الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والإجارة إذا كانت في الذمة لا يجب تسليم أجرة العامل حتى يتم تسلمه على الصحيح، ولم يمنع ذلك من صحة العقد، وعقد الاستصناع فيه شبه بالإجارة حيث يتضمن العقد عمل الصانع مضافًا إليه العين المصنوعة، ولهذا جاز فيه الدين بالدين، وبه يفارق عقد الاستصناع عقد السلم، والله أعلم
(1)
.
الوجه الثاني:
أن تأجيل الثمن اليوم قد يعد ضرورة؛ لحماية الأموال، فعقد الاستصناع لم يعد يتعلق بسيف يصنعه الحداد، أو سرج، أو باب يصنعه النجار، وإنما يتعلق اليوم بمصانع ضخمة مبالغها تتجاوز الملايين إن لم نقل البلايين من الدولارات، كما في صناعة الطائرات، والسفن الفضائية، والبحرية، والقطارات، والمطارات، والأبراج السكنية، وصناعة السلاح المتقدم، ومولدات الطاقة، ومصانع التكرير ونحوها، وهذه المصانع والمعدات لا يمكن أن يوقف على صلاحيتها إلا بعد إنتاجها، وهل كانت على وفق الشروط، أو مخالفة لما هو مطلوب، فكيف يجبر المستصنع على دفع الثمن كاملًا، مع احتمال أن يكون المنتج ليس مطابقًا للمواصفات، وقد يتعرض المنتج للغش والتزوير، وقد تكون الشركات وهمية، فإذا دفع المبلغ كاملًا ذهب المال هدرًا، وهذه المبالغ إن دفعت مقدمًا قد تؤذي ليس بنكًا واحدًا، وإنما عدة بنوك، وقد تتسبب في خسارات جسيمة، إن لم تكن سببًا في الإفلاس، وقد يخضع الأمر إلى المرافعات الشرعية والمحاكمات التي تأخذ وقتًا طويلًا، تعطل فيها
(1)
المبدع (5/ 116)، وجاء في المغني (5/ 257):«قال ابن أبي موسى: من استؤجر لعمل معلوم استحق الأجر عند إيفاء العمل .... » .
وقال في الكافي (2/ 311): «وإن كانت الإجارة على عمل في الذمة استحق استيفاء الأجرة عند انقضاء العمل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه» .