الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثانية
الحكم التكليفي للغش
قال الكاساني: قليل الغش مما لا يمكن التحرز عنه
(1)
.
[م-374] حرم الله سبحانه وتعالى جميع أنواع الغش والخداع في التجارة، وهو أمر مجمع عليه، حكى فيه الإجماع غير واحد من أهل العلم.
(2)
.
وقال النووي: «والأحاديث في تحريم الغش، ووجوب النصيحة كثيرة جدًا، وحكمها معلوم من الشريعة
…
»
(3)
.
كما حكى الإجماع كل من الشوكاني
(4)
، والصنعاني
(5)
.
ومستند هذا الإجماع آيات قرآنية، وأحاديث شريفة صحيحة.
فمن الكتاب قوله تعالى: {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [المطففين:1،2، 3].
قال الشنقيطي رحمه الله: «كل من غش في سلعة، أو دلس، أو زاد في عدد، أو
(1)
بدائع الصنائع (5/ 196).
(2)
حاشية العدوي (2/ 151 - 152).
(3)
المجموع شرح المهذب (11/ 303).
(4)
نيل الأوطار (5/ 251).
(5)
سبل السلام (2/ 37).
نقص، أو زاد في ذرع، أو نقص، فهو مطفف في الكيل، داخل تحت الوعيد بالويل»
(1)
.
وقال تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ} [البقرة: 188].
فالآية نص في تحريم أخذ المال بغير حق شرعي، ومنه أكل مال الغير عن طريق الغش، فمن غش فقد أخذ جزءًا من المال بغير حقه بقدر غشه، وذلك أن الغاش يأخذ قيمة السلعة سالمة من الغش، وهو خلاف الواقع.
فقوله: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم} [البقرة:188] أي لا يأكل بعضكم مال بعض.
{بِالْبَاطِلِ} أي بأي وجه من وجوه التعدي مما لم يبحه الله، ولم يشرعه، ومنه الغش، والخداع، والتغرير.
وأصل الباطل: الشيء الذاهب، والأكل بالباطل أنواع، قد يكون بطريق الغش، والخداع، والتدليس، وقد يكون بطريق الغصب، والنهب، وقد يكون بطريق اللهو، كالقمار، وقد يكون بطريق الرشوة، والخيانة
(2)
.
قال ابن العربي: هذه الآية من قواعد المعاملات، وأساس المعاوضات، ينبنى عليها
(3)
.
ومن الآيات الدالة على تحريم الغش قوله تعالى: {وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ} [هود:85].
(1)
أضواء البيان (8/ 457).
(2)
انظر في تفسير الآية تفسير البغوي (1/ 159)، المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (4/ 197)، تفسير الطبري (2/ 183)، تفسير القرطبي (2/ 338).
(3)
أحكام القرآن لابن العربي (1/ 137).