الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث
من الشروط الصحيحة اشتراط ما لا يقتضيه العقد ولا ينافيه
المبحث الأول
بيان معني هذا الشرط
قولنا: (لا يقتضيه العقد): أي أن هذا الشرط إذا أطلق العقد لا يقتضيه، فلا يستحق بمجرد العقد، فلا بد من اشتراطه في العقد حتى يقتضيه، فإذا لم يذكر في العقد لم يستحق العاقد المطالبة به
أو بعبارة أخرى: العقد يقتضي الإطلاق في التصرف والتخيير، بينما الشرط يقتضي الإلزام والتقييد، ومن هذا جاء أن هذا الشرط لا يقتضيه إطلاق العقد.
وقولنا: (لا ينافيه) أي لا ينافي مقتضى العقد، فمقتضى العقد أن يملك المشتري المبيع، ويملك البائع الثمن، فإذا اشترط عليه شرطًا ينافي هذه الملكية أصبح الشرط منافيًا لمقتضى العقد، كما لو اشترط عليه ألا ينتفع بالمبيع، وكذلك لو شرط المشتري أن لا خسارة عليه، فهذا الشرط ينافي مقتضى العقد، فالشرط الذي نحن بصدده: هو شرط لا يقتضيه العقد، ولكن لا ينافيه.
وقد أطلق الحنفية على هذا الشرط: الشرط الذي لا يقتضيه العقد، ولكنه ملائم له
(1)
.
(1)
البحر الرائق (8/ 28)، بدائع الصنائع (5/ 171).
وسماه المالكية: شرط لا يقتضيه العقد، ولا ينافيه، فهو من مصلحته، ولا معارض له من جهة الشرع
(1)
.
وعبر عنه الشافعية: بأنه الشرط الذي لا يقتضيه العقد، ولكن فيه مصلحة له
(2)
.
وعبر عنه الحنابلة: بأنه شرط من مصلحة العقد
(3)
.
وأمثلة هذا الشرط كثيرة جدًا، منها ما يتعلق بالثمن: كشرط الكفيل، وشرط الرهن.
ومنها ما يتعلق بالمثمن كشرط تجربة المبيع.
وقد يتعلق بهما كشرط الخيار لمدة معلومة، وشرط التأجيل لأحدهما، وسوف أفرد إن شاء الله تعالى لكل مسألة من هذه المسائل بحثًا مستقلًا، أعرض فيه كلام الفقهاء بشيء من التفصيل، وما لم يذكر فإنه مقيس على ما ذكر، أسأل الله عونه وتوفيقه، إنه ولي ذلك، والقادر عليه.
* * *
(1)
شرح ميارة (1/ 280)، حاشية الدسوقي (3/ 65)، شرح مختصر الخرشي (3/ 196) و (5/ 82)، فتح العلي المالك (1/ 338) و (1/ 334)، منح الجليل (5/ 58).
(2)
المهذب (1/ 268).
(3)
الإنصاف (4/ 340)، المبدع (4/ 51)، المغني (4/ 156).