الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فتنقل ملكيته إلى رب العمل، ولا تخرج مع ذلك عن نطاق المقاولة؛ إذ إن تملك رب العمل للشيء الذي صنعه المقاول ليس إلا نتيجة ضرورية لازمة لكون المقاول يقوم بالصنع لحساب رب العمل، والعقود الواردة على الملكية كما قلنا: لا تقتصر على البيع، فهناك الشركة، والقرض، والدخل الدائم، والصلح، وكذلك المقاولة إذا اتخذت صورة الاستصناع بأن كان محلها صنع شيء من مواد يقدمها المقاول»
(1)
.
واستدلوا: بعدة أدلة منها:
أولًا: الاستصناع: اشتقاق من الصنع، وهو العمل، فتسمية العقد به دليل على أنه هو المعقود عليه، والمادة فيه بمنزلة الآلة للعمل.
ثانيًا: بعض الأجراء العاملين (الأجير المشترك) أصحاب المهن تقتضي طبيعة عمله أن يضع من عنده المادة التي يستلزمها عمله المستأجر عليه كالصباغ، فإنه يدفع إليه الثوب، أو الغزل ليصبغه باللون المطلوب بصبغ يضعه من عنده، ولا يقدمه له صاحب الثوب، كما يفعل الصانع في الاستصناع، ولم يخرجه هذا عن أن يكون أجيرًا، وعقد عمله إجارة
(2)
.
ثالثًا: لو كان عقد الاستصناع من عقود البيع، لما بطل العقد بموت الصانع، كما هو مجمع عليه عند الحنفية.
ونوقش هذا:
إذا وردت المقاولة على الملكية فنقلتها فذلك دليل على أن المقاولة قد
(1)
الوسيط (7/ 1/24).
(2)
انظر عقد الاستصناع، ومدى أهميته في الاستثمارات الإسلامية المعاصرة - الزرقاء بحث مقدم لمجلة مجمع الفقه الإسلامي العدد السابع (2/ 234).
اختلطت بعقد آخر، وهذا العقد الآخر الذي نقل الملكية في نظير مقابل لا يمكن إلا أن يكون بيعًا، وإذا كان صحيحًا أن المقاول له أن يتعهد بصنع شيء يقدم فيه العمل والمادة معًا، ويكون مسئولًا عن جودة المادة وعليه ضمانها لرب العمل فليس معنى ذلك أن المقاولة تبقى مقاولة محضة في هذه الظروف، ولا يوجد ما يمنع من أن تختلط المقاولة بعقد آخر، وهو الذي يقع على المادة دون العمل، ويصح مع ذلك أن المقاول هو الذي قدم المادة، ويكون له بذلك دوران: دور البائع الذي قدم المادة، ودور المقاول الذي قدم العمل
(1)
.
واجتماع البيع والإجارة فيه خلاف بين أهل العلم.
فقيل: لا يجوز مطلقًا، وهو مذهب الحنفية
(2)
، وقول في مذهب الشافعية
(3)
.
وقيل: يجوز مطلقًا، وهو مذهب المالكية، والراجح في مذهب الشافعية
(4)
.
جاء في المدونة: «أرأيت إن استأجرت رجلًا على أن يبني لي دارًا على أن الجص والآجر من عند الأجير؟ قال: لا بأس بذلك. قلت: وهو قول مالك. قال: نعم. قلت: لم جوزه مالك؟ قال: لأنها إجارة، وشراء جص وآجر صفقة واحدة.
(1)
انظر الوسيط في شرح القانون المدني الجديد (7/ 1/24 - 25).
(2)
تبيين الحقائق (4/ 59)، فتح القدير (6/ 80)، العناية شرح الهداية (6/ 446).
(3)
المجموع (9/ 483 - 484).
(4)
المجموع (9/ 483 - 484).