الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القول الأول:
يجوز اشتراط البراءة من العيب مطلقًا سواء كان عالمًا بالعيب أم غير عالم به. وهذا مذهب الحنفية
(1)
، وأحد قولي الشافعي
(2)
.
القول الثاني:
لا يصح اشتراط البراءة من العيب مطلقًا، ولا يبرأ إذا اشترط ذلك، سواء كان عالمًا بالعيب أو غير عالم به. وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة
(3)
.
القول الثالث:
لا يبرأ البائع إذا كان عالمًا بالعيب، وهذا مذهب المالكية
(4)
، وأحد قولي الشافعي
(5)
، وقول في مذهب الحنابلة اختاره ابن تيمية
(6)
.
(1)
الجوهرة النيرة (1/ 200).
(2)
المهذب (1/ 288).
(3)
الكافي في فقه الإمام أحمد (2/ 93)، المبدع (4/ 61)، المغني (4/ 129)، كشاف القناع (3/ 196)، مطالب أولي النهى (3/ 80)، كشف المخدرات (1/ 378).
(4)
قال مالك في المدونة (4/ 349): «فإن علم عيبًا، ولم يسمه بعينه، وقد باع بالبراءة لم تنفقه البراءة في ذلك العيب» . وانظر المنتقى شرح الموطأ (4/ 180)، الكافي لابن عبد البر (ص: 349)، القوانين الفقهية (ص: 175).
(5)
الأم (6/ 194).
(6)
قال ابن تيمية في الفتاوى الكبرى (ص:389): «والصحيح في مسألة البيع بشرط البراءة من كل عيب، والذي قضى به الصحابة، وعليه أكثر أهل العلم، أن البائع إذا لم يكن علم بذلك العيب، فلا رد للمشتري، ولكن إذا ادعى أن البائع علم بذلك، فأنكر البائع، حلف أنه لم يعلم، فإن نكل قضي عليه» . وانظر الكافي في فقه أحمد (2/ 93)، المبدع (4/ 61).
وقد ذكرنا أدلة كل قول في باب الشروط في البيع، فأغنى عن إعادتها هنا، ولله الحمد.
وأرى أن القول الراجح مع مذهب الحنابلة، ويختلف المقاول عن البائع فالبائع علاقته بالسلعة علاقة ملكية، وقد لا يكون خبيرًا فيها، بينما المقاول صانع يعرف أسرار صنعته، وهو خبير بما صنع، قال تعالى ولله المثل الأعلى {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك:14].
فإذا شرط الصانع البراءة من العيوب فلا يكون هذا الاشتراط إلا من سوء نية الصانع؛ لأنه لا يقصد بذلك إلا حماية نفسه من مسئولية الإهمال أو الخطأ أو الجهل بأصول الصنعة التي يمارسها والتي تعاقد على أساس أنه متقن لها، ويكون في ذلك ضرر على صاحب العمل.
ولأن هذا الشرط يشجع على التدليس والغش في الصناعة
(1)
.
جاء في المنتقى: «ولو شرط الصانع أنه لا ضمان عليه ففي العتبية والموازية عن أشهب، عن مالك: لم ينفعه الشرط .... »
(2)
.
وجاء في الشرح الصغير: «ولو شرط الصانع نفيه: أي نفي الضمان عن نفسه، فإنه يضمن، ولا يفيده شرطه»
(3)
.
وعلل الدسوقي ذلك بأنه شرط مناقض لمقتضى العقد.
وإذا كان جمهور العلماء يرون أن الأجير المشترك ضامن لصنعته، فاشتراط نفي الضمان لا ينفعه.
(1)
انظر بحث الشيخ مصطفى الزرقاء في الاستصناع مطبوع على الآلة الكاتبة (ص:45 - 55).
(2)
المنتقى للباجي (6/ 71)، وانظر حاشية الدسوقي (4/ 28 - 29)، منح الجليل (7/ 56).
(3)
الشرح الصغير (4/ 47).
جاء في القواعد الفقهية: «كل ما كان أمانة لا يصير مضمونًا بشرطه، وما كان مضمونًا لا ينتفي ضمانه بشرطه»
(1)
.
(2)
.
وهذا ما صدر به قرار مجمع الفقه الإسلامي: «لا يقبل في عقد المقاولة اشتراط البراءة من العيوب طيلة فترة الضمان المنصوص عليها في العقد»
(3)
.
وجاء فيه أيضًا: «لا يقبل في عقد المقاولة اشتراط نفي الضمان عن المقاول»
(4)
.
وقد توجهت القوانين العربية إلى اعتبار ضمان المقاول من النظام العام،
(1)
المبدع (5/ 145)، الإنصاف (6/ 113)، الشرح الكبير (15/ 91 - 92).
(2)
مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد الرابع عشر (2/ 168).
(3)
المرجع السابق (2/ 289).
(4)
المرجع السابق، الصفحة نفسها.