الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الثالث
جعل ما في يد المسلم إليه رأس مال لسلم
[م-711] لو كان عند المسلم إليه أمانة، أو عين مغصوبة، ونحوها، فأراد ربها أن يجعلها رأس مال لسلم بينهما، فهل يصح ذلك؟
هذه المسألة تختلف عن المسألة السابقة، ففي المسألة السابقة كان رأس مال السلم في ذمة المسلم إليه، وأما في هذه المسألة فإن رأس مال السلم عين معينة في يد المسلم إليه، سواء كانت يده يد ضمان كالغاصب، أو كانت يده يد أمانة كالوديعة ونحوها، فلا يرد في هذه المسألة الإشكال السابق بأنه بيع دين بدين، لأن المال إذا تعين في يد المسلم إليه صار البيع من قبيل بيع الدين بالعين.
والسؤال هل ينوب القبض السابق للعقد مناب القبض المستحق في مجلسه، أم يحتاج الأمر إلى قبض جديد؟
في ذلك خلاف بين العلماء:
فقيل: ينوب القبض السابق لرأس مال السلم عن القبض المستحق في مجلس العقد، إذا كانت يد المسلم إليه يد ضمان، كما لو كان المال في يده بغصب، أو مقبوضًا بعقد فاسد.
فإن كانت يد المسلم إليه يد أمانة، كما لو كان المال في يده وديعة، أو عارية، لم ينب القبض السابق عن القبض اللاحق. وهذا مذهب الحنفية
(1)
.
وجه ذلك:
أن القبض عند الحنفية ينقسم إلى قسمين: قبض ضمان، وقبض أمانة.
(1)
انظر مجمع الضمانات (ص: 217)، الفتاوى الهندية (3/ 22 - 23)، بدائع الصنائع (5/ 148، 248).
وقبض الضمان: هو: ما كان فيه القابض مسئولًا عن المقبوض تجاه غيره، فيضمنه إذا هلك عنده، ولو بآفة سماوية، كالمغصوب في يد غاصبه، والمبيع في يد مشتريه.
وقبض أمانة: وهو ما كان فيه القابض غير مسئول عن المقبوض إلا بالتعدي، أو التقصير في الحفظ.
ويرى الحنفية أن قبض الضمان أقوى من قبض الأمانة.
وأن القبض السابق للعقد إذا كان مثل المستحق بالعقد، فإنه ينوب منابه، بمعنى: أن القبضين إذا تجانسا بأن كانا قبضي أمانة، أو كانا قبضي ضمان تناوبا؛ لأنه إذا كان مثله، أمكن تحقيق التناوب.
فالقبض الواجب في عقد السلم قبض ضمان، فيجب أن يكون القبض السابق لعقد السلم قبض ضمان؛ لينوب القبض السابق عن القبض اللاحق.
أما لو كان القبض السابق قبض أمانة، فإنه لا يصح أن ينوب هذا القبض عن الواجب لعقد السلم؛ لأن قبض الأمانة أضعف من قبض الضمان.
وذهب الجمهور إلى أنه لا حاجة إلى تجديد القبض، بل ينوب القبض السابق للعين مقام القبض اللاحق المستحق مطلقًا، سواء كانت يد القابض عليه يد ضمان، أم يد أمانة؛ لأن المراد بالقبض المستحق: إثبات اليد، والتمكن من التصرف في المقبوض، فإذا تحقق هذا الأمر فقد وجد القبض، ولا علاقة لكون المقبوض مضمونًا، أو أمانة في حقيقة القبض، ولا يوجد دليل على أنه ينبغي أن يقع القبض ابتداء بعد العقد
(1)
.
(1)
المدونة (6/ 128)، المنتقى شرح الموطأ (6/ 100)، شرح ميارة (1/ 111)، التاج والإكليل (8/ 16)، مواهب الجليل (6/ 52)، أحكام القرآن لابن العربي (1/ 344)، غاية البيان شرح زبد ابن رسلان (ص:195)، مغني المحتاج (2/ 128)، نهاية المحتاج (4/ 255)، السراج الوهاج (ص: 215)، المحرر (1/ 374)، المغني (5/ 381)، الفروع (4/ 642)، الإنصاف (7/ 122).
(1)
.
* * *
(1)
كشاف القناع (3/ 291).