الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني
التزام المقاول بشأن مواد العمل
إذا اشترط رب العمل أن يقدم المقاول مادة العمل كلها أو بعضها كان مسئولًا عن جودتها طبقًا لشروط العقد إذا وجدت، وإلا تطبيقًا للعرف الجاري.
وإذا كان صاحب العمل هو المتعهد بتوفير ذلك وجب على المقاول أن يحرص عليها، وأن يرد لصاحبها ما بقي منها، فإن تلفت أو تعيبت أو فقدت فهل يضمنها مطلقًا، أو يضمنها في حال كان تلفها بسبب يرجع إلى الصنعة، أو لا يضمنها مطلقًا إلا إن تعدى أو فرط، في ذلك خلاف سيأتي تحريره إن شاء الله تعالى.
وهل يجب على المقاول أن يحضر أدواته الخاصة التي تستعمل لإنجاز العمل كالآلات الضرورية لعمله وذلك مثل الرافعات والخلاطات، وأدوات الحفر، والهدم، ومكينة الخياطة، والخيوط اللازمة، وحبر الناسخ، أو أن هذا داخل في التزام صاحب العمل؟
وللجواب عن ذلك يقال: إن كان هناك شرط أو عرف وجب العمل به
(1)
.
جاء في البحر الرائق: «في الفتاوى الظهيرية الخيط والمخيط على الخياط، وهذا في عرفهم. أما في عرفنا فالخيط على صاحب الثوب»
(2)
.
وإن لم يكن هناك شرط ولا عرف فقد اختلف الفقهاء.
(1)
انظر درر الحكام شرح مجلة الأحكام (1/ 660)، المادة (574)، تحفة الفقهاء (2/ 361 - 362).
(2)
البحر الرائق (7/ 301).
فقيل: كل ما كان من توابع العمل فإنها تلزم الأجير (المقاول) ما لم يشترط غير ذلك. وهذا مذهب الحنفية
(1)
، وقول عند الشافعية
(2)
، والمشهور من مذهب الحنابلة
(3)
.
وجه ذلك:
أن هذه الآلات تابعة للعمل، فالنجار لا يكون نجارًا إلا ومعه المعدات الخاصة بذلك، والحداد لا يكون حدادًا إلا ومعه آلة الحدادة.
ولأنه لا يمكن أن يكلف رب العمل بشراء الآلات الرافعة والخلطات وأثمانها باهظة وهو لن يستعملها إلا لمشروع واحد، فتكون حينئذ خسائر رب العمل مضاعفة بخلاف المقاول فإنه لا يستغني عنها في مشاريعه المستمرة.
وقيل: الآلات على رب العمل وهذا مذهب المالكية
(4)
، والمشهور في مذهب الشافعية
(5)
، وقول في مذهب الحنابلة
(6)
.
(1)
الفتاوى الهندية (4/ 455 - 456)، وانظر المادة 545، 574 من مجلة الأحكام العدلية.
(2)
مغني المحتاج (2/ 346)، نهاية المحتاج (5/ 296).
(3)
الإنصاف (6/ 32)، المبدع (5/ 77)، شرح منتهى الإرادات (2/ 251)، كشاف القناع (3/ 563)، مطالب أولي النهى (3/ 610).
(4)
جاء في تهذيب المدونة (3/ 131): «ولو آجرته على بناء دار فالأداة والماء، والفؤوس والقفاف والدلاء على من تعارف الناس أنها عليه
…
فإن لم تكن لهم سنة فآلة البناء على رب الدار
…
». وانظر الخرشي (7/ 24 - 25)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير (4/ 40)، الشرح الكبير (4/ 23 - 24) وانظر بهامشه حاشية الدسوقي، منح الجليل (7/ 504).
(5)
مغني المحتاج (2/ 346)، السراج الوهاج (ص: 292)، نهاية المحتاج (5/ 296)، منهاج الطالبين (ص: 77).
(6)
الإنصاف (6/ 32).
وجه ذلك:
أن المقاول إنما التزم بالعمل فقط فلا يلزمه غير ذلك.
وقيل: إن كان العقد على الذمة وجب بيان من يجب عليه إحضار هذه الأشياء، فإذا لم يبين هذا في العقد بطلت الإجارة. وإن كان العقد على العين لم يجب غير نفس العمل. وهذا قول في مذهب الشافعي
(1)
.
* * *
(1)
انظر المراجع السابقة.