الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شرطه يكون حينئذ إبطالًا لحكم الله وكذلك ليس له أن يسقط ما أوجبه الله وإنما المشترط له أن يوجب بالشرط ما لم يكن واجبًا بدونه فمقصود الشروط: وجوب ما لم يكن واجبًا، ولا حرامًا، وعدم الإيجاب ليس نفيًا للإيجاب حتى يكون المشترط مناقضًا للشرع وكل شرط صحيح فلا بد أن يفيد وجوب ما لم يكن واجبًا أو يبيح لكل منهما أو لأحدهما ما لم يكن مباحًا أو يحرم على كل منهما أو على أحدهما ما لم يكن حرامًا وكذلك كل من المتآجرين والمتناكحين وكذلك إذا اشترط صفة في المبيع أو رهنًا، أو اشترطت المرأة زيادة على مهر مثلها فإنه يجب ويحرم ويباح بهذا الشرط ما لم يكن كذلك وهذا المعنى هو الذي أوهم من اعتقد أن الأصل فساد الشروط قال: لأنها إما أن تبيح حراما، أو تحرم حلالًا، أو توجب ساقطًا، أو تسقط واجبًا وذلك لا يجوز إلا بإذن الشارع وقد وردت شبهة عند بعض الناس حتى توهم أن هذا الحديث متناقض، وليس كذلك بل كل ما كان حراما بدون الشرط، فالشرط لا يبيحه كالزنا، وكالوطء في ملك الغير وكثبوت الولاء لغير المعتق ونحوها، وأما ما كان مباحًا بدون الشرط، فالشرط يوجبه ولا مانع، كالزيادة في مهر المثل، والرهن، وتأخير الاستيفاء، فإذا شرطه صار واجبًا، ولا يجب بغير الشرط
(1)
.
الراجح من الخلاف:
القول الذي لا يسع الناس غيره، أن العقود والشروط الأصل فيها الحل حتى يثبت دليل على التحريم، والقول بالمنع فيه تضييق بلا حجة أو برهان، والله أعلم.
* * *
(1)
انظر الفتاوى الكبرى (4/ 89).
المبحث الثالث
الشرط العرفي كالشرط اللفظي
يتعين تحكيم العرف في عقود المعاوضات، سواء في بيان المقصود من ألفاظهم، أو فيما تعارفوا عليه من الشروط، فإذا كان عرف الناس على أن المهر يقسم إلى قسمين: مقدم ومؤخر، كما هو الحال اليوم في بعض البلاد الإسلامية، كان المؤخر في حكم المشروط ولو لم يذكر في العقد؛ لأن المعروف عرفًا كالمشروط شرطًا.
قال الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه في كتاب البيوع: باب: من أجرى أمر الأمصار على ما يتعارفون بينهم في البيوع، والإجارة، والمكيال، والوزن، وسننهم على نياتهم ومذاهبهم المشهورة»
(1)
.
وقال الطبري: «إن الحكم بين المسلمين في معاملاتهم وأخذهم وإعطائهم على المتعارف المستعمل بينهم»
(2)
.
وأما النصوص عن الحنفية رحمهم الله تعالى، فقد قال الكاساني:«العرف إنما يعتبر في معاملات الناس فيكون دلالة على غرضهم»
(3)
.
(1)
قال ابن المنير كما في فتح الباري (4/ 405): «مقصوده بهذه الترجمة إثبات الاعتماد على العرف» .
(2)
تهذيب الآثار: مسند علي بن أبي طالب (ص: 251).
(3)
بدائع الصنائع (1/ 262 - 263).
وقال السرخسي: «الثابت بدلالة العرف كالثابت بدلالة النص»
(1)
.
وقال أيضًا: «الثابت بالعرف ثابت بدليل شرعي»
(2)
.
وقال أيضًا: «مطلق العقد يتقيد بدلالة العرف»
(3)
.
وقال أيضًا: «الثابت بالعرف كالثابت بالشرط»
(4)
.
وقال في مجمع الأنهر: «الأحكام تبتنى على العرف، فيعتبر في كل إقليم وفي كل مصر عرف أهله»
(5)
.
وفي مجلة الأحكام العدلية: «التعيين بالعرف كالتعيين بالنص»
(6)
.
وفيها أيضًا: «المعروف بين التجار كالمشروط بينهم»
(7)
.
وأما النصوص عن المالكية:
فقال في المعيار المعرب: «العرف أحد أصول الشرع»
(8)
.
وفيه أيضًا: «تنزيل العقود المطلقة على العوائد المتعارفة أصل من أصول الشريعة»
(9)
.
وقال ابن العربي في أحكام القرآن: «وما جرى به العرف فهو كالشرط حسبما
(1)
المبسوط (4/ 227).
(2)
المبسوط (13/ 14 - 15).
(3)
المرجع السابق (11/ 115).
(4)
المرجع السابق (15/ 173).
(5)
مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 91).
(6)
المادة (45).
(7)
المادة (44).
(8)
المعيار المعرب (5/ 138).
(9)
المرجع السابق (5/ 190)، (6/ 37، 442).
بيناه في أصول الفقه، من أن العرف والعادة أصل من أصول الشريعة، يقضى به في الأحكام»
(1)
.
وأما النصوص عن الشافعية رحمهم الله:
فقال الماوردي في الحاوي الكبير: «العرف المعتاد يجري في العقود مجرى الشرط»
(2)
.
وقال العز بن عبد السلام: «الإتلاف بالإذن العرفي منزل منزلة الإتلاف بالإذن اللفظي»
(3)
.
وقال ابن حجر الهيتمي: «العبرة في العقود إنما هو بعرف المتعاقدين»
(4)
.
(5)
.
وقال السيوطي: «كل ما ورد به الشرع مطلقًا، ولا ضابط له فيه، ولا في اللغة، يرجع فيه إلى العرف»
(6)
.
وأما النصوص عن الحنابلة، قال ابن قدامة:«العرف الجاري يقوم مقام القول»
(7)
.
(1)
أحكام القرآن (4/ 248).
(2)
الحاوي الكبير (5/ 186).
(3)
قواعد الأحكام (2/ 128).
(4)
الفتاوى الكبرى للهيتمي (2/ 142).
(5)
المجموع (9/ 191).
(6)
الأشباه والنظائر (ص: 98).
(7)
المغني (5/ 326)، وانظر المبدع (5/ 68).