الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث
في حكم الشركة والتولية في بيع المسلم فيه قبل قبضه
[م-741] اختلف العلماء في حكم الشركة والتولية في بيع المسلم فيه قبل قبضه.
فقيل: لا يجوز، وهو مذهب الحنفية، والشافعية، والحنابلة.
وقيل: يجوز بيع المسلم فيه شركة وتولية قبل قبضه، وهذا مذهب المالكية.
والخلاف في ذلك راجع إلى الخلاف في تكييف الشركة والتولية.
فذهب جمهور أهل العلم إلى أن عقد التولية والشركة بيع مبتدأ، لا يجوز في شيء منه إلا ما يجوز في سائر البيوع
(1)
، ورجحه ابن حزم
(2)
.
وذهب مالك وربيعة، وطاووس
(3)
، إلى أن عقد التولية والشركة من عقود الإرفاق، ويقصد بها المعروف كالإقالة، ولهذا ذهب الإمام مالك إلى جواز بيع الطعام تولية قبل قبضه، مع أن الإجماع على أن بيع الطعام قبل قبضه منهي عنه
(4)
.
(1)
الحجة (2/ 706)، المبسوط (11/ 171)، بدائع الصنائع (5/ 180)، الجوهرة النيرة (1/ 208)، تحفة الفقهاء (2/ 105)، المجموع (9/ 208)، إحكام الأحكام (2/ 131)، طرح التثريب (6/ 115)، المغني (4/ 93)، الفتاوى الكبرى لابن تيمية (5/ 391). وقد نسب هذا القول للجمهور ابن عبد البر في التمهيد (16/ 341).
(2)
المحلى، مسألة (1509).
(3)
روى عبد الرزاق في المصنف (14257) قال: أخبرنا معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه، قال: لا بأس بالتولية، إنما هو معروف. وإسناده صحيح.
ورواه ابن أبي شيبة (4/ 384) حدثنا معتمر بن سليمان، عن معمر به.
(4)
المدونة (4/ 80)، بداية المجتهد (2/ 110)، شرح الزرقاني على الموطأ (3/ 373)، المنتقى (4/ 169)، الفروق للقرافي (3/ 283).
(1)
.
وفي حكاية الإجماع نظر كبير، إذ لو قيل: إن أكثر أهل العلم يرى أن التولية بيع لم يكن ذلك بعيدًا.
قال ابن عبد البر: «وقد قال بهذا القول - يعني قول الإمام مالك - طائفة من أهل المدينة، وقال سائر الفقهاء، وأهل الحديث لا يجوز بيع شيء من الطعام قبل أن يستوفى، ولا تجوز فيه الإقالة، ولا الشركة، ولا التولية عندهم قبل أن يستوفى بوجه من الوجوه، والإقالة، والشركة، والتولية عندهم بيع
…
»
(2)
.
وهذه شهادة من ابن عبد البر أن سائر الفقهاء ـ غير مالك ـ لا يرون بيع الطعام قبل قبضه شركة وتولية، وهو ينقض دعوى الإجماع، والله أعلم.
وقال ابن حزم: «ما نعلم روي هذا إلا عن ربيعة، وعن طاووس فقط، وقوله عن الحسن في التولية قد جاء عنه خلافها
…
»
(3)
.
قال ابن ر شد في بداية المجتهد: «العقود تنقسم أولًا إلى قسمين:
قسم يكون بمعاوضة.
وقسم يكون بغير معاوضة كالهبات والصدقات.
والذي يكون بمعاوضة ينقسم ثلاثة أقسام:
أحدها: يختص بقصد المغابنة والمكايسة، وهي البيوع، والإجارات، والمهور، والصلح، والمال المضمون بالتعدي وغيره.
(1)
التاج والإكليل (6/ 427).
(2)
التمهيد (16/ 341)، وانظر الاستذكار (21/ 10 - 11).
(3)
المحلى، مسألة (1509).
والقسم الثاني: لا يختص بقصد المغابنة، وإنما يكون على جهة الرفق، وهو القرض.
والقسم الثالث: فهو ما يصح أن يقع على الوجهين جميعا.
أعني على قصد المغابنة، وعلى قصد الرفق كالشركة والإقالة والتولية .... وأما العقود التي تتردد بين قصد الرفق والمغابنة وهي التولية والشركة والإقالة.
فإذا وقعت على وجه الرفق من غير أن تكون الإقالة أو التولية بزيادة أو نقصان، فلا خلاف أعلمه في المذهب أن ذلك جائز (يعني التولية والشركة) قبل القبض وبعده .....
(1)
.
وقد فصلت أدلة الأقوال في عقد البيع عند الكلام عن بيوع الأمانة، فأغنى عن إعادته هنا، والحمد لله.
* * *
(1)
بداية المجتهد (2/ 110).