الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على الحفظ، ولأن عقد المعاوضة يقتضي سلامة المعقود عليه، فيضمن بالهلاك كما في الوديعة إذا كانت بأجر
(1)
.
القول الثالث:
ذهب المالكية إلى أن الأصل في يد الأجير المشترك أنها يد أمانة، ولكن لما فسد الناس، وظهرت خيانة الأجراء ضمن الصناع، وكل من تقتضي المصلحة العامة تضمينه من الأجراء المشتركين حيث تقوم به التهمة. وهو من باب الاستحسان
(2)
.
«ووجه المصلحة فيه: أن الناس لهم حاجة إلى الصناع، وهم يغيبون عن الأمتعة في غالب الأحوال، والأغلب عليهم التفريط، وترك الحفظ، فلو لم يثبت تضمينهم مع مسيس الحاجة إلى استعمالهم لأفضى ذلك إلى أحد أمرين:
إما ترك الاستصناع بالكلية، وذلك شاق على الخلق، وإما أن يعملوا، ولا يضمنوا ذلك بدعواهم الهلاك والضياع، فتضيع الأموال، ويقل الاحتراز، وتتطرق الخيانة، فكانت المصلحة التضمين»
(3)
.
وعلى هذا فضمان الصناع عند المالكية ضمان تهمة لا ضمان أصالة، ولا يضمن عند المالكية إلا بشروط، منها:
الأول: أن ينتصب للصنعة لدى عامة الناس، فلا ضمان على الصانع الخاص بجماعة.
(1)
انظر العناية على الهداية (9/ 122)، تبيين الحقائق (5/ 135).
(2)
الفواكه الدواني (2/ 117)، المنتقى للباجي (6/ 71)، الفروق (2/ 207 - 208)، مواهب الجليل (5/ 430)، التاج والإكليل (5/ 430)، الخرشي (7/ 28).
(3)
الاعتصام للشاطبي (2/ 119).
والصانع المنتصب: هو من أقام نفسه لعمل الصنعة التي استعمل فيها بسوقها أو داره، وغير المنتصب: هو من لم يقم نفسه لها، ولا منها معاشه
(1)
.
الثاني: أن يغيب ربها عن الذات المصنوعة، فإن عمل الصانع في بيت رب السلعة، فلا ضمان عليه، جلس معه ربها أم لا، عمل بأجر أم لا، وكذا لو صنعت بحضرة ربها، ولو في محل الصانع.
الثالث: ألا تقوم بينة على ما ادعاه من تلف أو ضياع فإن قامت بينة بهلاكه بغير سببه فلا ضمان. وهذا يقوي أن ضمان الصناع عند المالكية ضمان تهمة ينتفي بإقامة البينة، لا ضمان أصالة
(2)
.
الرابع: أن يكون المصنوع مما يغاب عليه بأن يكون ثوبًا، أو حليًا، فلا ضمان على معلم الأطفال، أو البيطار إذا ادعى الأول هروب الولد، والثاني هروب أو تلف الدابة.
الخامس: ألا يكون في الصنعة تغرير، وإلا فلا ضمان، كنقش الفصوص وثقب اللؤلؤ، وتقويم السيوف، وحرق الخبز عند الفران، وتلف الثوب في قدر الصباغ، وما أشبه ذلك كالبيطار يطرح الدابة لكيها مثلًا فتموت، وكالخاتن لصبي يموت عند ختنه.
السادس: ألا يكون الصانع أحضره لربه مصنوعًا على الصفة المطلوبة، ويتركه ربه اختيارًا فيضيع
(3)
.
(1)
شرح حدود ابن عرفة (ص: 401).
(2)
حاشية الدسوقي (4/ 29).
(3)
انظر الفواكه الدواني (2/ 117)، حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب الرباني (2/ 200)، الشرح الصغير مع حاشية الصاوي (4/ 43)، مواهب الجليل (5/ 431 - 432)، منح الجليل (7/ 508).