الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَصِيلا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنِ القَائِلُ كَلِمَةَ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ رَجُلٌ مِنَ القَومِ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: عَجِبتُ لَهَا! فُتِحَت لَهَا أَبوَابُ السَّمَاءِ.
قَالَ ابنُ عُمَرَ: فَمَا تَرَكتُهُنَّ مُنذُ سَمِعتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ذَلِكَ.
رواه مسلم (601)، والترمذي (3592)، والنسائي (2/ 125 و 145).
* * *
(62) باب إتيان الصلاة بالسكينة، ومتى تقام؟ ومتى يقام لها؟ وإتمام المسبوق
(602)
(151 و 152)[488]- عَن أَبِي هُرَيرَةَ، قَالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَلا تَأتُوهَا وَأَنتُم تَسعَونَ،
ــ
(62)
ومن باب: إتيان الصلاة بالسكينة
قوله: إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون، أصل السعي: الجري، ومنه قوله تعالى:{يَأتِينَكَ سَعيًا} وقد يكون السعي: العمل؛ كقوله تعالى: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرضِ لِيُفسِدَ فِيهَا} وعلى هذا الثاني حمل مالك قوله تعالى: {فَاسعَوا إِلَى ذِكرِ اللَّهِ} وقد اختلف العلماء فيمن سمع الإقامة: هل يسرع أو لا؟ فذهب الأكثر إلى أنه لا يسرع، وإن خاف فوت الركعة؛ تمسُّكًا بهذا الحديث، ونظرًا إلى المعنى؛ وذلك أنه إذا أسرع انبهر (1) فتشوّش عليه دخوله في الصلاة وقراءتها وخشوعها. وذهب جماعة من السلف،
(1) أي: انقطع نَفَسُه من الإعياء.
وَائتُوهَا تَمشُونَ، عَلَيكُمُ السَّكِينَةُ، فَمَا أَدرَكتُم فَصَلّوا، وَمَا فَاتَكُم فَأَتِمُّوا.
زاد في أخرى: فَإِنَّ أَحَدَكُم إِذَا كَانَ يَعمِدُ إِلَى الصَّلاةِ فَهُوَ فِي صَلاةٍ.
رواه أحمد (2/ 170 و 452)، والبخاري (908)، ومسلم (602)(151 و 152)، وأبو داود (572 و 573)، والترمذي (327)، والنسائي (2/ 114 و 115).
ــ
منهم: ابن عمر وابن مسعود في أحد قوليه: إلى أنه إذا خاف فواتها أسرع. وقال إسحاق: يسرع إذا خاف فوت الركعة. وروي عن مالك نحوه، وقال: لا بأس لمن كان على فرس أن يحرك الفرس. وتأوله بعضهم على الفرق بين الراكب والماشي؛ لأن الراكب لا ينبهر كما ينبهر الماشي، والقول الأول أظهر.
وقوله: وائتوها تمشون عليكم السكينة: بنصب السكينة على الإغراء، كأنه قال: الزموا السكينة، والسكينة والوقار: اسمان لِمُسمّىً واحد؛ لأن السكينة: من السكون، والوقار: من الاستقرار والتثاقل، وهما بمعنى واحد. وقد علل ملازمة الوقار: بأن الماشي إلى الصلاة هو في الصلاة. ومعناه: أنه لما خرج من بيته إلى المسجد يريد الصلاة كان له حكم الداخل في الصلاة من الوقار حتى يتم له التشبه به، فيتحصل له ثوابه. وفي كتاب أبي داود من حديث أبي هريرة مرفوعًا: من توضأ فأحسن الوضوء، ثم جاء إلى المسجد فوجد الناس قد صلوا؛ أعطاه الله من الأجر مثل أجر من حضرها وصلاها، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا (1).
وقوله: ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا، وفي الرواية الأخرى: صل ما أدركت، واقض ما سبقك، واختلف العلماء في الإتمام والقضاء المذكورين في هذا الحديث؛ هل هما بمعنى واحد؟ أو بمعنيين؟ ويترتب على
(1) رواه أبو داود (564)، والنسائي (2/ 111).
[489]
- وَعَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلاةِ فَلا يَسعَ إِلَيهَا أَحَدُكُم، وَلَكِن لِيَمشِ وَعَلَيهِ السَّكِينَةُ وَالوَقَارُ، صَلِّ مَا أَدرَكتَ، وَاقضِ مَا سَبَقَكَ.
رواه أحمد (2/ 460)، ومسلم (602)(154).
[490]
وَعَن أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: بَينَمَا نَحنُ نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَمِعَ جَلَبَةً فَقَالَ: مَا شَأنُكُم؟ قَالُوا: استَعجَلنَا إِلَى الصَّلاةِ. قَالَ: فَلا تَفعَلُوا، إِذَا أَتَيتُمُ الصَّلاةَ فَعَلَيكُمُ السَّكِينَةُ، فَمَا أَدرَكتُم فَصَلَّوا، وَمَا سَبَقَكُم فَأَتِمُّوا.
رواه أحمد (5/ 310)، والبخاري (635)، ومسلم (603).
[491]
وعنه قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ، فَلا تَقُومُوا حَتَّى تَرَونِي.
ــ
هذا الخلاف خلاف، فيما يدركه الداخل: هل هو أول صلاته؟ أو آخرها؟ على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه أول صلاته، وأنه يكون بانيًا عليه في الأفعال والأقوال، وإليه صار جمهور السلف، والعلماء، الشافعي وغيره.
وثانيها: أنه آخر صلاته، وأنه يكون قاضيًا في الأقوال والأفعال، وهو مذهب أبي حنيفة. قال أبو محمد عبد الوهاب: وهو مشهور مذهب مالك.
وثالثها: أنه أول صلاته بالنسبة إلى الأفعال، فيبني عليها، وآخرها بالنسبة إلى الأقوال، فيقضيها، وكأن هذا جمعٌ بين الخبرين. وهذه الأقوال الثلاثة مروية عن مالك وأصحابه. وسبب الخلاف ما أشرنا إليه. فتفهم.
وقوله: إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني ظاهره: أن الصلاة
رواه اْحمد (5/ 304 - 308)، والبخاري (638)، ومسلم (604)(156)، وأبو داود (539 و 540)، والترمذي (592)، والنسائي (2/ 81).
[492]
- وَعَن أَبِي هُرَيرَةَ: أَنَّ الصَّلاةَ كَانَت تُقَامُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَأخُذُ النَّاسُ مَصَافَّهُم، قَبلَ أَن يَقُومَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَقَامَهُ.
رواه مسلم (605)(159)، وأبو داود (541).
[493]
- وَعَن جَابِرِ بنِ سَمُرَةَ قَالَ: كَانَ بِلالٌ يُؤَذِّنُ إِذَا دَحَضَتِ، فَلا
ــ
كانت تقام قبل أن يخرج النبي صلى الله عليه وسلم من بيته، ويعارضه حديث بلال: إنه كان لا يقيم حتى يخرج النبي صلى الله عليه وسلم. ووجه الجمع: أن بلالا كان يراقب النبي صلى الله عليه وسلم، فيرى أوّل خروجه قبل أن يراه مَن هناك، فيشرع في الإقامة إذ ذاك، ثم لا يقوم الناس حتى يروا النبي صلى الله عليه وسلم، ثم لا يقوم النبي صلى الله عليه وسلم مقامه حتى يُعدِّلوا صفوفهم. وبهذا الترتيب يصح الجمع بين الأحاديث المتعارضة في هذا المعنى. وقد اختلف السلف والعلماء في متى يقوم الناس إلى الصلاة؟ ومتى يكبر الإمام؟ فذهب مالك، وجمهور العلماء إلى أنه ليس لقيام الناس حد، لكن استحب عامتهم القيام إذا أخذ المؤذن في الإقامة، وكان أنس يقوم إذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة. وذهب الكوفيون إلى أنهم يقومون إذا قال: حي على الفلاح، فإذا قال: قد قامت الصلاة؛ كبر الإمام. وحكي عن سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز: إذا قال المؤذن: الله أكبر وجب القيام، وإذا قال: حي على الصلاة، اعتدلت الصفوف، فإذا قال: لا إله إلا الله كبّر الإمام. وذهب عامة الأئمة: إلى أنه لا يكبر حتى يفرغ المؤذن من الإقامة.
وقوله: كان بلال يؤذن إذا دحضت؛ أي: زالت عن كبد السماء. وأصل الدَّحَض: الزلق، وهذا كما قال في الحديث الآخر: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر