المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(121) باب إنزال القرآن على سبعة أحرف - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٢

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(3) كتاب الصلاة

- ‌(1) باب ما جاء في الأذان والإقامة

- ‌(2) باب الأذان أمان من الغارة، وما جاء في اتخاذ مُؤذِّنَينِ

- ‌(3) باب إذا سَمِعَ المؤذن قال مثل ما قال، وفضل ذلك، وما يقول بعد الأذان

- ‌(4) باب فضل الأذان وما يُصيب الشيطان عنده

- ‌(5) باب رفع اليدين في الصلاة، ومتى يرفعهما؟ وإلى أين

- ‌(6) باب التكبير في الصلاة

- ‌(7) باب ما جاء في القراءة في الصلاة وبيان أركانها

- ‌(8) باب ترك قراءة بِسمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ في الصلاة

- ‌(9) باب حجة من قال: البسملة آية من أول كل سورة سوى براءة

- ‌(10) باب التَّشَهُّد في الصلاة

- ‌(11) باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(12) باب التَّحمِيد والتَّأمِين

- ‌(13) باب إنما جُعِلَ الإمام لِيُؤتَمَّ به

- ‌(14) باب استخلاف الإمام إذا مرض، وجواز ائتمام القائم بالقاعد

- ‌(15) باب العمل القليل في الصلاة لا يضرها

- ‌(16) باب إذا نَابَ الإمامَ شيءٌ فَليُسَبِّح الرجالُ وَليُصَفِّق النساءُ

- ‌(17) باب الأمر بتحسين الصلاة، والنهي عن مسابقة الإمام

- ‌(18) باب النهي عن رفع الرأس قبل الإمام، وعن رفع البصر إلى السماء في الصلاة، والأمر بالسكون فيها

- ‌(19) باب الأمر بتسوية الصفوف، ومن يلي الإمام

- ‌(20) باب في صفوف النساء وخروجهن إلى المساجد

- ‌(21) باب في قوله تعالى: {وَلا تَجهَر بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِت بِهَا}

- ‌(22) باب القراءة في الظهر والعصر

- ‌(23) باب القراءة في الصبح

- ‌(24) باب القراءة في المغرب والعشاء

- ‌(25) باب أمر الأئمة بالتخفيف في تمام

- ‌(26) باب في اعتدال الصلاة وتقارب أركانها

- ‌(27) باب اتباع الإمام والعمل بعده

- ‌(28) باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

- ‌(29) باب النهي عن القراءة في الركوع والسجود

- ‌(30) باب ما يقال في الركوع والسجود

- ‌(31) باب الترغيب في كثرة السجود، وعلى كم يسجد؟ وفيمن صلى معقوص الشعر

- ‌(32) باب كيفية السجود

- ‌(33) باب تحريمُ الصلاةِ التكبيرُ، وتحليلُها التسليمُ

- ‌(34) باب في سترة المصلي وأحكامها

- ‌(35) باب مَنع المصلي مَن مَرَّ بين يديه، والتَّغليِظ في المرور بين يدي المصلي

- ‌(36) باب دنو المصلي من سترته وما جاء فيما يقطع الصلاة

- ‌(37) باب اعتراض المرأة بين يدي المصلي لا يقطع الصلاة

- ‌(38) باب الصلاة بالثوب الواحد على الحصير

- ‌(39) باب أول مسجد وضع في الأرض، وما جاء أن الأرض كلها مسجد

- ‌(40) باب ابتناء مسجد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(41) باب تحويل القبلة من الشام إلى الكعبة، والنهي عن بناء المساجد على القبور وعن التصاوير فيها

- ‌(42) باب ثواب من بَنَى للهِ مسجدًا

- ‌(43) باب التطبيق في الركوع وما ثبت من نسخه

- ‌(44) باب [جواز الإقعاء على العقبين]

- ‌(45) باب نسخ الكلام في الصلاة

- ‌(46) باب جواز الإشارة بالسلام في الصلاة، ولعن الشيطان

- ‌(47) باب جواز حمل الصغير في الصلاة، وجواز التقدم والتأخر، ومن صلى على موضع أرفع من موضع المأموم

- ‌(48) باب النهي عن الاختصار في الصلاة، وما يجوز من مس الحصى فيها، وما جاء في البصاق في المسجد

- ‌(49) باب الصلاة في النعلين والثوب المعلم وبحضرة الطعام

- ‌(50) باب النهي عن إتيان المساجد لمن أكل الثوم أو البصل، وإخراج من وُجد منه ريحها من المسجد

- ‌(51) باب النهي عن أن تنشد الضالَّة في المسجد

- ‌(52) باب الأمر بسجود السهو، وما جاء فيمن سها عن الجلسة الوسطى

- ‌(53) باب فيمن لم يّدرِ كم صلى

- ‌(54) باب فيمن سلَّم من اثنتين أو ثلاث

- ‌(55) باب ما جاء في سجود القرآن

- ‌(56) باب كيفية الجلوس للتشهد

- ‌(57) باب كم يسلم من الصلاة، وبأي شيء كان يعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(58) باب الاستعاذة في الصلاة من عذاب القبر وغيره

- ‌(59) باب قدر ما يقعد الإمام بعد السلام وما يقال بعده

- ‌(60) باب السكوت بين التكبير والقراءة في الركعة الأولى وما يقال فيه

- ‌(61) باب فضل التحميد في الصلاة

- ‌(62) باب إتيان الصلاة بالسكينة، ومتى تقام؟ ومتى يقام لها؟ وإتمام المسبوق

- ‌(63) باب من أدرك ركعة من فعل الصلاة أو وقتها فقد أدركها

- ‌(64) باب إذا ذكر الإمام أنه مُحدِث خرج فأمرهم بانتظاره

- ‌(65) باب أَوقَات الصَّلَوَاتِ

- ‌(66) باب الإبراد بالظهر في شدة الحر

- ‌(67) باب تعجيل الظهر بعد الإبراد وفي زمن البرد

- ‌(68) باب تعجيل صلاة العصر

- ‌(69) باب ما جاء في الصلاة الوسطى

- ‌(70) باب من فاتته صلوات كيف يقضيها

- ‌(71) باب المحافظة على الصبح والعصر

- ‌(72) باب تعجيل صلاة المغرب

- ‌(73) باب تأخير العشاء الآخرة

- ‌(74) باب التغليس بصلاة الصبح

- ‌(75) باب المنع من إخراج الصلاة عن وقتها

- ‌(76) باب صلاة الفذ جائزة، والجماعة أفضل

- ‌(77) باب التغليظ في التخلف عن الجماعة والجمعة

- ‌(78) باب النهي عن الخروج من المسجد بعد الأذان، وفضل العشاء والصبح في جماعة

- ‌(79) باب الرخصة في التخلف عن الجماعة للعذر

- ‌(80) باب صلاة النفل في جماعة، والصلاة على البسط وإن عتقت وامتهنت

- ‌(81) باب فضل انتظار الصلاة في المسجد

- ‌(82) باب من كانت داره عن المسجد أبعد كان ثوابه في إتيانه أكثر

- ‌(83) باب المشي إلى الصلاة تمحى به الخطايا وترفع به الدرجات

- ‌(84) باب الجلوس في المصلى بعد صلاة الصبح

- ‌(85) باب في الإمامة، ومن أحق بها

- ‌(86) باب ما جاء في القنوت والدعاء للمُعَيَّنِ وعليه في الصلاة

- ‌(87) باب من نام عن صلاة أو نسيها

- ‌(88) باب من نام عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس فله أن يؤذن إذا كان في جماعة، ويصلي ركعتي الفجر

- ‌(89) باب ما جاء في حكم قَصرِ الصلاة في السفر

- ‌(90) باب من أين يبدأ بالقصر إذا خرج من وطنه، واستمراره على القصر ما لم ينو إقامة

- ‌(91) باب قَصر الصلاة بِمنىً

- ‌(92) باب جواز التخلف عن صلاة الجماعة والجمعة لعذر المطر

- ‌(93) باب التنفل والوتر على الراحلة في السفر

- ‌(94) باب الجمع بين الصلاتين في السفر والحضر

- ‌(95) باب الانصراف من الصلاة عن اليمين والشمال

- ‌(96) باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة

- ‌(97) باب ما يقول عند دخول المسجد، والأمر بِتحيَّتِهِ

- ‌(98) باب في صلاة الضحى

- ‌(99) باب الوصية بالضحى وأقله ركعتان

- ‌(100) باب ما جاء في ركعتي الفجر

- ‌(101) باب رواتب الفرائض وفضلها

- ‌(102) باب في صلاة النفل قائمًا وقاعدًا

- ‌(103) باب كيف صلاة الليل وكم عددها

- ‌(104) باب في صلاة الوتر

- ‌(105) باب فيمن غلب عن حزبه، وفيمن خاف أن يغلب عن وتره، وفضل طول القنوت وآخر الليل

- ‌(106) باب الترغيب في قيام رمضان وليلة القدر وكيفية القيام

- ‌(107) باب في كيفية صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل، وتَبَتُّلِه ودُعَائِهِ

- ‌(108) باب ترتيل القراءة والجهر بها في صلاة الليل وتطويلها

- ‌(109) باب استغراق الليل بالنوم من آثار الشيطان

- ‌(110) باب أفضل النوافل ما صُلِّي في البيت

- ‌(111) باب أَحَبُّ العمل إلى الله أَدوَمُهُ وإن قَلَّ، وكراهية التَّعَمُّقِ والتشديد

- ‌أبواب فضائل القرآن وما يتعلق بها

- ‌(112) باب الأمر بِتَعاهُدِ القرآن، وذَمِّ من فرط فيه حتى نسي

- ‌(113) باب تحسين الصوت بالقراءة والترجيع فيها

- ‌(114) باب إقراء النبي صلى الله عليه وسلم القرآن وتعليمه كيفية الأداء

- ‌(115) باب فضل تعلُّم القرآن وقراءته وفضل سورة البقرة وآل عمران

- ‌(116) باب فضل فاتحة الكتاب وآية الكرسي وخواتيم سورة البقرة

- ‌(117) باب فضل سورة الكهف، وتنزل السكينة عند قراءتها

- ‌(118) باب فضل قراءة {قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}

- ‌(119) باب فضل قراءة المعوذتين

- ‌(120) باب لا حسد إلا في اثنتين، ومن يرفع بالقرآن

- ‌(121) باب إنزال القرآن على سبعة أحرف

- ‌(122) باب قراءة سورتين في ركعة من النوافل

- ‌(123) باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها

- ‌(124) باب في الركعتين بعد العصر

- ‌(125) باب الركوع بعد الغروب وقبل المغرب

- ‌(126) باب صلاة الخوف

- ‌(4) كتاب الجمعة

- ‌(1) باب فضل الغسل للجمعة وتأكيده، ومن اقتصر على الوضوء أجزأه

- ‌(2) باب فضل يوم الجمعة، والساعة التي فيه

- ‌(3) باب فضل التهجير للجمعة ووقتها

- ‌(4) باب الإنصات للخطبة وفضله

- ‌(5) باب الخطبة، والقيام لها، والجلوس بين الخطبتين، والإشارة باليد

- ‌(6) باب ما يقال في الخطبة ورفع الصوت بها

- ‌(7) باب ركوع من دخل والإمام يخطب، والتعليم في حالة الخطبة

- ‌(8) باب ما يُقرَأُ به في صلاة الجمعة، وفي صبح يومها

- ‌(9) باب ما جاء في التنفل بعد الجمعة

- ‌(10) باب التغليظ في ترك الجمعة

- ‌(5) أبواب صلاة العيدين

- ‌(1) باب الخروج إلى المصلى في العيدين، وخروج النساء

- ‌(2) باب لا صلاة قبل صلاة العيدين في المصلى، ولا أذان ولا إقامة

- ‌(3) باب الصلاة فيهما قبل الخطبة

- ‌(4) باب ما يقال في الخطبة

- ‌(5) باب ما يقرأ في صلاة العيدين

- ‌(6) باب الفرح واللعب في أيام الأعياد

- ‌(6) أبواب الاستسقاء

- ‌(1) باب الخروج إلى المصلى لصلاة الاستسقاء، وكيفية العمل فيها

- ‌(2) باب الدعاء في السُّقيَا في المسجد وبغير صلاة

- ‌(3) باب التبرك بالمطر، والفرح به، والتعوُّذ عند الريح والغيم

- ‌(7) أبواب كسوف الشمس والقمر

- ‌(1) باب الأمر بالصلاة والذكر والصدقة عند الكسوف

- ‌(2) باب كيفية العمل فيها، وأنها ركوعان في كل ركعة

- ‌(3) باب ما جاء أن في كل ركعة ثلاث ركعات

- ‌(4) باب ما جاء أن في كل ركعة أربع ركعات

- ‌(5) باب يطول سجودها كما يطول ركوعها

- ‌(6) باب ما جاء أن صلاة الكسوف ركعتان كسائر النوافل

- ‌(7) باب شهود النساء صلاة الكسوف

- ‌(8) كتاب الجنائز

- ‌(1) باب تلقين الموتى، وما يقال عند المصيبة، وعند حضور المرضى والموتى

- ‌(2) باب في إغماض الميت، والدعاء له

- ‌(3) باب ما جاء في البكاء على الميت، وعنده

- ‌(4) باب في عيادة المريض، والصبر عند الصدمة الأولى

- ‌(5) باب ما جاء أن الميت ليعذبُ ببكاءِ الحَيِّ عليه

- ‌(6) باب التشديد في النياحة، وما جاء في اتباع الجنائز

- ‌(7) باب الأمر بغسل الميت وكيفيته

- ‌(8) باب في تكفين الميت وتسجيته، والأمر بتحسين الكفن

- ‌(9) باب الإسراع بالجنازة، وفضل الصلاة عليها، واتباعها

- ‌(10) باب الاستشفاع للميت، وأن الثناء عليه شهادة له، وأنه مستريح ومستراح منه

- ‌(11) باب الأمر بالصلاة على الميت، وكيفية الصلاة عليه، وكم التكبيرات

- ‌(12) باب الدعاء للميت، وأين يقوم الإمام من المرأة

- ‌(13) باب ما جاء في الصلاة على القبر

- ‌(14) باب الأمر بالقيام للجنازة ونسخه

- ‌(15) باب ركوب المتبع للجنازة إذا انصرف منها

- ‌(16) باب في كيفية القبور وكراهية تجصيصها والبناء عليها، وهل يجعل في القبر شيء

- ‌(17) باب النهي عن الجلوس على القبور والصلاة إليها

- ‌(18) باب الصلاة على الميت في المسجد

- ‌(19) باب زيارة القبور والتسليم عليها، والدعاء والاستغفار للموتى

- ‌(20) باب من لا يصلى عليه

- ‌(21) باب النهي عن تمني الموت لضر نزل به

- ‌(22) باب من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه

الفصل: ‌(121) باب إنزال القرآن على سبعة أحرف

(121) باب إنزال القرآن على سبعة أحرف

[691]

- عَن عُمَرَ بن الخَطَّابِ قَالَ: سَمِعتُ هِشَامَ بنَ حَكِيمِ بنِ حِزَامٍ يَقرَأُ سُورَةَ الفُرقَانِ عَلَى غَيرِ مَا أَقرَؤُهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَقرَأَنِيهَا، فَكِدتُ أَن أَعجَلَ عَلَيهِ، ثُمَّ أَمهَلتُهُ حَتَّى انصَرَفَ ثُمَّ لَبَّبتُهُ بِرِدَائِهِ، فَجِئتُ بِهِ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنِّي سَمِعتُ هَذَا يَقرَأُ سُورَةَ الفُرقَانِ عَلَى غَيرِ مَا أَقرَأتَنِيهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَرسِلهُ. اقرَأ. فَقَرَأ القِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعتُهُ يَقرَأُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: هَكَذَا أُنزِلَت، ثُمَّ قَالَ لِي: اقرَأ.

ــ

(121)

ومن باب: إنزال (1) القرآن على سبعة أحرف

قوله: فلَبَّبتُهُ بردائه؛ أي: جمعت ثوبه على حَلقه، وأصله من اللّبة، وهي الثغرة التي في أسفل الحلق، وهذا من عمر رضي الله عنه غَيرةٌ على كتاب الله، وقوة في دينه.

وقوله لعمر: أرسله؛ أي: أطلقه، لينفِّس عنه، حتى يُعرِب عن نفسه.

وقوله لهشام: اقرأ، ليسمعَ ما ادعى عليه إفساده، ليتّضح ذلك.

وقوله لعمر: اقرأ: لتجويز الغلَط على عمر، أو ليبيِّن أن كل واحدة من القراءتين جائزة، كما قد صوّبه فيها بعد ذلك بقوله: هكذا أنزلت.

واختلف في قوله صلى الله عليه وسلم: هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف على خمسة وثلاثين قولا؛ حكاها أبو حاتم بن حِبَّان، أَولاها عند المحققين، وأقربها بمساق الأحاديث: أن

(1) في (ط) و (هـ): أنزل.

ص: 447

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

السبعة أحرف هي سبع لغات من لغات العرب. قال أبو عبيد: يَمَنُها، ومَعَدُّها، وهي أفصح اللغات وأعلاها من كلامهم، وقيل: بل هذه السبع لغات لمضر لا لغيرها. قالوا: وهذه اللغات مُتفرِّقة في القرآن، لا يلزم اجتماعها في الكلمة الواحدة، ولو اجتمعت لم يكن في ذلك بُعد، ويمكن أن يُقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم سمعها من جبريل في عَرَضَات سبع، أو في واحدة، ويُوقفه على المواضع المختلف فيها. ثم لا يشترط أن يكون اختلاف هذه اللغات السبع في كيفيَّات الكلمات من: الإدغام، والإظهار، والمدّ، والقصر، والإمالة، والفتح، وما بين اللفظين، والتغليظ، والترقيق، واختلاف الإعرابات فقط، بل يجوز أن يكون في هذه كلها، وفي ألفاظ مترادفة على معنى واحد، كما قد رُوي أنه قُرئ:{انظُرُونَا نَقتَبِس مِن نُورِكُم} وأخرونا وأنسئونا، وفي قوله:{كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُم مَشَوا فِيهِ} ومروا وسَعَوا، وفي قوله:{فَاسعَوا إِلَى ذِكرِ اللَّهِ} وامض ا، وفي زيادة ألفاظ: فيزيد بعضهم كلمة، وينقصها غيرهم؛ كما في قوله: من تحتها وأسقطها آخرون، و:{إِنَّ اللَّهَ هُوَ الغَنِيُّ الحَمِيدُ} و (أن الله الغني) بإسقاط هو. وهذا النحو من الاختلاف هو الذي كثر في خلافة عثمان، حتى خاف أن يتبدَّل كثير من القرآن، ويتغيّر، ويختلف الناس، فاتفق نظره ونظر الصحابة أجمعين على جمع الناس على مصحف واحد، فكتبوه على لغة قريش، وعلى حرق ما عداه من المصاحف المخالفة لذلك المصحف، وهذا النحو من الاختلاف هو الذي أنكره عمر، لَمَّا سمعه من هشام، والذي أنكره أُبيٌّ أيضًا وعَظُم عليه؛ لأنهما لما سمعا كلماتٍ مخالفة للتي قرآ بها على النبي صلى الله عليه وسلم. [وقد دلّ على هذا: أن النسائي (1) أخرج هذا الحديث. وقال فيه: إن عمر قال: سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان، فقرأ فيها حروفًا لم يكن

(1) رواه النسائي (2/ 150).

ص: 448

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

النبي صلى الله عليه وسلم أقرأنيها، ولما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم قال له: إني سمعت هذا يقرأ فيها حروفًا لم تكن أقرأتنيها. وهذا نص] (1). وعن ذلك تحرّج النبي صلى الله عليه وسلم من أن يقصر أمته على حرف واحد؛ حتى سأل الله - تعالى - في أن يخفف عنهم، فأجيب إلى ذلك، ووسَّع عليهم، وأنهى التّوسيع إلى هذه؛ لأنها لغات أكثر العرب الحجازيين، ولو ضُيِّق على الناس حتى يقرأ الكل بلغةٍ واحدةٍ؛ لشقَّ ذلك عليهم، وحُرِجُوا؛ لأنهم كانوا يُكلَّفون أن يخرجوا عن أسلوب طباعهم وعاداتهم في كلامهم، لا سيّما في حدّة الأمر وفجأته، فلما وُسِّع عليهم في ذلك [أُمر كلُّ منهم أن يقرأ بلغته ولا ينكر على غيره (2)، واتسع الناس في ذلك](3) في صدر الإسلام، وإلى زمن عثمان رضي الله عنه، فلما خاف عثمان رضي الله عنه أن يتعدَّى الناس حدَّ التوسعة ومحلَّها، وأدخل بعض الناس في مصحفه ما ليس بقرآن؛ كالتشهد، والقنوت، وغير ذلك، أو ما كان قد نُسِخَت تلاوته؛ شاور الصحابة على جمع الناس على مصحف واحد، يكتبونه بلغة قريش، فأجابوه لذلك، واجتهدوا في ذلك غايتهم، وبذلوا في حفظه وصيانته غاية وسعهم، ثم أجمعوا على أن يكتبوه كذلك، وأن يكتبوا منه نسخًا، وأن يوجّهوها للأمصار [ففعلوا، فوجّهوا للعراق والشام ومصر بأمهات، فاتخذها قراءُ الأمصار معتمد اختياراتهم](4)، ولم يخالف أحدٌ منهم مصحفه على النحو الذي بلغه، وما وُجد بين هؤلاء القراء السبعة من الاختلاف في حروفٍ يزيدها بعضهم، وينقصها بعضهم؛ فذلك لأن كلامهم اعتمد على ما بلغه في مصحفه أو رواه؛ إذ قد كان عثمان قد كتب تلك المواضع في بعض

(1) ما بين حاصرتين سقط من الأصول، وأثبتناه من (ع).

(2)

في (ظ): ينكر عليه.

(3)

ساقط من (ع).

(4)

ساقط من (ع).

ص: 449

فَقَرَأتُ فَقَالَ: هَكَذَا أُنزِلَت. إِنَّ هَذَا القُرآنَ أُنزِلَ عَلَى سَبعَةِ أَحرُفٍ، فَاقرَؤوا مَا تَيَسَّرَ مِنهُ.

رواه أحمد (1/ 40)، والبخاري (6936)، ومسلم (818)(270)، وأبو داود (1475)، والترمذي (2944)، والنسائي (2/ 150 و 152).

ــ

نُسخ المصاحف، ولم يكتبها في بعضٍ؛ إشعارًا بأن كل ذلك صحيح، وأن القراءة بكل منها جائزة.

قلت: فكلُّ ما تضمنته تلك المصاحف متواتر، مُجمَعٌ عليه من الصحابة وغيرهم، وما خرج عن تلك المصاحف لا تجوز القراءة به، ولا الصلاة؛ لأنه ليس من القرآن المُجمع عليه، فأما هذه القراءات السبع التي تُنسب لهؤلاء القراء السبعة، فقال كثير من علمائنا؛ كالداودي، وابن أبي صفرَة وغيرهما: إنها ليست هي الأحرف السبعة التي اتّسعت الصحابة في القراءة بها، وإنما هي راجعة إلى حرفٍ واحدٍ من تلك السبعة، وهو الذي جمع عليه عثمان المصحف؛ ذكره ابن إسحاق وغيره. وهذه القراءات المشهورة هي اختيار أولئك الأئمة القراء، وذلك أن كل واحد منهم اختار فيما روى وعَلِم وجهة من القراءات ما هو الأحسن عنده والأولى، فالتزمه طريقةً، ورواه، وأقرأ به فاشتهر عنه، وعرف به، فنُسب إليه، فقيل: حرف نافع، وحرف ابن كثير، ولم يمنع واحد منهم اختيار الآخر، ولا أنكره، بل سوّغه وجوَّزه، فكل واحد من هؤلاء السبعة، رُوي عنهم اختياران أو أكثر، وكلٌ صحيح. وقد أجمع المسلمون في هذه الأعصار على الاعتماد على ما صح عن هؤلاء الأئمة، مما رووه ورأوه من القراءات، وكتبوا في ذلك مصنفات، فاستمر الإجماع على الصواب، وحصل ما وعد الله - تعالى - به من حفظ الكتاب، وعلى هذا الذي قررناه الأئمةُ المتقدمون، والفضلاء المحققون؛ كالقاضي أبي بكر ابن الطيِّب والطبري، وغيرهما.

وقوله: فاقرؤوا ما تيسر منه، الضّمير في: منه عائد على القرآن،

ص: 450

[692]

- وعَن أُبَيِّ بنِ كَعبٍ قَالَ: كُنتُ فِي المَسجِدِ، فَدَخَلَ رَجُلٌ يُصَلِّي، فَقَرَأَ قِرَاءَةً أَنكَرتُهَا عَلَيهِ، ثُمَّ دَخَلَ آخَرُ فَقَرَأَ قِرَاءَةً سِوَى قَرَاءَةِ صَاحِبِهِ، فَلَمَّا قَضَينَا الصَّلاةَ دَخَلنَا جَمِيعًا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلتُ: إِنَّ هَذَا قَرَأَ قِرَاءَةً أَنكَرتُهَا عَلَيهِ، وَدَخَلَ آخَرُ فَقَرَأَ سِوَى قِرَاءَةِ صَاحِبِهِ، فَأَمَرَهُمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَرَآ، فَحَسَّنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم شَأنَهُمَا، فَسَقَطَ فِي نَفسِي مِنَ التَّكذِيبِ، وَلا إِذ كُنتُ فِي الجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا قَد غَشِيَنِي

ــ

لا على الأحرف؛ إذ لو كان عائدًا على الأحرف؛ لقال: منها، وإنما أعاده على القرآن؛ ليبيّن أنه يجوز أن يقرأ بما تيسَّر من الأحرف، ومن القرآن، لا أنه إذا أباح الاقتصار على قراءة بعض القرآن، فلأن يجوز الاقتصار على بعض الأحرف أولى.

وقول أُبيّ: فَسُقط في نفسي من التكذيب، ولا إذ كنت في الجاهلية: هذا الذي وقع لأُبيّ رضي الله عنه نزغة من الشيطان، ليشوِّش عليه حاله، ويكدِّر عليه وقته، فإنه عظم عليه من اختلاف القراءات [ما ليس عظيمًا في نفسه، وإلا فأيّ شيء يلزم من المحال والتكذيب من اختلاف القراءات](1)، لكن لما تولّى الله بكفايتهم أَمرَ الشيطان لم يؤثر تزيينه وتسويله أثرًا يركنون إليه، ولا يدومون عليه، وإنما كان ذلك امتحانا لسرائرهم؛ ليبرز للوجود ما علمه الله من ضمائرهم، ولـ {يَرفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُم وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلمَ دَرَجَاتٍ} وإلا فانظر مآل هذا الواقع ماذا كان، فإنه لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما أصابه من ذلك الخاطر؛ نبّهه بأن ضرب في صدره، فأعقب ذلك بأن شرح الله صدره، وتنوّر باطنه، حتى آل له الكشف والشرح إلى حالة المعاينة، فلما ظهر له قبح ذلك الخاطر، خاف من الله - تعالى -؛ وسببه: أنه قد حصل منه التفات إلى ذلك الخاطر. وفيضه بالعرق؛ إنما كان استحياء من الله - تعالى -. ومعنى: سقط في نفسي؛ أي: اعترتني حيرة ودهشة.

(1) ساقط من (هـ) و (ط).

ص: 451

ضَرَبَ فِي صَدرِي، فَفِضتُ عَرَقًا، وَكَأَنَّمَا أَنظُرُ إِلَى الله عز وجل فَرَقًا فَقَالَ لِي: يَا أُبَيُّ! أُرسِلَ إِلَيَّ: أَنِ اقرَأ القُرآنَ عَلَى حَرفٍ فَرَدَدتُ إِلَيهِ، أَن هَوِّن عَلَى أُمَّتِي؟ ! فَرَدَّ إِلَيَّ الثَّانِيَةَ: اقرَأهُ عَلَى حَرفَينِ، فَرَدَدتُ إِلَيهِ: أَن هَوِّن عَلَى أُمَّتِي؟ ! فَرَدَّ إِلَيَّ الثَّالِثَةَ: اقرَأهُ عَلَى سَبعَةِ أَحرُفٍ؛ فَلَكَ بِكُلِّ رَدَّةٍ رَدَدتهَا مَسأَلَةٌ تَسأَلُنِيهَا. فَقُلتُ: اللهمَّ اغفِر لأُمَّتِي، اللهمَّ اغفِر لأُمَّتِي، وَأَخَّرتُ الثَّالِثَةَ لِيَومٍ يَرغَبُ إِلَيَّ الخَلقُ كُلُّهُم حَتَّى إِبرَاهِيمُ عليه السلام.

وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّ النَبَّي صلى الله عليه وسلم أَتَاهُ جِبرِيلُ فَقَالَ: إِنَّ الله يَأمُرُكَ أَن تَقرَأَ أُمَّتُكَ القُرآنَ عَلَى حَرفٍ، فَقَالَ: أَسأَلُ الله مُعَافَاتَهُ وَمَغفِرَتَهُ، وَإِنَّ أُمَّتِي لا تُطِيقُ ذَلِكَ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَقَالَ مِثلَهُ، وَهَكَذَا إِلَى أَن قَالَ: إِنَّ الله يَأمُرُكَ أَن تَقرَأَ أُمَّتُكَ القُرآنَ عَلَى سَبعَةِ أَحرُفٍ فَأَيُّمَا حَرفٍ قَرَؤوا عَلَيهِ فَقَد أَصَابُوا.

رواه أحمد (5/ 124)، ومسلم (820) و (821)، وأبو داود (1477 و 1478)، والترمذي (2945)، والنسائي (2/ 152 و 154).

* * *

ــ

يقال للنادم المتحيِّر: سقط في يده، وأسقط؛ أي: حصل في يده منه مكروه. ومنه: {وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيدِيهِم وَرَأَوا أَنَّهُم قَد ضَلُّوا} وهذا الخاطر الذي خطر لأُبَيّ هو من قبيل ما قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يُؤاخذُ به، بل هو من قبيل ما قال فيه: ذلك محض الإيمان (1).

وقوله: إن الله يأمرك أن تقرأَ أُمَّتُكَ على سبع؛ أي: لا تَزِد عليها، وأي شيء قرؤوا به كفاهم وأجزأهم؛ بدليل قوله: فأيّ حرف قرؤوا عليه فقد أصابوا.

وقوله: أسأل الله معافاته؛ أي: تسهيله وتيسيره، من عفا الأثر؛ أي:

(1) رواه مسلم (133) من حديث عبد الله رضي الله عنه.

ص: 452