الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل الثالث:
إذا كان المسلم فيه معدومًا قبل الأجل وجب أن يكون معدومًا عنده عملًا بالاستصحاب، فيكون غررًا، فيمتنع إجماعًا.
و
أجيب:
بأن هذا الاستصحاب معارض بالغالب، فإن الغالب وجود الأعيان في إبانها، ولولاه لما أقدم المسلم على دفع ماله، ولما قبل المسلم إليه إشغال ذمته في المسلم فيه.
الدليل الرابع:
أن ابتداء العقود آكد من انتهائها، وإذا كان معدومًا عند العقد فيمتنع، كما يمتنع بيع المعدوم.
ويناقش:
سبق وأن ناقشنا حكم بيع المعدوم، وبينا أنه لا يوجد دليل في النهي عن بيع المعدوم، فأغنى عن إعادته هنا.
الراجح:
هو قول الجمهور، وأن السلم جائز فيما ليس موجودًا عند العقد، وفيما ينقطع من أيدي الناس إذا كان عام الوجود عند حلول الأجل، والله أعلم.
* * *
الفرع الأول
جواز السلم لمن ليس عنده أصل المسلم فيه
[م-736] لا يشترط فيمن يسلم في التمر أن يكون عنده نخل، ولا يشترط فيمن يسلم في الحبوب، أن يكون عنده زرع، وهكذا.
(ح-534) لما رواه البخاري في صحيحه من طريق محمد بن أبي المجالد، قال:
بعثني عبد الله بن شداد، وأبو بردة إلى عبد الله بن أبي أوفى، رضي الله عنهما، فقالا: سله هل كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يسلفون في الحنطة؟ قال عبد الله: كنا نسلف نبيط أهل الشام في الحنطة، والشعير، والزيت، في كيل معلوم، إلى أجل معلوم. قلت: إلى من كان أصله عنده؟ قال: ما كنا نسألهم عن ذلك، ثم بعثاني إلى عبد الرحمن بن أبزى، فسألته فقال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يسلفون على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولم نسألهم، ألهم حرث أم لا؟
وفي رواية للبخاري، قال محمد بن أبي مجالد:
أرسلني أبو بردة، وعبد الله بن شداد إلى عبد الرحمن بن أبزى، وعبد الله ابن أبي أوفى، فسألتهما عن السلف، فقالا: كنا نصيب المغانم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان يأتينا أنباط من أنباط الشام، فنسلفهم في الحنطة، والشعير، والزبيب إلى أجل مسمى، قال: قلت: أكان لهم زرع، أو لم يكن لهم زرع؟ قالا: ما كنا نسألهم عن ذلك.
وحديث ابن عباس المتفق عليه: (من أسلف فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم)
(1)
.
(1)
صحيح البخاري (2086) ومسلم (3010).
فلما وردت السنة في السلم بالصفة المعلومة، والكيل والوزن والأجل المعلوم، كان هذا عامًا فيمن عنده أصل، ومن ليس عنده، فلا يشترط فيمن يسلم في التمر أن يكون عنده نخل، ولا يشترط فيمن يسلم في الحبوب أن يكون عنده زرع، وهكذا، إلا أن الحنفية وإن لم يشترطوا أن يكون الأصل مملوكًا للمسلم إليه، فقد اشترطوا وجوده في السوق على سبيل العموم، فيما بين العقد والأجل، وقد سبق بيان ذلك في المبحث السابق، وبيان الراجح.
* * *