الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول
في توصيف عقد الاستصناع
حتى نتمكن من توصيف عقد الاستصناع لا بد من الكلام على ذلك من خلال بيان الفرق بينه وبين عقد السلم، وهل هو عقد، أو مجرد وعد؟
وإذا كان عقدًا، فهل هو عقد بيع أو عقد إجارة؟
وإذا كان بيعًا فهل هو بيع عين، أو بيع دين؟
وهل هو عقد لازم أو غير لازم؟
فمن خلال كشف هذه الأمور نستطيع أن نخرج بتصور صحيح عن عقد الاستصناع يكشف حقيقته للقارئ الكريم، وفقنا الله للصواب بمنه وكرمه.
* * *
المبحث الأول
الفرق بين الاستصناع وبين السلم
[م-752] الجمهور لا يذكرون عقد الاستصناع بتعريف مستقل، وإنما يذكرونه في باب السلم: في بيع شيء موصوف في الذمة مما تدخله الصنعة، ويصرحون بعدم جوازه إذا لم تتوفر فيه شروط السلم.
قال في الإنصاف: «ذكر القاضي وأصحابه: أنه لا يصح استصناع سلعة؛ لأنه باع ما ليس عنده على غير وجه السلم، واقتصر عليه في الفروع
…
»
(1)
.
(1)
الإنصاف (4/ 300): وبقية كلامه، قال رحمه الله «وقالوا أيضا: لا يصح بيع ثوب نسج بعضه، على أن ينسج بقيته. وعللوا تبعًا للقاضي: بأن بيع المنسوج بيع عين، والباقي موصوف في الذمة، ولا يصح أن يكون الثوب الواحد بعضه بيع عين وبعضه مسلم فيه؛ لأن الباقي سلم في أعيان. وذلك لا يجوز؛ ولأنه بيع، وسلم، واستئجار. فاللحمة غائبة. فهي مسلم فيه، والنسج استئجار، واقتصر على ذلك في المستوعب والحاويين والفروع وغيرهم. وقدمه في الرعاية الكبرى. وقال وقيل: يصح بيعه إلى المشتري إن صح جمع بين بيع وإجارة منه بعقد واحد؛ لأنه بيع وسلم أو شرط فيه نفع البائع. انتهى» وانظر الفروع (4/ 24)، كشاف القناع (3/ 165).
وانظر في مذهب المالكية: المدونة (3/ 68)، الخرشي (5/ 223 - 224)، وفي حاشية الدسوقي (3/ 217): «استصناع السيف والسرج سلم
…
كأن تقول لإنسان: اصنع لي سيفًا، أو سرجًا، صفته كذا بدينار، فلا بد من تعجيل رأس المال، وضرب الأجل، وألا يعين العامل، ولا المعمول منه». اهـ
وذكر ابن رشد في المقدمات (2/ 32): أن السلم في الصناعات: ينقسم في مذهب ابن القاسم أربعة أقسام .....
(أحدها): ألا يشترط عمل من استعمله، ولا يعين ما يعمل منه، فهو سلم، لا يجوز إلا بوصف العمل، وضرب الأجل، وتقديم رأس المال.
وأما الوجه الثاني: أن يشترط عمله، ويعين ما يعمل منه، فليس بسلم، وإنما هو من باب البيع والإجارة في الشيء المبيع .....
وأما الوجه الثالث: ألا يشترط عمله، ويعين ما يعمل منه، فهو أيضًا من باب البيع والإجارة.
وأما الوجه الرابع: أن يشترط عمله، ولا يعين ما يعمل منه، فلا يجوز على حال؛ لأنه يجتذبه أصلان متناقضان: لزوم النقد لكون ما يعمل منه مضمونًا، وامتناعه لاشتراط عمل المستعمل بعينه. اهـ بتصرف يسير.
ويبدو أن ابن القاسم يوافق الحنفية في عقد الاستصناع من بعض الوجوه، ويسميه بيعًا وإجارة.
وانظر في مذهب الشافعية: الأم (3/ 131).