الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كان موجودًا، أو معدومًا، كبيع العبد الآبق، والبعير الشارد، إن كان موجودًا
…
»
(1)
.
وبيع المعدوم لا يخرج عن ثلاثة أحوال:
إما أن يكون المبيع فيه محقق العدم، فليس في هذا البيع غرر، والبيع باطل بداهة؛ لاستحالة التنفيذ.
وإما أن يكون المبيع محقق الوجود عند التسليم، فلا غرر أيضًا، والبيع صحيح. ومنه السلم، فإن الشارع أجازه؛ لأن المبيع فيه محقق الوجود عادة في المستقبل.
وإما أن يكون المبيع مجهول الوجود؛ وهذا ممنوع لوجود الغرر.
وعليه نقول: المعدوم الذي فيه غرر لا يجوز بيعه، ولكن ليس كل معدوم يخفى علينا عاقبته؛ لأن من المعدوم ما لا غرر في بيعه، ولا تخفى علينا عاقبته، كما في بيع الأشياء المعدومة وقت العقد، ولكنها متحققة الوجود في المستقبل بحسب العادة، كما في السلم، والاستصناع، وبيع الأشياء المتلاحقة الوجود
(2)
.
القول الثاني:
ذهب ابن حزم، وابن تيمية، وابن القيم بأن السلم جاء على وفق القياس.
واختلفوا في توجيه ذلك:
فابن حزم نزع ـ كعادته ـ إلى الظاهرية، ونفى أن يكون السلم بيعًا، لا من حيث اللفظ، ولا من حيث المعنى:
(1)
إعلام الموقعين (2/ 7).
(2)
انظر كتاب الغرر وأثره في العقود - الشيخ الصديق محمد الأمين الضرير (ص: 355)، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد التاسع (1/ 380).
أما اختلاف اللفظ بين البيع وبين السلم، والسلف فظاهر، وهو يرى أن الأسماء توقيفية، فالشارع لم يسمه بيعًا، وإنما سماه سلمًا أو سلفًا، فتسميته بيعًا مخالف للتسمية التوقيفية من لدن الشارع.
وأما اختلاف السلم عن البيع من حيث المعنى:
فالبيع يجوز حالا، ويجوز مؤجلًا، والسلم عنده لا يجوز إلا مؤجلًا.
والبيع لا يجوز فيما ليس عند البائع. والسلم يجوز فيما ليس عند البائع.
والبيع لا يجوز إلا بشيء بعينه، والسلم لا يجوز بشيء بعينه أصلًا.
وإذا كان السلم ليس بيعًا، فلا يكون داخلًا في النهي عن بيع ما ليس عند الإنسان، حتى يستثنى منه السلم، بل السلم أصل قائم بنفسه، توافرت الأدلة على مشروعيته
(1)
.
ويرد على ابن حزم:
بأن السلم ليس من البيع المطلق هذا صحيح، ولكنه نوع من البيع، فالصرف له اسم خاص، وله شروط خاصة، وليس من البيع المطلق، ومع هذا سماه الشارع بيعًا، فقال:(لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلًا بمثل) وكون الشارع خصه باسم السلف؛ لأن السلف الذي هو تقديم الثمن شرط في صحته، بخلاف البيع المطلق، فلما كان من شروطه تقديم الثمن أعطي اسمًا خاصًا، وإلا فهو بيع، فالبيع جنس يدخل فيه أنواع كثيرة من البيوع، منها السلم، ومنها الصرف، وهو خاص في بيع الأثمان بعضها ببعض، ومنها المقايضة، وهي بيع العروض بعضها ببعض.
وأدلة ابن حزم التي ساقها غاية ما فيها أنها توجد فرقًا بين البيع المطلق، وبين
(1)
المحلى، مسألة (1613).