الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجاء في روضة الطالبين: «إن أخذ السلعة فهي - أي الدراهم - من الثمن، وإلا فهي للمدفوع مجانًا»
(1)
.
القول الثالث:
قد يقال: إن العربون عوض عن انتظار البائع.
ورد هذا: بأن الإنظار للبيع لا تجوز المعاوضة عنه، ولو جازت لوجب أن يكون معلوم القدر كالإجارة
(2)
.
والصحيح أنه يجب أن يكون معلوم القدر حتى لا يكون الأجل فيه مجهولًا، فيفسد البيع.
القول الرابع:
بيع العربون بيع مشتمل على شرط جزائي، بأنه في حال نكل المشتري عن إتمام الصفقة فإنه يترتب عليه خسارته لجزء مقدم من الثمن، يسمى العربون.
فكل من الشرط الجزائي وبيع العربون يتضمن التزام أحد طرفي العقد عند التعاقد أن يدفع مبلغًا معينًا من المال فالشرط الجزائي تقدير للتعويض في حالة الإخلال بالشرط، والعربون تقدير للتعويض في حالة العدول عن العقد، فإذا شرطا هذا في العقد، وصدر عن رضا واختيار لزمهما.
فالشرط الجزائي على هذا فيه شبه من العربون، خاصة في القوانين التي تجيز الشرط الجزائي بدون أي حق للقاضي في تعديل مبلغه بالزيادة أو النقصان، أو الإلغاء، لكي يتناسب المبلغ مع مقدار الضرر الفعلي
(3)
.
(1)
روضة الطالبين (3/ 397).
(2)
كشاف القناع (3/ 195).
(3)
انظر بيع العربون - د. رفيق يونس المصري، بحث مقدم لمجلة مجمع الفقه الإسلامي (8/ 1/ص: 728).
ويختلف العربون عن الشرط الجزائي بأمرين:
الأول: أن الشرط الجزائي يراه البعض أنه يدفع في مقابل التعويض عن الضرر الذي ينشأ عن الإخلال بالشرط، ومن ثم جاز للقاضي تخفيض هذا التقدير إذا كان مبالغًا فيه إلى درجة كبيرة، بل جاز له ألا يحكم به أصلًا إذا لم يحلق الدائن أي ضرر.
وأما الالتزام في دفع قيمة العربون فإنه قد جعل في مقابل حق العدول عن العقد، ولو لم يترتب على العدول أي ضرر.
وهذا الفرق إنما يراه من يرى أن الشرط الجزائي إنما هو في مقابل التعويض عن الضرر، وليس في مقابل الإخلال بالشرط، وفي ذلك خلاف بين أهل العلم، وأنا أميل إلى أن الشرط الجزائي في مقابل الإخلال بالشرط. فلا يظهر فرق بين الشرط الجزائي وبين العربون من هذه الحيثية. وسوف نتعرض بالدراسة للشرط الجزائي إن شاء الله تعالى في مباحث الشروط الجعلية في آخر الباب.
الثاني: أن الشرط الجزائي ليس بديلًا عن العقد الأصلي، بل يؤديه، ويلتزم بتنفيذ العقد الأصلي إذا كان ذلك ممكنًا.
بينما العربون هو بدل عن الالتزام في العقد الأصلي، وتبرأ ذمته عن العقد الأصلي إذا أخذ منه العربون
(1)
.
وسوف نبحث إن شاء الله تعالى الشرط الجزائي بعد هذا المبحث، نسأل الله وحده عونه وتوفيقه.
(1)
انظر مصادر الحق للسنهوري (2/ 89)، مجلة مجمع الفقه الإسلامي (8/ 2/ص:727).