الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثاني
في أركان السلم
[م-692] السلم عقد من العقود، وكل عقد لا بد له من أركان يقوم عليها، وهو على الصحيح عقد بيع، فأركان البيع هي أركان السلم، وقد سبق الكلام عن أركان البيع.
وقد وقع خلاف بين الحنفية، والجمهور في تحديد الركن.
فالحنفية يرون أن الركن هو جزء الماهية
(1)
.
والجمهور يرون أن الركن ما لا يتم الشيء إلا به، سواء أكان جزءًا منه، أم لازمًا له
(2)
.
وبناء على هذا الاختلاف اختلفوا في أركان السلم:
فقيل: أركان السلم هي الصيغة فقط (الإيجاب، والقبول)، وهذا مذهب الحنفية
(3)
.
وجهه: أن الركن: هو ما يتوقف عليه وجود الشيء، وكان جزءًا داخلًا في حقيقته، وهذا خاص في الإيجاب، والقبول، أما العاقدان، والمعقود عليه، فهي من لوازم العقد، وليست جزءًا من حقيقة العقد، وإن كان يتوقف عليها وجوده.
(1)
البحر الرائق (1/ 306).
(2)
انظر الشرح الصغير مع حاشية الصاوي (2/ 542)، أسنى المطالب (1/ 141).
(3)
بدائع الصنائع (5/ 201)، فتح القدير (7/ 70)، الفتاوى الهندية (3/ 178)، البحر الرائق (5/ 278)، حاشية ابن عابدين (4/ 504)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (4/ 2)، الاختيار لتعليل المختار (2/ 4)، مجلة الأحكام العدلية (149).
وقيل: أركان السلم ثلاثة:
(ا) - الصيغة (الإيجاب، والقبول).
(2)
- والعاقدان (البائع، والمشتري).
(3)
- والمحل (المعقود عليه من مبيع، وثمن)، وهذا مذهب الجمهور
(1)
.
ومذهب الحنفية أجود، وأدق، والجمهور لا يطردون في تحديد الأركان، فاللوازم تارة يعتبرونها من الأركان، وتارة لا يدخلونها، فهم يجعلون الفاعل ركنًا في مثل عقد البيع، والنكاح، ولا يجعلونه ركنًا في العبادات كالصلاة، والحج، وإن كان لا يتصور قيام الحج والصلاة بدون فاعل.
(2)
.
ولا حاجة إلى هذا الفارق العسر كما وصفه، بل يقال: مذهب الحنفية أقوى، ومطرد في تحديد أركان الشيء من عبادات، ومعاملات، وأهمية تحديد
(1)
شرح حدود ابن عرفة (ص: 397)، الخرشي (5/ 5)، حاشية الدسوقي (3/ 2)، حاشية الصاوي (3/ 13)، مواهب الجليل (4/ 241 - 242)، المجموع (9/ 174)، تحفة المحتاج (4/ 215)، حاشية الجمل (3/ 5 - 6)، شرح منتهى الإرادات (2/ 5 - 6)، كشاف القناع (3/ 146).
(2)
المصباح المنير (ص: 237).
الأركان تأتي بحسب مصطلح الحنفية في التفريق بين البيع الفاسد، والباطل، فالباطل: هو الذي لحق الخلل فيه ركن البيع، والفاسد ما كان مشروعًا بأصله، دون وصفه، وقد سبق الكلام عليه عند الكلام على عقد البيع، ولله الحمد.
* * *