن الثقة عنده، أو بلغه؛ لأنه كان لا يأخذ ولا يحدث إلا عن ثقة عنده» .
وما عدا ذلك فهو إما موضوع كطريق حبيب بن أبي حبيب، وإما شاذ كطريق الهيثم ابن اليمان. وقد رجح بعض العلماء أن يكون المبهم هو ابن لهيعة، فإن روايته لهذا الحديث مشهورة. وهو الأقرب، والله أعلم.
والخلاصة: الحديث ضعيف، وهذه الطرق لا يعتبر بها؛ لأنها إما موضوع كطريق حبيب بن أبي حبيب، وإما شاذ كطريق الهيثم بن يمان، والشاذ لا يصلح للاعتبار به، ويبقى طريق ابن لهيعة، وإذا حملنا المبهم في رواية مالك على أنه ابن لهيعة لم يبق طرق للحديث يعتقد أن الحديث قد يرقى بها إلى الحسن.
وقد أخطأ بعض الفضلاء عندما تكلم أن هذا الطريق أكثر العلماء على تصحيحه، موهمًا أن أكثر العلماء على تصحيح حديث النهي عن بيع العربان، وهو يقصد (إسناد عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده) وهذا قد يتجاوز له ذلك لو صح الإسناد إلى عمرو بن شعيب، ولم يصح كما قد تبين من خلال التخريج، وكيف يصح، وقد ضعفه إمام الأئمة في الحديث، والخبير في العلل: الإمام أحمد ابن حنبل، وحديث ضعفه هذا الإمام لا أعتقد أن أحدًا في الدنيا بعده يستطيع أن يرفعه، وإذا حدثتك نفسك خلاف هذا فمن قصور في الفهم، وتقصير في الطلب أتي قائله، وليس الكلام في الفقه، فكل يؤخذ منه ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن الكلام إذا كان في العلل فينبغي ألا يتجاوز أهله، وإن الإمام أحمد في هذا الشأن أمة وحده، وإذا كان البخاري يقول: رأيت أحمد بن حنبل وعلي ابن المديني وإسحاق بن راهوية، وأبا عبيد، وعامة أصحابنا يحتجون بحديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، ما تركه أحد من المسلمين. انظر تهذيب التهذيب (8/ 44).
فلماذا هنا الإمام أحمد ضعف هذا الحديث بخصوصه إذا كان يحتج بحديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، فقد جاء في بدائع الفوائد (4/ 887) «وفي رواية الأثرم: وقد قيل له: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن العربان، فقال: ليس بشيء». =