الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول
التزام المقاول بإنجاز العمل
يجب على المقاول إنجاز العمل بالطريقة المتفق عليها في عقد المقاولة، وطبقًا للشروط الصحيحة الواردة في هذا العقد، فإذا لم تكن هناك شروط متفق عليها وجب اتباع العرف وبخاصة أصول الصنعة تبعًا للعمل الذي يقوم به المقاول، فالبناء له أصول معروفة، وكذا النجارة والحدادة والسباكة والحياكة كلها لها أصول وقوانين تجب مراعاتها دون حاجة لذكرها في العقد.
وإذا كان العقد مؤقتًا وجب الالتزام بالمدة المتفق عليها؛ وفاء بالشرط، ولأن رب العمل ما ضرب الأجل إلا وله فيه مصلحة فلا يحق للمقاول تفويتها عليه.
وإذا لم يذكر الوقت في إنجاز مثل هذا العمل كان على المقاول الالتزام بتنفيذ العمل في المدة المعقولة التي تسمح بإنجازه نظرًا لطبيعته ومقدار ما يقتضيه من دقة، وحسب عرف الحرفة، ولا يحق له التأخير بحجة أن الوقت لم يتعرض له في العقد.
والالتزام بإنجاز العمل في المدة المتفق عليها أو في المدة المعقولة التزام بتحقيق غاية، وليس التزامًا ببذل عناية، فلا يكفي لإعفاء المقاول من المسئولية عن التأخر أن يثبت أنه بذل عناية الشخص المعتاد في إنجاز العمل في الميعاد، ولكنه لم يتمكن من ذلك، بل يجب عليه حتى تنتفي مسئوليته أن يثبت السبب الأجنبي، فإذا أثبت القوة القاهرة، أو الحادث الفجائي، أو فعل الغير انتفت مسئوليته بشرط ألا يكون ذلك مسبوقًا بخطأ منه، وإلا كان مسئولًا بقدر هذا الخطأ.
كذلك تنتفي مسئولية المقاول عن التأخر في إنجاز العمل إذا كان هذا التأخر راجعًا لخطأ رب العمل، فإذا تأخر رب العمل في تقديم المادة التي تعهد بتقديمها، أو تأخر في دفع أقساط الأجرة المستحقة للمقاول في مواعيدها، وكان هذا التأخر سببًا في تأخر المقاول في إنجاز العمل لم يكن هذا الأخير مسئولًا
(1)
.
وإذا كان العقد يقضي بتقديم المواد التزم بتوفيرها، وإذا كان العقد يقضي بتقديم العمل فقط لم يتأخر فيه.
وإذا كان المقاول يحتاج في إنجاز عمله إلى أيد عاملة تعاونه، وتعمل تحت إشرافه جاز له ذلك ما لم يكن العمل منظورًا فيه إلى مهارة المقاول الشخصية كالطبيب والفنان، وفي جميع هذه الأحوال تكون أجور العمال والمعاونين على المقاول ما لم يقض الاتفاق أو عرف الحرفة بغير ذلك.
وإذا كان التزام المقاول بإنجاز العمل يحقق غاية كأن يكون محل عقد المقاولة إقامة بناء، أو ترميمه، أو صناعة ثوب فإنه لا يبرأ المقاول من التزامه إلا إذا تحققت الغاية، وأنجز العمل المطلوب.
وإذا كان التزام المقاول إنما هو ببذل العناية المطلوبة كما هو الحال في التزامات الطبيب والمحامي فإنه لا يبرأ حتى يبذل العناية المعهودة من مثله طبقًا للأصول، وليس على الطبيب أن يشفي المريض، ولا على المحامي أن يكسب القضية.
وإذا خالف المقاول الشروط والمواصفات المتفق عليها، أو الشروط التي تمليها أصول الصنعة وعرفها وتقاليدها، وأثبت رب العمل ذلك كان المقاول
(1)
الوسيط - السنهوري (7/ 1/ص: 76 - 77).
مخلًا بالتزامه ولم يقم بما يجب عليه، وترتب عليه الضمان الذي سوف نذكره ونفصله إن شاء الله تعالى في مبحث مستقل
(1)
.
* * *
(1)
انظر الوسيط - السنهوري (7/ 1/ص:65).