الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الخامسة
في الاتفاق على ترك المزايدة
[م-369] إذا اتفق شخص، أو أكثر على ترك المزايدة في السوق، ويقتسمون البضاعة فيما بينهم، أو طلب السائم ترك الزيادة عليه مقابل مبلغ معلوم من المال، فهل هذا الفعل صحيح.
والجواب أن هذا له حالتان:
الأول: أن يكون الاتفاق بين بعض السائمين، وفي السوق من يزيد، فهذا لا يحرم؛ لأن باب المزايدة مفتوح.
الثاني: أن يتفق أهل السوق كلهم على ترك المزايدة، فهذا لا يجوز؛ لأن في هذا إضرارًا بأهل السلع، أكثر مما نهى عنه الشارع في تلقي الركبان، وفيه بخس الباعة بعض حقوقهم.
وإذا كان الشارع حفظ حق المشتري بتحريم النجش، وهو أحد المتعاقدين، فيجب تحريم مثل ذلك في حق البائع؛ لأن فيه إضرارًا به.
قال خليل في مختصره: «وجاز سؤال البعض ليكف عن الزيادة، لا الجميع»
(1)
.
وسئل ابن تيمية رحمه الله عن تاجرين عرضت عليهما سلعة للبيع، فرغب في شرائها كل و احد منهما، فقال أحدهما للآخر: أشتريها شركة بيني و بينك، وكانت نيته أن لا يزيد عليه في ثمنها، و ينفرد فيها، فرغب في الشركة لأجل
(1)
مختصر خليل (ص: 177).
ذلك، فاشتراها أحدهما و دفع ثمنها من مالهما على السوية، فهل يصح هذا البيع و الحالة هذه، أو يكون في ذلك دلسة على بائعها، و الحالة هذه؟.
فأجاب الحمد لله، أما إذا كان في السوق من يزايدهما، و لكن أحدهما ترك مزايدة صاحبه خاصة لأجل مشاركته له، فهذا لا يحرم؛ فان باب المزايدة مفتوح، وإنما ترك أحدهما مزايدة الآخر، بخلاف ما إذا اتفق أهل السوق، على أن لا يزايدوا في سلع هم محتاجون لها، ليبيعها صاحبها بدون قيمتها، ويتقاسمونها بينهم، فإن هذا قد يضر صاحبها أكثر مما يضر تلقى السلع إذا باعها مساومة، فإن ذلك فيه من بخس الناس ما لا يخفى و الله اعلم»
(1)
.
وقال ابن رشد: «لو قال لواحد كف عني، ولك دينار جاز، ولزمه الدينار، ولو لم يشتر، ويجوز أيضًا أن يقول: وتكون شريكي فيها»
(2)
.
* * *
(1)
مجموع الفتاوى (29/ 304)، وانظر مختصر الفتاوى المصرية (ص: 295).
(2)
التاج والإكليل (4/ 378).