الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإذا كان النهي عن بيع ما ليس عند البائع يرجع إلى عدم القدرة على التسليم، فإن من شروط السلم أن يكون قادرًا على التسليم عند حلول أجله فلا يدخل في النهي عن بيع ما ليس عند البائع.
الراجح:
أرى أن الراجح في ذلك قول الشافعي رحمه الله، وأن حديث حكيم ابن حزام بلفظ: الرجل يسألني البيع ليس عندي ما أبيعه، ثم أبيعه من السوق؟ فقال: لا تبع ما ليس عندك، أن هذا اللفظ غير محفوظ، وأن السلم الحال والمؤجل غير داخل في النهي عن بيع ما ليس عند الإنسان، وأن السلم عقد انقلب فيه الثمن إلى مبيع، والمبيع إلى ثمن.
توضيح ذلك:
أن من طبيعة المبيع أن يكون معينًا. ومن طبيعة الثمن عدم التعيين أي أن يكون في الذمة، كما لو كان الثمن نقودًا. هذا هو الأصل في البيع، وفي هذه الصورة لا خلاف أنه لو سلَّم المبيع، وأجل الثمن فلا حرج في ذلك، ولا يدخل في حديث النهي عن بيع ما ليس عند الإنسان.
وقد يأتي البيع على خلاف الأصل.
فيتعين كلٌ من المبيع، والثمن، كما في بيع المقايضة، فحين يكون البيع مبادلة عروض بعروض، سيارة بسيارة، أو بيت ببيت. فهنا كلٌ من المبيع والثمن يجب تعيينهما، وكل منهما صالح لأن يكون ثمنًا، والآخر مبيعًا.
وقد يكون كل من المبيع والثمن لا يقبلان التعيين، كما في عقد الصرف، لهذا وجب التقابض في مجلس العقد؛ لكي يتعين كل واحد منهما بالقبض، وكل منهما صالح لأن يكون مبيعًا، وثمنًا.
أما عقد السلم فقد انقلب إلى وجوب تعيين الثمن ليكون بمنزلة المبيع، لذا اشترط أن يكون التسليم في مجلس العقد، وعدم تعيين المبيع ليكون بمنزلة الثمن. ولهذا اشترطوا أن يكون المبيع مثليًا ليكون على صفة الثمن. هذا كل ما في الأمر، وتأجيل الثمن، وتقديم المثمن لا نزاع فيه، وعلى وفق القياس، فإذا لوحظ هذا في عقد السلم لم نكن بحاجة إلى أن نقول: إن السلم مستثنى من بيع ما ليس عند البائع.
وقد بحثت هذه المسألة بشيء من التوسع عند الكلام على موانع البيع، وذلك عند الكلام عن مسائل الغرر التي تعود إلى عدم القدرة على تسليم المبيع، فارجع إليه إن شئت، وسيأتي بقية أخرى من الكلام على هذه المسألة عند الكلام عن السلم الحال، أسأل الله وحده عونه وتوفيقه.
* * *