الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث
في ضمان المقاول من الباطن
[م-793] تحدثنا فيما سبق عن ضمان المقاول الأصلي، فهل المقاول من الباطن يأخذ حكمه في الضمان؟
وللجواب عن ذلك:
نقول: ينظر في طبيعة العقد بين المقاول الأصلي والمقاول الباطن:
فإن كان المقاول الباطن قد تعهد بالعمل والمواد فالعقد عقد استصناع، فيضمن المقاول من الباطن في هذا ما يضمنه المقاول الأصلي، فللمقاول الأصلي أن يطالبه ببدله سليمًا باعتبار أن المعقود عليه في الذمة، وما في الذمة لا يلحقه تلف ولا عيب، ولا يبرأ المقاول من الباطن حتى يسلم سلعة مطابقة للمواصفات المتفق عليها.
وللمقاول الأصلي أن يختار فسخ العقد مع المقاول من الباطن، فإذا كان قد سلمه الثمن فإنه يطالبه برده، وإن لم يسلمه الثمن فلا يطالبه المقاول من الباطن بأي شيء باعتبار أن المقاول من الباطن لم يلتزم بتعهداته.
وله أن يقبل السلعة معيبة بشرط أن يوافق صاحب العمل على قبولها.
وهل له أن يطالبه بأرش النقص؟ في المسألة قولان بيناهما في خيار العيب.
وإن كان المقاول الباطن قد تعهد بتقديم العمل دون المواد، وكان العقد معه واردًا على العمل دون الزمن، ولم يكن خاضعًا لإشراف المقاول الأصلي، ولا إدارته، ويحق له أن يستقبل أعمالًا أخرى من مقاولين آخرين فهو يأخذ حكم المقاول الأصلي في الضمان.
وقد فصلنا ذلك في الكلام عن ضمان المقاول الأصلي، فالمقاول الباطن فرع عنه، فأغنى ذلك عن إعادته، وقد رجحت أنه يضمن إلا أن يكون التلف بسبب لا يمكنه التحرز منه كحريق غالب، والله أعلم.
وإن كان الأجير الذي تعاقد معه المقاول الأصلي واردًا على منفعته مدة معينة، ويخضع لإشراف المقاول الأصلي وإدارته، ولا يحق له أن يستقبل أعمالًا أخرى مدة عقده، فهذا يأخذ في الضمان حكم الأجير الخاص.
والأجير الخاص لا يضمن إلا إذا كان متعديًا أو مفرطًا؛ لأنه نائب عن المالك في صرف منافعه إلى ما أمر به، فلم يضمن كالوكيل، ولأن عمله غير مضمون عليه، وإنما يكون الضمان على المقاول الأصلي.
قال ابن قدامة في الكافي: «وإن استأجر الأجير المشترك أجيرًا خاصًا، فأتلف الثوب، فلا ضمان على الخاص، ويضمنه المشترك»
(1)
.
وجاء في مطالب أولي النهى: «إذا تقبل صاحب الدكان خياطة ثوب ودفعه إلى أجيره فخرقه أو أفسده بلا تعد ولا تفريط ; لم يضمنه ; لأنه أجير خاص ويضمنه صاحب الدكان لمالكه ; لأنه أجير مشترك»
(2)
.
(1)
الكافي في فقه الإمام أحمد (2/ 331)، وانظر المغني (5/ 307).
(2)
مطالب أولي النهى (3/ 684).