الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث
في حكم إجراء عقد المناقصة
[ن-57] لا يخرج عقد المناقصة في الحقيقة عن عقدين سبق بحثهما على وجه التفصيل، لذلك سنشير إليهما إشارة، ونكتفي بما سبق:
الأول: أن يكون المناقص فيه توريدًا لسلع موصوفة في الذمة، سواء كانت هذه السلع موجودة عند المناقص، أو ليست موجودة عنده.
وقد سبق لنا تحرير الخلاف في عقد التوريد فيما إذا كان المعقود عليه سلعة موصوفة في الذمة، هل يشترط في ذلك تقديم الثمن في مجلس العقد؛ لأن تأجيل البدلين يؤدي إلى الوقوع في بيع الدين بالدين؟ كما اختار ذلك مجمع الفقه الإسلامي.
أو لا يشترط ذلك كما اختاره جمع من الباحثين المعاصرين على اختلاف بينهم في تخريج هذا العقد؟
وقد رجحت أن العقد يختلف عن عقد السلم، فلا يشترط تقديم الثمن في مجلس العقد بشرط أن يدخل البيع عمل مقصود، من ذلك أن يقوم المورد بجلب البضاعة وشحنها إلى المستورد كما هو الغالب على عقود التوريد.
فلا يكون العقد بيعًا محضًا، وإنما هو بيع وإجارة. وقد ذكرت أدلة كل قول في عقد التوريد فأغنى عن إعادته هنا.
الثاني: أن يكون المناقص فيه عملًا يتعهد به المناقص، وهذا يشبه عقد المقاولة.
فإن كان المقاول يتعهد بالعمل والأدوات معًا فهو عقد استصناع، وقد ذكرنا
الخلاف في الاستصناع عند الكلام عن عقد الاستصناع، وذكرنا فيه ثلاثة أقوال:
الجواز مطلقًا، وهذا مذهب الحنفية.
الجواز بشروط عقد السلم، وهو مذهب المالكية والشافعية، وقول في مذهب الحنابلة.
المنع، وهو قول في مذهب الحنابلة.
وكان الترجيح لمذهب الحنفية، وعليه عمل الناس. وقد ذكرنا أدلة كل قول من هذه الأقوال في عقد الاستصناع فأغنى عن إعادته هنا.
وإن كان المقاول يتعهد بالعمل فقط، والأدوات من صاحب العمل، فهو من قبيل الأجير المشترك، وهو جائز في الفقه بالاتفاق، وذكرنا أدلته في عقد المقاولة فانظره هناك.
الخلاصة: جواز عقد المناقصة؛ لأنه لن يخرج عن عقد التوريد وعقد المقاولة، وهما عقدان جائزان في الفقه الإسلامي.
* * *