المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(10) باب التشهد في الصلاة - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٢

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(3) كتاب الصلاة

- ‌(1) باب ما جاء في الأذان والإقامة

- ‌(2) باب الأذان أمان من الغارة، وما جاء في اتخاذ مُؤذِّنَينِ

- ‌(3) باب إذا سَمِعَ المؤذن قال مثل ما قال، وفضل ذلك، وما يقول بعد الأذان

- ‌(4) باب فضل الأذان وما يُصيب الشيطان عنده

- ‌(5) باب رفع اليدين في الصلاة، ومتى يرفعهما؟ وإلى أين

- ‌(6) باب التكبير في الصلاة

- ‌(7) باب ما جاء في القراءة في الصلاة وبيان أركانها

- ‌(8) باب ترك قراءة بِسمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ في الصلاة

- ‌(9) باب حجة من قال: البسملة آية من أول كل سورة سوى براءة

- ‌(10) باب التَّشَهُّد في الصلاة

- ‌(11) باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(12) باب التَّحمِيد والتَّأمِين

- ‌(13) باب إنما جُعِلَ الإمام لِيُؤتَمَّ به

- ‌(14) باب استخلاف الإمام إذا مرض، وجواز ائتمام القائم بالقاعد

- ‌(15) باب العمل القليل في الصلاة لا يضرها

- ‌(16) باب إذا نَابَ الإمامَ شيءٌ فَليُسَبِّح الرجالُ وَليُصَفِّق النساءُ

- ‌(17) باب الأمر بتحسين الصلاة، والنهي عن مسابقة الإمام

- ‌(18) باب النهي عن رفع الرأس قبل الإمام، وعن رفع البصر إلى السماء في الصلاة، والأمر بالسكون فيها

- ‌(19) باب الأمر بتسوية الصفوف، ومن يلي الإمام

- ‌(20) باب في صفوف النساء وخروجهن إلى المساجد

- ‌(21) باب في قوله تعالى: {وَلا تَجهَر بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِت بِهَا}

- ‌(22) باب القراءة في الظهر والعصر

- ‌(23) باب القراءة في الصبح

- ‌(24) باب القراءة في المغرب والعشاء

- ‌(25) باب أمر الأئمة بالتخفيف في تمام

- ‌(26) باب في اعتدال الصلاة وتقارب أركانها

- ‌(27) باب اتباع الإمام والعمل بعده

- ‌(28) باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

- ‌(29) باب النهي عن القراءة في الركوع والسجود

- ‌(30) باب ما يقال في الركوع والسجود

- ‌(31) باب الترغيب في كثرة السجود، وعلى كم يسجد؟ وفيمن صلى معقوص الشعر

- ‌(32) باب كيفية السجود

- ‌(33) باب تحريمُ الصلاةِ التكبيرُ، وتحليلُها التسليمُ

- ‌(34) باب في سترة المصلي وأحكامها

- ‌(35) باب مَنع المصلي مَن مَرَّ بين يديه، والتَّغليِظ في المرور بين يدي المصلي

- ‌(36) باب دنو المصلي من سترته وما جاء فيما يقطع الصلاة

- ‌(37) باب اعتراض المرأة بين يدي المصلي لا يقطع الصلاة

- ‌(38) باب الصلاة بالثوب الواحد على الحصير

- ‌(39) باب أول مسجد وضع في الأرض، وما جاء أن الأرض كلها مسجد

- ‌(40) باب ابتناء مسجد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(41) باب تحويل القبلة من الشام إلى الكعبة، والنهي عن بناء المساجد على القبور وعن التصاوير فيها

- ‌(42) باب ثواب من بَنَى للهِ مسجدًا

- ‌(43) باب التطبيق في الركوع وما ثبت من نسخه

- ‌(44) باب [جواز الإقعاء على العقبين]

- ‌(45) باب نسخ الكلام في الصلاة

- ‌(46) باب جواز الإشارة بالسلام في الصلاة، ولعن الشيطان

- ‌(47) باب جواز حمل الصغير في الصلاة، وجواز التقدم والتأخر، ومن صلى على موضع أرفع من موضع المأموم

- ‌(48) باب النهي عن الاختصار في الصلاة، وما يجوز من مس الحصى فيها، وما جاء في البصاق في المسجد

- ‌(49) باب الصلاة في النعلين والثوب المعلم وبحضرة الطعام

- ‌(50) باب النهي عن إتيان المساجد لمن أكل الثوم أو البصل، وإخراج من وُجد منه ريحها من المسجد

- ‌(51) باب النهي عن أن تنشد الضالَّة في المسجد

- ‌(52) باب الأمر بسجود السهو، وما جاء فيمن سها عن الجلسة الوسطى

- ‌(53) باب فيمن لم يّدرِ كم صلى

- ‌(54) باب فيمن سلَّم من اثنتين أو ثلاث

- ‌(55) باب ما جاء في سجود القرآن

- ‌(56) باب كيفية الجلوس للتشهد

- ‌(57) باب كم يسلم من الصلاة، وبأي شيء كان يعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(58) باب الاستعاذة في الصلاة من عذاب القبر وغيره

- ‌(59) باب قدر ما يقعد الإمام بعد السلام وما يقال بعده

- ‌(60) باب السكوت بين التكبير والقراءة في الركعة الأولى وما يقال فيه

- ‌(61) باب فضل التحميد في الصلاة

- ‌(62) باب إتيان الصلاة بالسكينة، ومتى تقام؟ ومتى يقام لها؟ وإتمام المسبوق

- ‌(63) باب من أدرك ركعة من فعل الصلاة أو وقتها فقد أدركها

- ‌(64) باب إذا ذكر الإمام أنه مُحدِث خرج فأمرهم بانتظاره

- ‌(65) باب أَوقَات الصَّلَوَاتِ

- ‌(66) باب الإبراد بالظهر في شدة الحر

- ‌(67) باب تعجيل الظهر بعد الإبراد وفي زمن البرد

- ‌(68) باب تعجيل صلاة العصر

- ‌(69) باب ما جاء في الصلاة الوسطى

- ‌(70) باب من فاتته صلوات كيف يقضيها

- ‌(71) باب المحافظة على الصبح والعصر

- ‌(72) باب تعجيل صلاة المغرب

- ‌(73) باب تأخير العشاء الآخرة

- ‌(74) باب التغليس بصلاة الصبح

- ‌(75) باب المنع من إخراج الصلاة عن وقتها

- ‌(76) باب صلاة الفذ جائزة، والجماعة أفضل

- ‌(77) باب التغليظ في التخلف عن الجماعة والجمعة

- ‌(78) باب النهي عن الخروج من المسجد بعد الأذان، وفضل العشاء والصبح في جماعة

- ‌(79) باب الرخصة في التخلف عن الجماعة للعذر

- ‌(80) باب صلاة النفل في جماعة، والصلاة على البسط وإن عتقت وامتهنت

- ‌(81) باب فضل انتظار الصلاة في المسجد

- ‌(82) باب من كانت داره عن المسجد أبعد كان ثوابه في إتيانه أكثر

- ‌(83) باب المشي إلى الصلاة تمحى به الخطايا وترفع به الدرجات

- ‌(84) باب الجلوس في المصلى بعد صلاة الصبح

- ‌(85) باب في الإمامة، ومن أحق بها

- ‌(86) باب ما جاء في القنوت والدعاء للمُعَيَّنِ وعليه في الصلاة

- ‌(87) باب من نام عن صلاة أو نسيها

- ‌(88) باب من نام عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس فله أن يؤذن إذا كان في جماعة، ويصلي ركعتي الفجر

- ‌(89) باب ما جاء في حكم قَصرِ الصلاة في السفر

- ‌(90) باب من أين يبدأ بالقصر إذا خرج من وطنه، واستمراره على القصر ما لم ينو إقامة

- ‌(91) باب قَصر الصلاة بِمنىً

- ‌(92) باب جواز التخلف عن صلاة الجماعة والجمعة لعذر المطر

- ‌(93) باب التنفل والوتر على الراحلة في السفر

- ‌(94) باب الجمع بين الصلاتين في السفر والحضر

- ‌(95) باب الانصراف من الصلاة عن اليمين والشمال

- ‌(96) باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة

- ‌(97) باب ما يقول عند دخول المسجد، والأمر بِتحيَّتِهِ

- ‌(98) باب في صلاة الضحى

- ‌(99) باب الوصية بالضحى وأقله ركعتان

- ‌(100) باب ما جاء في ركعتي الفجر

- ‌(101) باب رواتب الفرائض وفضلها

- ‌(102) باب في صلاة النفل قائمًا وقاعدًا

- ‌(103) باب كيف صلاة الليل وكم عددها

- ‌(104) باب في صلاة الوتر

- ‌(105) باب فيمن غلب عن حزبه، وفيمن خاف أن يغلب عن وتره، وفضل طول القنوت وآخر الليل

- ‌(106) باب الترغيب في قيام رمضان وليلة القدر وكيفية القيام

- ‌(107) باب في كيفية صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل، وتَبَتُّلِه ودُعَائِهِ

- ‌(108) باب ترتيل القراءة والجهر بها في صلاة الليل وتطويلها

- ‌(109) باب استغراق الليل بالنوم من آثار الشيطان

- ‌(110) باب أفضل النوافل ما صُلِّي في البيت

- ‌(111) باب أَحَبُّ العمل إلى الله أَدوَمُهُ وإن قَلَّ، وكراهية التَّعَمُّقِ والتشديد

- ‌أبواب فضائل القرآن وما يتعلق بها

- ‌(112) باب الأمر بِتَعاهُدِ القرآن، وذَمِّ من فرط فيه حتى نسي

- ‌(113) باب تحسين الصوت بالقراءة والترجيع فيها

- ‌(114) باب إقراء النبي صلى الله عليه وسلم القرآن وتعليمه كيفية الأداء

- ‌(115) باب فضل تعلُّم القرآن وقراءته وفضل سورة البقرة وآل عمران

- ‌(116) باب فضل فاتحة الكتاب وآية الكرسي وخواتيم سورة البقرة

- ‌(117) باب فضل سورة الكهف، وتنزل السكينة عند قراءتها

- ‌(118) باب فضل قراءة {قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}

- ‌(119) باب فضل قراءة المعوذتين

- ‌(120) باب لا حسد إلا في اثنتين، ومن يرفع بالقرآن

- ‌(121) باب إنزال القرآن على سبعة أحرف

- ‌(122) باب قراءة سورتين في ركعة من النوافل

- ‌(123) باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها

- ‌(124) باب في الركعتين بعد العصر

- ‌(125) باب الركوع بعد الغروب وقبل المغرب

- ‌(126) باب صلاة الخوف

- ‌(4) كتاب الجمعة

- ‌(1) باب فضل الغسل للجمعة وتأكيده، ومن اقتصر على الوضوء أجزأه

- ‌(2) باب فضل يوم الجمعة، والساعة التي فيه

- ‌(3) باب فضل التهجير للجمعة ووقتها

- ‌(4) باب الإنصات للخطبة وفضله

- ‌(5) باب الخطبة، والقيام لها، والجلوس بين الخطبتين، والإشارة باليد

- ‌(6) باب ما يقال في الخطبة ورفع الصوت بها

- ‌(7) باب ركوع من دخل والإمام يخطب، والتعليم في حالة الخطبة

- ‌(8) باب ما يُقرَأُ به في صلاة الجمعة، وفي صبح يومها

- ‌(9) باب ما جاء في التنفل بعد الجمعة

- ‌(10) باب التغليظ في ترك الجمعة

- ‌(5) أبواب صلاة العيدين

- ‌(1) باب الخروج إلى المصلى في العيدين، وخروج النساء

- ‌(2) باب لا صلاة قبل صلاة العيدين في المصلى، ولا أذان ولا إقامة

- ‌(3) باب الصلاة فيهما قبل الخطبة

- ‌(4) باب ما يقال في الخطبة

- ‌(5) باب ما يقرأ في صلاة العيدين

- ‌(6) باب الفرح واللعب في أيام الأعياد

- ‌(6) أبواب الاستسقاء

- ‌(1) باب الخروج إلى المصلى لصلاة الاستسقاء، وكيفية العمل فيها

- ‌(2) باب الدعاء في السُّقيَا في المسجد وبغير صلاة

- ‌(3) باب التبرك بالمطر، والفرح به، والتعوُّذ عند الريح والغيم

- ‌(7) أبواب كسوف الشمس والقمر

- ‌(1) باب الأمر بالصلاة والذكر والصدقة عند الكسوف

- ‌(2) باب كيفية العمل فيها، وأنها ركوعان في كل ركعة

- ‌(3) باب ما جاء أن في كل ركعة ثلاث ركعات

- ‌(4) باب ما جاء أن في كل ركعة أربع ركعات

- ‌(5) باب يطول سجودها كما يطول ركوعها

- ‌(6) باب ما جاء أن صلاة الكسوف ركعتان كسائر النوافل

- ‌(7) باب شهود النساء صلاة الكسوف

- ‌(8) كتاب الجنائز

- ‌(1) باب تلقين الموتى، وما يقال عند المصيبة، وعند حضور المرضى والموتى

- ‌(2) باب في إغماض الميت، والدعاء له

- ‌(3) باب ما جاء في البكاء على الميت، وعنده

- ‌(4) باب في عيادة المريض، والصبر عند الصدمة الأولى

- ‌(5) باب ما جاء أن الميت ليعذبُ ببكاءِ الحَيِّ عليه

- ‌(6) باب التشديد في النياحة، وما جاء في اتباع الجنائز

- ‌(7) باب الأمر بغسل الميت وكيفيته

- ‌(8) باب في تكفين الميت وتسجيته، والأمر بتحسين الكفن

- ‌(9) باب الإسراع بالجنازة، وفضل الصلاة عليها، واتباعها

- ‌(10) باب الاستشفاع للميت، وأن الثناء عليه شهادة له، وأنه مستريح ومستراح منه

- ‌(11) باب الأمر بالصلاة على الميت، وكيفية الصلاة عليه، وكم التكبيرات

- ‌(12) باب الدعاء للميت، وأين يقوم الإمام من المرأة

- ‌(13) باب ما جاء في الصلاة على القبر

- ‌(14) باب الأمر بالقيام للجنازة ونسخه

- ‌(15) باب ركوب المتبع للجنازة إذا انصرف منها

- ‌(16) باب في كيفية القبور وكراهية تجصيصها والبناء عليها، وهل يجعل في القبر شيء

- ‌(17) باب النهي عن الجلوس على القبور والصلاة إليها

- ‌(18) باب الصلاة على الميت في المسجد

- ‌(19) باب زيارة القبور والتسليم عليها، والدعاء والاستغفار للموتى

- ‌(20) باب من لا يصلى عليه

- ‌(21) باب النهي عن تمني الموت لضر نزل به

- ‌(22) باب من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه

الفصل: ‌(10) باب التشهد في الصلاة

(10) باب التَّشَهُّد في الصلاة

[317]

- عَن عَبدِ اللهِ بنِ مَسعُودٍ قَالَ: كُنَّا نَقُولُ فِي الصَّلاةِ خَلفَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: السَّلامُ عَلَى اللهِ، السَّلامُ عَلَى فُلانٍ! فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَومٍ: إِنَّ اللهَ هُوَ السَّلامُ، فَإِذَا قَعَدَ أَحَدُكُم فِي الصَّلاةِ فَليَقُلِ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلامُ عَلَيكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحمَةُ اللهِ

ــ

(10)

ومن باب: التشهد في الصلاة

اختار جمهور الفقهاء وأصحاب الحديث تشهد ابن مسعود (1)، واختار الشافعي تشهد ابن عباس الآتي، واختار مالك تشهد عمر بن الخطاب لكونه علَّمه الناس على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحضرة الصحابة والناس ولم يُنكَر ذلك فصار إجماعًا منهم على أصل مالك في هذا الباب.

وقوله عليه الصلاة والسلام إن الله هو السلام، والسلام من أسمائه تعالى الحسنى، وهو السالم من النقائص وسِمَاتِ الحَدَث. وقيل: المسلِّم عباده. وقيل: المسلِّم عليهم في الجنة، كما قال:{سَلامٌ عَلَيكُم طِبتُم} وقيل: معناه في قوله السلام عليك أيها النبي، وفي سلام الصلاة السلامة والنجاة، فيكون مصدرًا كاللذاذ واللذاذة، كما قال تعالى:{فَسَلامٌ لَكَ مِن أَصحَابِ اليَمِينِ} وقيل: السلام عليك؛ أي الانقياد لك والتسليم لك، قال:{فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤمِنُونَ} إلى قوله: {تَسلِيمًا} وقد سبق القول في التحيات والطيبات وأنها الأقوال الصالحة كالأذكار والدعوات وما شاكل ذلك، كما قال تعالى:{إِلَيهِ يَصعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّبُ}

وقوله لله في هذا الموضع تنبيه على الإخلاص في العبادات؛ أي:

(1) في (م) و (ل): هذا التشهد.

ص: 34

وَبَرَكَاتُهُ، السَّلامُ عَلَينَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، فَإِذَا قَالَهَا أَصَابَت كُلَّ عَبدٍ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالأَرضِ، أَشهَدُ أَن لا إِلهَ إِلا اللهُ وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنَ المَسأَلَةِ مَا شَاءَ.

وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: عَلَّمَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم التَّشَهُّدَ كَفِّي بَينَ كَفَّيهِ كَمَا يُعَلِّمُنِي السُّورَةَ مِنَ القُرآنِ. وَذَكَرَ مِثلَهُ.

ــ

ذلك كله من الصلوات والأعمال لا تفعل إلا لله تعالى، ويجوز أن يراد به الاعتراف بأن مَلكَ ذلك كله لله تعالى.

وقوله على عباد الله الصالحين فيه دليل على أن جمع التكثير للعموم وعلى صحة القول بالعموم من غير توقف ولا تأخير، وقد نبّه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك حيث قال: أصابت كل عبد صالح - فأدخل فيه الكُلَّ حتى الملائكة.

وقوله ثم ليتخيّر بعدُ من المسألة ما شاء حجة للجمهور على أبي حنيفة حيث يقول: لا تدعو في الصلاة إلا بما جاء في القرآن، وحجة على الشافعي حيث أوجب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كل صلاة بعد التشهد الأخير. والصحيح عند الجمهور أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم واجبة في الجملة، مندوب إليها في الصلاة وغيرها، متأكِّدة النَّدبِيَّة في الصلاة، حتى إن بعض أصحابنا يطلقون عليها أنها سنة لقوله عليه الصلاة والسلام للرجل الذي علمه الصلاة: فإذا فعلت ذلك فقد تمت صلاتك، ولم يذكر فيه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم على ما تقدم.

واختلف العلماء في حكم التشهدين؛ فهما غير واجبين عند مالك والجمهور بل مندوبان، وذهب فقهاء أصحاب الحديث إلى وجوبهما، وذهب الشافعي إلى وجوبه في الآخرة، وروي عن مالك مثله، والصحيح الأول على الطريقة المتقدمة منه.

وسُمي التشهد تشهدًا لأنه مأخوذ من لفظ الشهادتين بالوحدانية لله وبالرسالة لرسوله صلى الله عليه وسلم.

ص: 35

رواه أحمد (1/ 413)، والبخاري (6328)، ومسلم (402)(55 و 59)، وأبو داود (968 و 969)، والترمذي (289)، والنسائي (2/ 237).

[318]

- وَعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ القُرآنِ، فَكَانَ يَقُولُ: التَّحِيَّاتُ المُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ، السَّلامُ عَلَيكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلامُ عَلَينَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، أَشهَدُ أَن لا إِلهَ إِلا اللهُ وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ.

رواه أحمد (1/ 292)، ومسلم (403)، وأبو داود (974)، والترمذي (290)، والنسائي (2/ 242 و 243).

[319]

- وَعَن حِطَّانَ بنِ عَبدِ اللهِ الرَّقَاشِيِّ قَالَ: صَلَّيتُ مَعَ أَبِي مُوسَى الأَشعَرِيِّ صَلاةً، فَلَمَّا كَانَ عِندَ القَعدَةِ قَالَ رَجُلٌ مِنَ القَومِ: أُقِرَّتِ الصَّلاةُ بِالبِرِّ وَالزَّكَاةِ؟ فَلَمَّا قَضَى أَبُو مُوسَى الصَّلاةَ وَسَلَّمَ انصَرَفَ، فَقَالَ: أَيُّكُمُ القَائِلُ كَلِمَةَ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: فَأَرَمَّ القَومُ. ثُمَّ قَالَ: أَيُّكُمُ القَائِلُ كَلِمَةَ

ــ

وقوله في حديث حطَّان أقِرَّت الصلاة بالبر والزكاة؛ أي قُرِنَت، والباء بمعنى مع؛ أي: قُرِنَت مع البر والزكاة فصارت معهما مستوية في أحكامهما وتأكيدهما. ويحتمل أن يراد بالبر هنا المبَّرة، وبالزكاة الطهارة، ويكون المعنى أن من داوم على الصلاة بَرّ وتطهر من الآثام، والله أعلم.

وقوله فأرَمَّ القوم بفتح الراء وتشديد الميم، وهو المعروف، ويروى فَأزَمَ القوم بالزاي المنقوطة، ومعناهما واحد وهو السكوت؛ أي: لم ينطقوا بشيء ولا حرَّكوا مَرَمّاتهم وهي شفاههم، والشفةُ: هي المِرَمَّة والمِقمَّة، وبالزاي من الزَّمّ؛ أي: لم يفتحها بكلمة.

ص: 36

كذا وكذا؟ فأرم القوم. فَقَالَ: لَعَلَّكَ يَا حِطَّانُ قُلتَهَا؟ قَالَ: مَا قُلتُهَا، وَلَقَد رَهِبتُ أَن تَبكَعَنِي بِهَا. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَومِ: أَنَا قُلتُهَا، وَلَم أُرِد بِهَا إِلا الخَيرَ. فَقَالَ أَبُو مُوسَى: أمَا تَعلَمُونَ كَيفَ تَقُولُونَ فِي صَلاتِكُم! إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَنَا فَبَيَّنَ لَنَا سُنَّتَنَا وَعَلَّمَنَا صَلاتَنَا، فَقَالَ: إِذَا صَلَّيتُم فَأَقِيمُوا صُفُوفَكُم، ثُمَّ ليَؤُمَّكُم أَحَدُكُم، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذا قَالَ {غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِم وَلا الضَّالِّينَ} فَقُولُوا آمِينَ يُجِبكُمُ اللهُ، فَإِذَا كَبَّرَ وَرَكَعَ فَكَبِّرُوا وَاركَعُوا، فَإِنَّ الإِمَامَ يَركَعُ قَبلَكُم وَيَرفَعُ قَبلَكُم. فَقَالَ

ــ

وقوله لقد رهبت أن تَبكَعَني بها، قال: معناه خفتُ أن تستقبلني بها، يقال بَكَعت الرجل بَكعًا إذا استقبلته بما يكره، وهو نحو التبكيت. ورهبت: خفت. والرهب: الخوف.

وقوله أما تعلمون كيف تقولون! ظاهره النفي، ويحتمل الاستفتاح، وحُذِفَت الهمزة تخفيفًا كما تحذف مع الاستفهام.

وقوله فأقيموا صفوفكم أَمرٌ بإقامة الصفوف، وهو من سنن الصلاة بلا خلاف؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: فإن تسوية الصف من تمام الصلاة (1).

وقوله فإذا كبر فكبروا يقتضي أن تكبير المأموم لا يكون إلا بعد تكبير الإمام؛ لأنه جاء بفاء التعقيب، وهذا مذهب كافة العلماء. ولا خلاف أن المأموم لا يسبقه بالتكبير والسلام إلا عند الشافعي ومن لا يرى ارتباط صلاة المأموم بصلاة الإمام، والحديث حجة عليهم. واختلفوا إذا ساواه في التكبير أو السلام؛ فلأصحابنا فيه قولان: الإجزاء وعدمه. واتفقوا على أنه لا يجوز أن يسابقه بكل أفعاله وسائر أقواله ولا يقارنه فيها، وأن السنة اتباعه فيها.

(1) رواه البخاري (723)، ومسلم (433 و 434)، وأبو داود (667 - 671)، والنسائي (2/ 91) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.

ص: 37

رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: فَتِلكَ بِتِلكَ، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَن حَمِدَهُ، فَقُولُوا: اللهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الحَمدُ - يَسمَعُ اللهُ لَكُم، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم: سَمِعَ اللهُ لِمَن حَمِدَهُ. وَإِذَا كَبَّرَ وَسَجَدَ فَكَبِّرُوا وَاسجُدُوا، فَإِنَّ الإِمَامَ يَسجُدُ قَبلَكُم وَيَرفَعُ قَبلَكُم. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: فَتِلكَ بِتِلكَ. وَإِذَا

ــ

وقوله فتلك بتلك، هذا إشارة إلى أن حق الإمام السبق، فإذا فرغ تلاه المأموم معقبًا. والباء في تلك للإلصاق والتعقيب، وقد قيل: ليس عليه أن ينتظره حتى يفرغ، بل يكفي شروع الإمام في أول الفعل، والصحيح الأول للحديث. وقد روي عن مالك قول ثالث أنه فرّق فقال: يجوز مُشاركةُ المأموم الإمام إلا في القيام من الركعتين، فلا يقوم حتى يستوي الإمام قائمًا ويكبر. وعلى القول الآخر: له أن يقوم بقيامه. وقيل في تلك بتلك أن معناه أن الحالة من صلاتكم وأعمالكم إنما تصح بتلك الحالة من اقتدائكم به.

وقوله يسمع الله لكم؛ أي يستجيب.

وقول النبي صلى الله عليه وسلم سمع الله لمن حمده خبر عن الله تعالى باستجابة من حَمِدَه ودعاه، ويجوز أن يراد به الدعاء، فيكون معناه: اللهم استجب، كما نقول: صلى الله على محمد.

وقوله ربنا ولك الحمد اختلفت روايات الحديث في إثبات الواو وحذفها، واختلف اختيار العلماء فيها؛ فمرة اختار مالك إثبات الواو لأن قوله ربنا إجابةُ قوله سمع الله لمن حمده؛ أي: ربَّنا استجب دعاءَنا واسمع حمدَنا، ولك الحمد على هذا. وأيضًا فإن الواو زيادة حرف، ولكل حرف حَظٌّ من الثواب. واختار مرّة حذف الواو إذ الحمد هو المقصود، قال الشيخ رحمه الله: والظاهر أن الموجب للاختلاف في الاختيار الاختلاف في ترجيح الآثار.

ص: 38

كَانَ عِندَ القَعدَةِ فَليَكُن مِن أَوَّلِ قَولِ أَحَدِكُمُ: التَّحِيَّاتُ الطَّيِّبَاتُ الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ، السَّلامُ عَلَيكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلامُ عَلَينَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، أَشهَدُ أَن لا إِلهَ إِلا اللهُ، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ.

وَفِي رِوَايَةٍ: وَإِذَا قَرَأَ فَأَنصِتُوا.

رواه أحمد (4/ 399)، ومسلم (404)(62 و 63)، وأبو داود (972 و 973)، والنسائي (2/ 96 - 97).

* * *

ــ

وقوله وإذا قرأ فأنصتوا حجة لمالك ومن قال بقوله: إن المأموم لا يقرأ مع الإمام إذا جهر. قال الدارقطني: هذه اللفظة لم يتابع سليمان التَّيمي فيها عن قتادة، وخالفه الحُفَّاظ. قال: وإجماعهم على مخالفته يدل على وهمه. قال الشيخ رحمه الله: وقد أشار مسلم في كتابه إلى تصحيح هذه الزيادة، وهي ثابتة في الأصل في رواية الجُلودي عن إبراهيم بن سفيان.

وقد تقدم في أوَّل كتابنا قول إبراهيم بن سفيان لمسلم: لِمَ لَم تخرج في كتابك وإذا قرأ فأنصتوا؟ أليست بصحيحة؟ فقال: ليس كل الصحيح خرَّجت هنا، وإنما خرَّجت ما أجمعوا عليه! فهذا تصريح بصحتها، إلا أنها ليست عنده مما أجمعوا على صحته.

وقوله وإذا قال: ولا الضالين - فقولوا: آمين؛ يجبكم الله، آمين: اسم من أسماء الأفعال، ومعناها هنا: اللهم استجب، وهي مبنيَّة على السكون، وفيها لغتان: المدّ، والقصر.

* * *

ص: 39