الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القول الثاني:
ذهب كثير من الباحثين إلى أن العربون فيه مصلحة لكل من البائع والمشتري:
أما البائع: فإن في العربون جبرًا للضرر الواقع على البائع نتيجة نكول المشتري عن العقد.
وأما المشتري فإن بيع العربون يعطيه الحق في النكول إذا بدا له أن الشراء ليس في صالحه.
ويفصل الدكتور رفيق يونس المصري هذه المصالح، فيقول:
«1 - قد يرغب أحد المستهلكين في شراء السلعة، ولا يملك ثمنها كاملًا، فيدفع جزءًا من الثمن للبائع، ويقول له: لا تبع هذه السلعة لغيري، فإن عدت إلى يوم كذا فما دفعته يكون جزءًا من الثمن، وإلا فلك.
2 -
قد يجد أحد المشترين سلعة لدى أحد الباعة، ويتردد في شرائها، خشية عدم ملاءمتها جودة أو ثمنًا، أو غير ذلك، فإن لم يشترها فربما عاد فلم يجدها، وإن اشتراها على البت فربما لم تعجبه بعد ذلك، أو لم تعجب من اشتراها له كزوجه، أو ولده، أو موكله.
من أجل الخروج من التردد يلجأ إلى شرائها بشرط الخيار لنفسه، فإن وافق البائع على الخيار فبها ونعمت، ولكن البائع قد لا يوافق على هذا الخيار بالمجان للمشتري، ولاسيما أن ضررًا قد يصيبه من جراء عدول المشتري عن الشراء، مثل تفويت فرصة بيعها لآخر.
وقد تكون السلعة غير جاهزة، بل سلعة يطلب المشتري تصنيعها، أو خياطتها، أو غير ذلك، وقد لا يسهل على البائع تصريفها إذا عدل عنها مشتريها كأن تكون سلعة خاصة من حيث أوصافها: قياسها، لونها
…
الخ.
ففي مثل هذه الحالات يكون العربون بمثابة تعويض مقطوع للبائع عن العطل والضرر، يتفق عليه المتبايعان، ويقدرانه منذ العقد، ولا يؤخرانه لحين وقوع الضرر الفعلي، فالعربون هو ثمن الخيار، أو ثمن أو جزاء حق النكول.
3 -
والسلعة إما أن تبقى عند البائع محجوزة لحين عودة المشتري وعزمه على الأخذ أو الترك، أو أن يأخذها المشتري معه لكي يتفحصها أو يختبرها بنفسه أو بالاستعانة بغيره، أو لكي يعرضها على زوجه أو ولده أو موكله، فيتحقق له بذلك التروي أو المشورة أو التجريب (الاختبار، القياس).
وهذا كله بافتراض أن المشتري إذا أخذ السلعة ثم ردها لم تتغير عنده نتيجة استعمال أو استهلاك، أو تلف، فمثل هذا إذا وقع فهو دليل على أن المشتري قد عزم على إمضاء الشراء، ولم يعد له خيار فيه»
(1)
.
* * *
(1)
بيع العربون - الدكتور رفيق يونس المصري، بحث مقدم لمجلة مجمع الفقه الإسلامي (8/ 1/ص: 716).