الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولأن تمكين العاقد من فعله المحرم إعانة له على ذلك الباطل، والإعانة على الحرام تجعله شريكًا له في الفعل.
قال تعالى: {فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ} [القصص:17].
وقال تعالى: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة:2].
الحالة الثانية:
إذا لم يذكر الباعث على العقد في صيغة العقد، ولكن علم البائع، أو غلب على ظنه من القرائن، وظروف الحال، أن المشتري يريد من عقد المقاولة العمل المحرم، كما لو كان العاقد مصرفًا ربويًا، فهل يصح العقد والحالة هذه.
هذه المسألة إن كان الأمر من قبيل الشك، والاحتمال فلا يحرم العقد.
وإن كان المقاول علم قصد صاحب العمل بذلك بقرائن خاصة، أو أخبار صحيحة، أو غلب على ظنه من حال الرجل
(1)
، ففي هذه المسألة خلاف بين الفقهاء:
(1)
انظر الفروع (4/ 42).
فقيل: العقد باطل، وهو مذهب المالكية
(1)
، والحنابلة
(2)
.
وقيل: العقد صحيح، وهل يحرم مع الصحة، قيل: إن تحقق أنه يشتري المباح لفعل المعصية حرم على الصحيح، وإلا كره، وهذا مذهب الشافعية
(3)
، وهو قول الحسن، وعطاء، والثوري
(4)
.
(1)
وانظر مواهب الجليل (4/ 254)، حاشية الدسوقي (3/ 7)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير (3/ 20).
(2)
مسائل أحمد رواية صالح (2/ 141)، المبدع (4/ 42)، الإنصاف (4/ 327)، الفروع (4/ 42)،كشاف القناع (3/ 181)، مجموع الفتاوى (29/ 236).
(3)
قال الشافعي في الأم (3/ 74): «أكره للرجل أن يبيع العنب ممن يراه أنه يعصره خمرًا، ولا أفسد البيع إذا باعه
…
».
وقال النووي في المجموع (9/ 432): «قال أصحابنا: يكره بيع العصير لمن عرف باتخاذ الخمر والتمر لمن عرف باتخاذ النبيذ والسلاح لمن عرف بالعصيان بالسلاح فإن تحقق اتخاذه لذلك خمرًا ونبيذًا، وأنه يعصي بهذا السلاح ففي تحريمه وجهان حكاهما ابن الصباغ والمتولي والبغوي في شرح المختصر والروياني وغيرهم.
أحدهما: نقله الروياني والمتولي عن أكثر الأصحاب: يكره كراهة شديدة ولا يحرم.
وأصحهما: يحرم، وبه قطع الشيخ أبو حامد، والغزالي في الإحياء، وغيرهما من الأصحاب، فلو باعه صح على الوجهين وإن كان مرتكبًا للكراهة أو التحريم قال الغزالي في الإحياء: وبيع الغلمان المرد الحسان لمن عرف بالفجور بالغلمان، كبيع العنب للخمار قال: وكذا كل تصرف يفضي إلى معصية».
(4)
المغني (4/ 154).