الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما الحنفية فهم يعتبرونه عقدًا مستقلًا متميزًا بأحكامه كما يتميز الصرف والسلم، فكما أن الصرف والسلم نوعان من البيوع، وهما عقدان مستقلان، ولهما أحكام خاصة، لا تجري في البيع المطلق العادي، فكذلك الاستصناع
(1)
.
وثمرة الخلاف:
تظهر ثمرة الخلاف بين قول الحنفية وبين قول الجمهور من وجوه:
الأول: أن الجمهور يشترطون تقدم الثمن؛ لأن من شرط صحة السلم أن يقدم الثمن، بينما الحنفية لا يرون هذا الشرط لازمًا في عقد الاستصناع، باعتبار أنه ليس من بيوع السلم، وإنما هو عقد خاص جرى على خلاف القياس استحسانًا، وسيأتي مزيد بحث لهذه المسألة إن شاء الله تعالى.
الثاني: التأجيل شرط في صحة عقد السلم عند الحنفية والمالكية والحنابلة، وأما في عقد الاستصناع فيرى الحنفية أن اشتراط الأجل فيه ليس بشرط، وسيأتي الكلام عن ذلك إن شاء الله في فصل مستقل.
(1)
مجلة الأحكام العدلية - المواد (388 - 392).
الثالث: السلم بيع دين في الذمة، وهو غالبًا ما يكون في المثليات فقط، وفي القيمي إذا كان مما يمكن ضبط صفاته، وأما في الاستصناع فإنه بيع عين في الذمة، ويكون في المثلي، وغير المثلي.
الرابع: العقد في السلم عقد لازم، إذا توفرت شروطه، والعقد في الاستصناع عقد غير لازم قبل إتمام العمل، وإذا تم العمل كان عقدًا غير لازم في حق المستصنع، ولازمًا في حق الصانع إذا رآه المستصنع بحسب رأي أبي حنيفة؛ لأن المشتري اشترى ما لم يره، فكان له الخيار.
وقيل إذا تم العمل يكون عقدًا لازمًا حتى في حق المستصنع بشرط أن يكون مطابقًا للمواصفات، وهذا رأي أبي يوسف.
وقد اختارت مجلة الأحكام العدلية أن عقد الاستصناع عقد لازم من العقد. وسيأتي بيانه في مبحث مستقل إن شاء الله تعالى.
الخامس: السلم عقد بالاتفاق، والاستصناع جرى فيه خلاف، هل هو عقد أو وعد كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى في مبحث مستقل.
السادس: السلم عقد بيع، وأما الاستصناع فجرى فيه خلاف، هل هو بيع أو إجارة؟ وسيأتي تحرير الخلاف فيه إن شاء الله تعالى.
ويتفق السلم والاستصناع فيما يأتي:
أولًا: يتفق السلم والاستصناع بأن كلا منهما عقد على موصوف في الذمة.
ثانيًا: لا بد من ضبط كل واحد منهما جنسًا ونوعًا وصفةً وقدرًا، ضبطًا يمنع الجهالة المفضية إلى التنازع.
ثالثًا: ألا يكون الثمن والمثمن في السلم والاستصناع مما يجري فيه ربا النسيئة؛ وذلك لأن التأجيل من طبيعة العقدين.
رابعًا: ذكر مكان الوفاء إن كان محل العقد لا يصلح للتسليم، وكذا إن كان لحمله مؤونة، فلا بد من تحديد مكان الوفاء منعًا للنزاع.
* * *