الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل السادس
الإقالة في عقد السلم
[م-748] تَرِدَ الإقالة على عقد السلم قبل قبض المسلم فيه وبعده، فترفع أثر العقد بين المتقايلين، وتوجب رد رأس المال إلى المشتري سواء أكان مثليًا أم عينيًا إن كان الثمن في يد المسلم إليه
(1)
، وحكي فيه الإجماع، حكاه ابن عبد البر وابن قدامة
(2)
، وابن القيم في تهذيب السنن.
قال ابن عبد البر: «قد أجمعوا أن الإقالة بيع جائز في السلف برأس المال»
(3)
.
فإن خرج عن يده بتلف أو غيره.
فقيل: يرد مثله إن كان مثليًا أو قيمته إن كان قيميًا، وهذا مذهب الجمهور
(4)
.
قال ابن عابدين: «اعلم أنه لا يرد على اشتراط قيام المبيع لصحة الإقالة، إقالة السلم قبل قبض المسلم فيه، فإنها صحيحة، سواء كان رأس المال عينًا، أو دينًا، وسواء كان قائمًا في يد المسلم إليه، أو هالكًا؛ لأن المسلم فيه، وإن كان دينًا حقيقة، فله حكم العين، حتى لا يجوز الاستبدال به قبل قبضه، وإذا
(1)
المحرر (1/ 334)، المغني (4/ 96).
(2)
الكافي (2/ 101).
(3)
الاستذكار (21/ 12 - 13).
(4)
حاشية ابن عابدين (5/ 129)، وانظر بدائع الصنائع (5/ 309)، البحر الرائق (6/ 115)، تحفة الفقهاء (2/ 18)، مرقاة المفاتيح (6/ 91)، أسنى المطالب (2/ 75)، الوسيط (3/ 140)، الإنصاف (4/ 478) و (5/ 112)، كشاف القناع (3/ 308).
صحت -يعني الإقالة - فإن كان رأس المال عينًا ردت، وإن كانت هالكة رد المثل إن كان مثليًا، والقيمة إن كان قيميًا .... »
(1)
.
وذهب المالكية إلى أن الثمن إن خرج من يد المسلم إليه فإنه فوت يمنع الإقالة إلا أن يكون الثمن نقدًا فتصح الإقالة
(2)
.
لأن النقد لا يتعين رد عينه عندهم حتى مع وجوده، فإذا كان له أن يعطيك مثله ولو كان في يده، صح أن يعطيك مثله مع فواته على أن يرد المسلم إليه مثله معجلًا، ولا يؤخره اليومين والثلاثة.
واختار ابن حزم عدم جواز الإقالة في السلم مطلقًا:
واحتج بأن الإقالة بيع، وهي من بيع ما لم يقبض، وقد نهي عنه؛ لأنه غرر
(3)
.
وهل تصح الإقالة في بعض المسلم فيه؟
فيه خلاف بين أهل العلم:
فقيل: تصح في بعضه كما تصح في جميعه، وهو ما ذهب إليه الحنفية
(4)
، والشافعية
(5)
، وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد
(6)
.
(1)
حاشية ابن عابدين (5/ 129)، وانظر بدائع الصنائع (5/ 309)، البحر الرائق (6/ 115)، تحفة الفقهاء (2/ 18).
(2)
المدونة (4/ 69 - 74)، الخرشي (5/ 166)، التاج والإكليل (4/ 485)، الشرح الكبير (3/ 155)، حاشية الدسوقي (3/ 154 - 155)، الكافي في فقه أهل المدينة (ص: 361).
(3)
المحلى، مسألة:1624.
(4)
تحفة الفقهاء (2/ 18)، المبسوط (12/ 130).
(5)
روضة الطالبين (3/ 496).
(6)
المغني (4/ 201 - 202).
لأن الإقالة مندوب إليها، وكل مندوب إليه جاز في الجميع جاز في البعض كالإبراء والإنظار.
وقيل: لا تصح الإقالة في بعض المسلم فيه، إلا أن يكون رأس المال عرضًا يعرف بعينه، أو كان عينًا (دراهم أو دنانير) أو طعامًا لا يعرف بعينه ولم يقبضه المسلم إليه، أو قبضه ولم يغب عليه. وأما إن كان رأس المال عينًا، أو طعامًا وقبضه المسلم إليه، وغاب عليه لم تجز الإقالة في البعض، هذا مذهب المالكية
(1)
.
لأن الإقالة في البعض تأخذ حكم البيع، وبيع الشيء قبل قبضه لا يجوز، والأول أصح.
وقد عقدت بابًا خاصًا لأحكام الإقالة في المجلد السابع من هذه المنظومة فارجع إليه إن شئت.
* * *
(1)
مواهب الجليل (4/ 484)، حاشية الدسوقي (3/ 155)، الخرشي (5/ 165)، التفريع لابن الجلاب (2/ 136).