الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقوله: ولا تبخسوا الناس أشياءهم معنى ذلك: لا تنقصوا الناس حقوقهم التي يجب عليكم أن توفوها كيلًا، أو وزنًا، أو غير ذلك
(1)
.
وقال ابن العربي: «البخس في لسان العرب: هو النقص بالتعييب والتزهيد أو المخادعة عن القيمة أو الاحتيال في التزيد في الكيل أو النقصان منه»
(2)
.
وأما تحريم الغش من السنة
،
(ح-317) فقد روى مسلم في صحيحه من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه،
عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من حمل علينا السلاح فليس منا، ومن غشنا فليس منا
(3)
.
(ح-318) وروى مسلم أيضًا من طريق العلاء، عن أبيه،
عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على صبرة طعام، فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللًا، فقال: ما هذا يا صاحب الطعام. قال: أصابته السماء يا رسول الله، قال: أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس، من غش فليس مني
(4)
.
(ح-319) وروى البخاري من طريق هشام، عن الحسن، قال: أتينا معقل ابن يسار نعوده، فدخل علينا عبيد الله،
فقال له معقل: أحدثك حديثًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما من والٍ على رعية من المسلمين، فيموت، وهو غاش لهم إلا حرم الله عليه الجنة
(5)
.
قال ابن بطال: «هذا وعيد شديد على أئمة الجور، فمن ضيع من
(1)
تفسير الطبري (12/ 99)، وتفسير السمرقندي (1/ 546)، وتفسير السمعاني (2/ 197).
(2)
أحكام القرآن لابن العربي (2/ 318)، وانظر تفسير القرطبي (7/ 248).
(3)
صحيح مسلم (101).
(4)
صحيح مسلم (102).
(5)
صحيح البخاري (7151)، وهو في مسلم (142).
استرعاه الله، أو خانهم، أو ظلمهم، فقد توجه إليه الطلب بمظالم العباد يوم القيامة، فكيف يقدر على التحلل من ظلم أمة عظيمة .. »
(1)
.
(ح-320) وروى البخاري من طريق صالح أبي الخليل، عن عبد الله ابن الحارث،
عن حكيم بن حزام رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا - أو قال: حتى يتفرقا - فإن صدقا، وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا، وكتما محقت بركة بيعهما
(2)
.
ولأجل منع الغش، وقطع أسبابه حرم الإسلام على المسلمين، النجش وتلقي الركبان، وتصرية بهيمة الأنعام.
فقد سبق لنا تحريم النجش، وثبت النهي عنه في أحاديث في الصحيحين وفي غيرهما، وأجمع العلماء على تحريم النجش، وإنما حرم لما فيه من الغش والخداع.
قال ابن الجلاب: «ولا يجوز النجش في البيوع
…
ولا ينبغي أن يقر الغش في شيء من أسواق المسلمين بوجه من الوجوه، ولا يسمح فيه لأحد»
(3)
.
وقال ابن عبد البر رحمه الله: النجش «مكر وخداع، لا يجوز عند أحد من أهل العلم، لنهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن النجش، وقوله: لا تناجشوا. وأجمعوا أن فاعله عاص لله إذا كان بالنهي عالمًا»
(4)
.
(1)
فتح الباري (13/ 128).
(2)
البخاري (2079)، ومسلم (1532).
(3)
التفريع (2/ 167).
(4)
التمهيد (13/ 348).
وقد سبق بحث أحكام النجش على وجه التفصيل في بحوث سابقة من هذا الباب.
كما سبق لنا تحريم تلقي الركبان، وثبت النهي عنه في أحاديث في الصحيحين، قال النووي:«قال العلماء: وسبب التحريم إزالة الضرر عن الجالب، وصيانته ممن يخدعه» .
وقد بحثنا أحكام تلقي الركبان على وجه التفصيل في بحوث سابقة من هذا الباب، فأغنى عن إعادته هنا.
كما جاء النهي عن التدليس في البيع، لأنه نوع من الغش، والأصل في النهي عنه حديث أبي هريرة في التصرية:
(ح-321) فقد روى البخاري من طريق جعفر بن ربيعة، عن الأعرج،
قال أبو هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: لا تصروا الإبل والغنم، فمن ابتاعها بعد فهو بخير النظرين بعد أن يحتلبها، إن شاء أمسك، وإن شاء ردها وصاع تمر
(1)
.
والتدليس حرام بالإجماع.
قال في إحكام الأحكام: «لا خلاف أن التصرية حرام؛ لأجل الغش والخديعة التي فيها للمشتري، والنهي يدل عليه، مع علم تحريم الخديعة قطعًا»
(2)
.
وقال النووي: «من ملك عينًا، وعلم بها عيبًا لم يجز أن يبيعها حتى يبين عيبها وهذا الحكم متفق عليه .... لا خلاف فيه بين العلماء، قال الشافعي رحمه الله
(1)
صحيح البخاري (2148)، ورواه مسلم (11 - 1515).
(2)
إحكام الأحكام (3/ 116).
في آخر باب الخراج بالضمان من المختصر: وحرام التدليس، وكذلك جميع الأصحاب»
(1)
.
وقال ابن هبيرة: «واتفقوا على أنه لا يجوز تصرية الإبل والبقر والغنم للبيع تدليسًا على المشتري»
(2)
.
وقال في كشاف القناع: «ويحرم التدليس لحديث من غشنا فليس منا»
(3)
.
وقال في حواشي الشرواني: «وينبغي أن يكون كبيرة، لقوله صلى الله عليه وسلم: من غشنا فليس منا
(4)
.
ومن أجل تحريم الغش والخداع حرم الإسلام الغبن الفاحش.
(5)
.
قال ابن هبيرة: «واتفقوا على أن الغبن في البيع بما لا يفحش لا يؤثر في صحته»
(6)
.
ومفهومه: أنه إن كان فاحشًا فإنه يؤثر في صحته.
(1)
المجموع (11/ 304 - 305).
(2)
الإفصاح (5/ 214).
(3)
كشاف القناع (1/ 82).
(4)
حواشي الشرواني (4/ 389).
(5)
أحكام القرآن لابن العربي (4/ 224).
(6)
الإفصاح (ص: 324).
وسبق لنا خلاف العلماء في تقدير الغبن الفاحش، وحكم البيع الذي وقع فيه غبن فاحش، وهل يرد به البيع أم لا. فأغنى عن إعادته هنا، والحمد لله.
* * *