الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دليل من قال: تثبت الأجرة للأجير إذا لم يكن من أهل التبرع:
إذا عمل دون أن يذكر أجرة كان عمله متبرعًا إلا أنه يشترط لصحة التبرع أن يصدر من أهله، فإذا كان الأجير ليس أهلًا للتبرع لكونه مملوكًا، أو لكونه محجورًا عليه لسفه مثلًا استحق أجرة المثل؛ لأن تبرعه غير معتبر.
الراجح:
جواز الإجارة من غير ذكر الأجرة، لأن المتعاقدين حين تعاقدا من غير ذكر الأجرة كان لسان حالهما أنهما قد تراضيا في الرجوع إلى أجرة المثل، فإذا تراضيا على ذلك جاز، والأجرة وإن لم تكن مقدرة هنا لكنها قابلة للتقدير، كما أن الرجوع إلى أجرة المثل أدعى للعدل مما لو تعاقدا على أجر مسمى، فقد يغبن أحدهما الآخر، ولا زال الناس يتعاملون في البيع بمثل ذلك، فيأخذ الرجل حاجته من البقال أو اللحام أو الفاكهي، ولا يتفقان على ثمن وقت الأخذ، ثم يحاسبه في آخر الشهر، وكان هذا البيع صورة من صور بيع المعاطاة، وما جاز في ثمن المبيع جاز في الأجرة. وقد سبق أن ناقشت البيع بدون ذكر الثمن، ورجحت جوازه، فارجع إليه إن شئت في عقد البيع، والله أعلم.
* * *
الشرط الثاني
في اشتراط تعجيل الأجرة إذا كانت معينة
[م-779] اشترط الجمهور تعجيل الأجرة إذا كانت معينة، وليست في الذمة كما لو استأجر أجيرًا بشيء بعينه من عين أو عرض، أو حيوان
(1)
.
وعللوا ذلك: بأنه يترتب على تأخيرها غرر، فالعين المعينة عرضة للتلف، أو لتغير أوصافها مما يفضي إلى النزاع.
ولأن الله سبحانه وتعالى قال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة:282].
فالآية تدل على جواز التأجيل في الديون، ولم يرد في النصوص ما يشير إلى جواز تأجيل الأعيان، ولهذا قال الكاساني في البدائع «التأجيل يلائم الديون، ولا يلائم الأعيان»
(2)
.
وقال ابن عابدين: «الأعيان لا تقبل التأجيل»
(3)
.
(1)
حاشية ابن عابدين (5/ 158)، التاج والإكليل (5/ 393)، الخرشي (7/ 3)، الشرح الكبير (4/ 3)، غاية البيان شرح زبد ابن رسلان (ص: 236)، شرح البهجة (3/ 313).
(2)
(3)
حاشية ابن عابدين (5/ 158)، وانظر فتح القدير (6/ 448)، الفتاوى الهندية (3/ 4).
وقال الرملي: «الأعيان لا تقبل التأجيل ثمنًا، ولا مثمنًا»
(1)
.
وقال ابن رشد في بداية المجتهد: «وأجمعوا على أنه لا يجوز بيع الأعيان إلى أجل، وأن من شرطها تسليم المبيع إلى المبتاع بأثر الصفقة»
(2)
.
والأجرة نوع من البيع؛ إلا أنها من قبيل بيع المنافع.
(3)
.
وعلل الحنفية والشافعية المنع من التأجيل في المعين بأنه إنما شرع الأجل من أجل التحصيل، فإذا كان معينًا فقد تم تحصيله فلا حاجة له.
(4)
.
وقال السيوطي: «الأجل شرع رفقًا للتحصيل، والمعين حاصل»
(5)
.
وعلل السمرقندي أن الأجل في المعين لا يفيد، فقال:«ومنها: أن يشترط الأجل في المبيع العين، أو الثمن العين؛ لأن الأجل في الأعيان لا يفيد، فلا يصح، فيكون شرطًا لا يقتضيه العقد، فيفسد البيع»
(6)
.
(1)
نهاية المحتاج (3/ 454).
(2)
بداية المجتهد (2/ 117)، وانظر المنتقى للباجي (5/ 115).
(3)
المجموع (9/ 413).
(4)
العناية (6/ 448).
(5)
الأشباه والنظائر للسيوطي (1/ 329).
(6)
تحفة الفقهاء (2/ 49).
وقد حكي في ذلك الإجماع، فإن صح الإجماع فهو حجة وإلا فالنظر لا يمنع من تأجيل المعين، وإذا جاز على الصحيح أن يبيع الدار ويستثني سكناها مدة معلومة، وهذا يقتضي عدم تسليم المعين، وما جاز في البيع جاز في الإجارة، كما تجوز الإجارة على مدة لا تلي العقد على الصحيح، وهذا يعني تأخير تسليم المعين.
وقد بحثت هذا الشرط في كتاب الشروط في البيع (اشتراط التأجيل في العقد) فانظره هناك.
* * *