المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(87) باب من نام عن صلاة أو نسيها - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٢

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(3) كتاب الصلاة

- ‌(1) باب ما جاء في الأذان والإقامة

- ‌(2) باب الأذان أمان من الغارة، وما جاء في اتخاذ مُؤذِّنَينِ

- ‌(3) باب إذا سَمِعَ المؤذن قال مثل ما قال، وفضل ذلك، وما يقول بعد الأذان

- ‌(4) باب فضل الأذان وما يُصيب الشيطان عنده

- ‌(5) باب رفع اليدين في الصلاة، ومتى يرفعهما؟ وإلى أين

- ‌(6) باب التكبير في الصلاة

- ‌(7) باب ما جاء في القراءة في الصلاة وبيان أركانها

- ‌(8) باب ترك قراءة بِسمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ في الصلاة

- ‌(9) باب حجة من قال: البسملة آية من أول كل سورة سوى براءة

- ‌(10) باب التَّشَهُّد في الصلاة

- ‌(11) باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(12) باب التَّحمِيد والتَّأمِين

- ‌(13) باب إنما جُعِلَ الإمام لِيُؤتَمَّ به

- ‌(14) باب استخلاف الإمام إذا مرض، وجواز ائتمام القائم بالقاعد

- ‌(15) باب العمل القليل في الصلاة لا يضرها

- ‌(16) باب إذا نَابَ الإمامَ شيءٌ فَليُسَبِّح الرجالُ وَليُصَفِّق النساءُ

- ‌(17) باب الأمر بتحسين الصلاة، والنهي عن مسابقة الإمام

- ‌(18) باب النهي عن رفع الرأس قبل الإمام، وعن رفع البصر إلى السماء في الصلاة، والأمر بالسكون فيها

- ‌(19) باب الأمر بتسوية الصفوف، ومن يلي الإمام

- ‌(20) باب في صفوف النساء وخروجهن إلى المساجد

- ‌(21) باب في قوله تعالى: {وَلا تَجهَر بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِت بِهَا}

- ‌(22) باب القراءة في الظهر والعصر

- ‌(23) باب القراءة في الصبح

- ‌(24) باب القراءة في المغرب والعشاء

- ‌(25) باب أمر الأئمة بالتخفيف في تمام

- ‌(26) باب في اعتدال الصلاة وتقارب أركانها

- ‌(27) باب اتباع الإمام والعمل بعده

- ‌(28) باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

- ‌(29) باب النهي عن القراءة في الركوع والسجود

- ‌(30) باب ما يقال في الركوع والسجود

- ‌(31) باب الترغيب في كثرة السجود، وعلى كم يسجد؟ وفيمن صلى معقوص الشعر

- ‌(32) باب كيفية السجود

- ‌(33) باب تحريمُ الصلاةِ التكبيرُ، وتحليلُها التسليمُ

- ‌(34) باب في سترة المصلي وأحكامها

- ‌(35) باب مَنع المصلي مَن مَرَّ بين يديه، والتَّغليِظ في المرور بين يدي المصلي

- ‌(36) باب دنو المصلي من سترته وما جاء فيما يقطع الصلاة

- ‌(37) باب اعتراض المرأة بين يدي المصلي لا يقطع الصلاة

- ‌(38) باب الصلاة بالثوب الواحد على الحصير

- ‌(39) باب أول مسجد وضع في الأرض، وما جاء أن الأرض كلها مسجد

- ‌(40) باب ابتناء مسجد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(41) باب تحويل القبلة من الشام إلى الكعبة، والنهي عن بناء المساجد على القبور وعن التصاوير فيها

- ‌(42) باب ثواب من بَنَى للهِ مسجدًا

- ‌(43) باب التطبيق في الركوع وما ثبت من نسخه

- ‌(44) باب [جواز الإقعاء على العقبين]

- ‌(45) باب نسخ الكلام في الصلاة

- ‌(46) باب جواز الإشارة بالسلام في الصلاة، ولعن الشيطان

- ‌(47) باب جواز حمل الصغير في الصلاة، وجواز التقدم والتأخر، ومن صلى على موضع أرفع من موضع المأموم

- ‌(48) باب النهي عن الاختصار في الصلاة، وما يجوز من مس الحصى فيها، وما جاء في البصاق في المسجد

- ‌(49) باب الصلاة في النعلين والثوب المعلم وبحضرة الطعام

- ‌(50) باب النهي عن إتيان المساجد لمن أكل الثوم أو البصل، وإخراج من وُجد منه ريحها من المسجد

- ‌(51) باب النهي عن أن تنشد الضالَّة في المسجد

- ‌(52) باب الأمر بسجود السهو، وما جاء فيمن سها عن الجلسة الوسطى

- ‌(53) باب فيمن لم يّدرِ كم صلى

- ‌(54) باب فيمن سلَّم من اثنتين أو ثلاث

- ‌(55) باب ما جاء في سجود القرآن

- ‌(56) باب كيفية الجلوس للتشهد

- ‌(57) باب كم يسلم من الصلاة، وبأي شيء كان يعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(58) باب الاستعاذة في الصلاة من عذاب القبر وغيره

- ‌(59) باب قدر ما يقعد الإمام بعد السلام وما يقال بعده

- ‌(60) باب السكوت بين التكبير والقراءة في الركعة الأولى وما يقال فيه

- ‌(61) باب فضل التحميد في الصلاة

- ‌(62) باب إتيان الصلاة بالسكينة، ومتى تقام؟ ومتى يقام لها؟ وإتمام المسبوق

- ‌(63) باب من أدرك ركعة من فعل الصلاة أو وقتها فقد أدركها

- ‌(64) باب إذا ذكر الإمام أنه مُحدِث خرج فأمرهم بانتظاره

- ‌(65) باب أَوقَات الصَّلَوَاتِ

- ‌(66) باب الإبراد بالظهر في شدة الحر

- ‌(67) باب تعجيل الظهر بعد الإبراد وفي زمن البرد

- ‌(68) باب تعجيل صلاة العصر

- ‌(69) باب ما جاء في الصلاة الوسطى

- ‌(70) باب من فاتته صلوات كيف يقضيها

- ‌(71) باب المحافظة على الصبح والعصر

- ‌(72) باب تعجيل صلاة المغرب

- ‌(73) باب تأخير العشاء الآخرة

- ‌(74) باب التغليس بصلاة الصبح

- ‌(75) باب المنع من إخراج الصلاة عن وقتها

- ‌(76) باب صلاة الفذ جائزة، والجماعة أفضل

- ‌(77) باب التغليظ في التخلف عن الجماعة والجمعة

- ‌(78) باب النهي عن الخروج من المسجد بعد الأذان، وفضل العشاء والصبح في جماعة

- ‌(79) باب الرخصة في التخلف عن الجماعة للعذر

- ‌(80) باب صلاة النفل في جماعة، والصلاة على البسط وإن عتقت وامتهنت

- ‌(81) باب فضل انتظار الصلاة في المسجد

- ‌(82) باب من كانت داره عن المسجد أبعد كان ثوابه في إتيانه أكثر

- ‌(83) باب المشي إلى الصلاة تمحى به الخطايا وترفع به الدرجات

- ‌(84) باب الجلوس في المصلى بعد صلاة الصبح

- ‌(85) باب في الإمامة، ومن أحق بها

- ‌(86) باب ما جاء في القنوت والدعاء للمُعَيَّنِ وعليه في الصلاة

- ‌(87) باب من نام عن صلاة أو نسيها

- ‌(88) باب من نام عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس فله أن يؤذن إذا كان في جماعة، ويصلي ركعتي الفجر

- ‌(89) باب ما جاء في حكم قَصرِ الصلاة في السفر

- ‌(90) باب من أين يبدأ بالقصر إذا خرج من وطنه، واستمراره على القصر ما لم ينو إقامة

- ‌(91) باب قَصر الصلاة بِمنىً

- ‌(92) باب جواز التخلف عن صلاة الجماعة والجمعة لعذر المطر

- ‌(93) باب التنفل والوتر على الراحلة في السفر

- ‌(94) باب الجمع بين الصلاتين في السفر والحضر

- ‌(95) باب الانصراف من الصلاة عن اليمين والشمال

- ‌(96) باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة

- ‌(97) باب ما يقول عند دخول المسجد، والأمر بِتحيَّتِهِ

- ‌(98) باب في صلاة الضحى

- ‌(99) باب الوصية بالضحى وأقله ركعتان

- ‌(100) باب ما جاء في ركعتي الفجر

- ‌(101) باب رواتب الفرائض وفضلها

- ‌(102) باب في صلاة النفل قائمًا وقاعدًا

- ‌(103) باب كيف صلاة الليل وكم عددها

- ‌(104) باب في صلاة الوتر

- ‌(105) باب فيمن غلب عن حزبه، وفيمن خاف أن يغلب عن وتره، وفضل طول القنوت وآخر الليل

- ‌(106) باب الترغيب في قيام رمضان وليلة القدر وكيفية القيام

- ‌(107) باب في كيفية صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل، وتَبَتُّلِه ودُعَائِهِ

- ‌(108) باب ترتيل القراءة والجهر بها في صلاة الليل وتطويلها

- ‌(109) باب استغراق الليل بالنوم من آثار الشيطان

- ‌(110) باب أفضل النوافل ما صُلِّي في البيت

- ‌(111) باب أَحَبُّ العمل إلى الله أَدوَمُهُ وإن قَلَّ، وكراهية التَّعَمُّقِ والتشديد

- ‌أبواب فضائل القرآن وما يتعلق بها

- ‌(112) باب الأمر بِتَعاهُدِ القرآن، وذَمِّ من فرط فيه حتى نسي

- ‌(113) باب تحسين الصوت بالقراءة والترجيع فيها

- ‌(114) باب إقراء النبي صلى الله عليه وسلم القرآن وتعليمه كيفية الأداء

- ‌(115) باب فضل تعلُّم القرآن وقراءته وفضل سورة البقرة وآل عمران

- ‌(116) باب فضل فاتحة الكتاب وآية الكرسي وخواتيم سورة البقرة

- ‌(117) باب فضل سورة الكهف، وتنزل السكينة عند قراءتها

- ‌(118) باب فضل قراءة {قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}

- ‌(119) باب فضل قراءة المعوذتين

- ‌(120) باب لا حسد إلا في اثنتين، ومن يرفع بالقرآن

- ‌(121) باب إنزال القرآن على سبعة أحرف

- ‌(122) باب قراءة سورتين في ركعة من النوافل

- ‌(123) باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها

- ‌(124) باب في الركعتين بعد العصر

- ‌(125) باب الركوع بعد الغروب وقبل المغرب

- ‌(126) باب صلاة الخوف

- ‌(4) كتاب الجمعة

- ‌(1) باب فضل الغسل للجمعة وتأكيده، ومن اقتصر على الوضوء أجزأه

- ‌(2) باب فضل يوم الجمعة، والساعة التي فيه

- ‌(3) باب فضل التهجير للجمعة ووقتها

- ‌(4) باب الإنصات للخطبة وفضله

- ‌(5) باب الخطبة، والقيام لها، والجلوس بين الخطبتين، والإشارة باليد

- ‌(6) باب ما يقال في الخطبة ورفع الصوت بها

- ‌(7) باب ركوع من دخل والإمام يخطب، والتعليم في حالة الخطبة

- ‌(8) باب ما يُقرَأُ به في صلاة الجمعة، وفي صبح يومها

- ‌(9) باب ما جاء في التنفل بعد الجمعة

- ‌(10) باب التغليظ في ترك الجمعة

- ‌(5) أبواب صلاة العيدين

- ‌(1) باب الخروج إلى المصلى في العيدين، وخروج النساء

- ‌(2) باب لا صلاة قبل صلاة العيدين في المصلى، ولا أذان ولا إقامة

- ‌(3) باب الصلاة فيهما قبل الخطبة

- ‌(4) باب ما يقال في الخطبة

- ‌(5) باب ما يقرأ في صلاة العيدين

- ‌(6) باب الفرح واللعب في أيام الأعياد

- ‌(6) أبواب الاستسقاء

- ‌(1) باب الخروج إلى المصلى لصلاة الاستسقاء، وكيفية العمل فيها

- ‌(2) باب الدعاء في السُّقيَا في المسجد وبغير صلاة

- ‌(3) باب التبرك بالمطر، والفرح به، والتعوُّذ عند الريح والغيم

- ‌(7) أبواب كسوف الشمس والقمر

- ‌(1) باب الأمر بالصلاة والذكر والصدقة عند الكسوف

- ‌(2) باب كيفية العمل فيها، وأنها ركوعان في كل ركعة

- ‌(3) باب ما جاء أن في كل ركعة ثلاث ركعات

- ‌(4) باب ما جاء أن في كل ركعة أربع ركعات

- ‌(5) باب يطول سجودها كما يطول ركوعها

- ‌(6) باب ما جاء أن صلاة الكسوف ركعتان كسائر النوافل

- ‌(7) باب شهود النساء صلاة الكسوف

- ‌(8) كتاب الجنائز

- ‌(1) باب تلقين الموتى، وما يقال عند المصيبة، وعند حضور المرضى والموتى

- ‌(2) باب في إغماض الميت، والدعاء له

- ‌(3) باب ما جاء في البكاء على الميت، وعنده

- ‌(4) باب في عيادة المريض، والصبر عند الصدمة الأولى

- ‌(5) باب ما جاء أن الميت ليعذبُ ببكاءِ الحَيِّ عليه

- ‌(6) باب التشديد في النياحة، وما جاء في اتباع الجنائز

- ‌(7) باب الأمر بغسل الميت وكيفيته

- ‌(8) باب في تكفين الميت وتسجيته، والأمر بتحسين الكفن

- ‌(9) باب الإسراع بالجنازة، وفضل الصلاة عليها، واتباعها

- ‌(10) باب الاستشفاع للميت، وأن الثناء عليه شهادة له، وأنه مستريح ومستراح منه

- ‌(11) باب الأمر بالصلاة على الميت، وكيفية الصلاة عليه، وكم التكبيرات

- ‌(12) باب الدعاء للميت، وأين يقوم الإمام من المرأة

- ‌(13) باب ما جاء في الصلاة على القبر

- ‌(14) باب الأمر بالقيام للجنازة ونسخه

- ‌(15) باب ركوب المتبع للجنازة إذا انصرف منها

- ‌(16) باب في كيفية القبور وكراهية تجصيصها والبناء عليها، وهل يجعل في القبر شيء

- ‌(17) باب النهي عن الجلوس على القبور والصلاة إليها

- ‌(18) باب الصلاة على الميت في المسجد

- ‌(19) باب زيارة القبور والتسليم عليها، والدعاء والاستغفار للموتى

- ‌(20) باب من لا يصلى عليه

- ‌(21) باب النهي عن تمني الموت لضر نزل به

- ‌(22) باب من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه

الفصل: ‌(87) باب من نام عن صلاة أو نسيها

(87) باب من نام عن صلاة أو نسيها

[565]

- عَن أَبِي هُرَيرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَفَلَ مِن غَزوَةِ خَيبَرَ سَارَ لَيلَهُ حَتَّى إِذَا أَدرَكَهُ الكَرَى عَرَّسَ، وَقَالَ لِبِلالٍ: اكلأ لَنَا اللَّيلَ! فَصَلَّى بِلالٌ مَا قُدِّرَ لَهُ، وَنَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصحَابُهُ، فَلَمَّا تَقَارَبَ الفَجرُ استَنَدَ بِلالٌ إِلَى رَاحِلَتِهِ مُوَاجِهَ الفَجرِ، فَغَلَبَت بِلالا عَينَاهُ وَهُوَ مُستَنِدٌ إِلَى رَاحِلَتِهِ، فَلَم يَستَيقِظ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلا بِلالٌ وَلا أَحَدٌ مِن أَصحَابِهِ حَتَّى ضَرَبَتهُمُ

ــ

(87)

ومن باب: من نام عن صلاة أو نسيها

قوله حين قفل من غزوة خيبر؛ أي رجع، قال الأصيلي: خيبر غلط، وإنما هو حنين، ولم يَعترِ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم إلا مرة واحدة حين قفل من حنين إلى مكة. وقال الباجي وابن عبد البر: قول ابن شهاب من خيبر أصحّ، وهو قول أهل السير. وفي حديث ابن مسعود أن نومه ذلك كان عام الحديبية، وذلك في زمن خيبر، وعليه يدل حديث أبي قتادة. قال غيره: وذلك بطريق مكة، وهو طريق لمكة لمن شاء. قال أبو عمر: في هذه الأحاديث ما يدل على أن نومه كان مرة واحدة، ويحتمل أن يكون مرتين. قال عياض: أما حديث أبي قتادة فلا مرية أنه غير حديث أبي هريرة، وكذلك حديث عمران بن حصين.

والكَرَى النوم، وعرّس نزل آخر الليل - قاله الخليل، وقال أبو زيد: التعريس النزول أيّ وقت كان من ليل أو نهار. وفي الحديث: يعرسون في نحر الظهيرة (1). واكلأ أي احفظ، ومنه كلأك الله أي حفظك، وهذا إنما كان من النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن طلبوا ذلك منه، كما قال البخاري: إنهم طلبوا التعريس منه فقال: أخاف أن تناموا!

(1) رواه البخاري (2661) من حديث عائشة رضي الله عنها.

ص: 306

الشَّمسُ، فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَوَّلَهُمُ استِيقَاظًا، فَفَزِعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَي بِلالُ! فَقَالَ بِلالٌ: أَخَذَ بِنَفسِي الَّذِي أَخَذَ - بِأَبِي أَنتَ وَأُمِّي

ــ

فقال بلال: أنا أوقظكم. فحينئذ عرّس بهم، ووكّل بلالا بحفظ الفجر.

وقوله ففزع رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلف في هذا الفزع وفي سببه؛ فقال الأصيلي: كان لأجل عدوهم أن يكون اتبعهم فيجدهم على غرة. وقال غيره: لما فاتهم من أمر الصلاة ولم يكن عندهم حكم من ذلك. وقد دل على هذا قولهم: ما كفارة ما صنعنا بتفريطنا؟ وهذا بيِّن في حقهم. وقد يكون الفزع بمعنى مبادرتهم إلى الصلاة، كما قال فافزعوا إلى الصلاة؛ أي: بادروا إليها. وقد يكون فزع النبي صلى الله عليه وسلم إجابة الفزعين من أصحابه وإغاثتهم لما نزل بهم، يقال فَزِعتُ استغثت، وفَزَعت أَغَثتُ.

وقوله أي بلال! ، كذا عند أكثر الرواة بـ أي التي للنداء، وعند العذري والسمرقندي أين بلال؟ بأين الظرفية.

وقول بلال أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك على طريق العذر مما كان تكفل به كما قدمناه من رواية البخاري، والنفس هنا هي التي تتوفى بالنوم وبالموت، كما قال تعالى:{اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوتِهَا وَالَّتِي لَم تَمُت فِي مَنَامِهَا} وهي التي تخرج من البدن حالة الموت، كما قال تعالى:{أَخرِجُوا أَنفُسَكُمُ} وهي المناداة بقوله: {يَا أَيَّتُهَا النَّفسُ المُطمَئِنَّةُ} إلى قوله: {فَادخُلِي فِي عِبَادِي} وقد عبر عنها في الموطأ في هذا الحديث بالروح فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قبض أرواحنا، ولو شاء لردَّها إلينا في حينٍ غير هذا. فما سماه بلال نفسًا سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم روحًا، فهما إذن عبارتان عن مُعَبَّرٍ واحد، وهذا مذهب أئمتنا.

وقد اختلف الناس قديمًا وحديثًا في ما هو هذا المعنى المعبر عنه بالنفس

ص: 307

يَا رَسُولَ اللهِ - بِنَفسِكَ! قَالَ: اقتَادُوا! فَاقتَادُوا رَوَاحِلَهُم شَيئًا،

ــ

والروح، والذي يفهم من مجموع ما في الكتاب والسنة وأقاويل علمائنا أن ذلك هو لطيفة مودعة في الأجساد مشاركة لجميع أجزائها التي تحلّها الحياة، يَتَأَتَّى إخراجها من الجسد وإدخالها فيه وقبضها منه، أجرى الله العادة بخلق الحياة في الجسد ما دامت فيه تلك اللطيفة، وهي القابلة للعلوم. والإنسان: هو الجسد وتلك اللطيفة.

وقد فرق الصوفية بين النفس والروح، فقالوا: النفس لطيفة مودعة في الجسم محل للأخلاق المعلولة، والروح محل للأخلاق المحمودة، وهو اصطلاح من قبلهم، ولا مشاحة في الاصطلاحات بعد فهم المعنى.

والنفس في اللغة مشترك يطلق على ما ذكرناه، ويطلق ويراد به وجود الشيء وذاته، ويطلق ويراد به الدّم. والروح يطلق على ما ذكر، وعلى جبريل إذ قد سماه الله تعالى روحًا في قوله:{نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ} ويحتمل أن يكون المراد بقوله في قوله تعالى: {تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ وَالرُّوحُ} وفي قوله: {قُلِ الرُّوحُ مِن أَمرِ رَبِّي} - على ما قاله ابن عباس في قوله {قُلِ الرُّوحُ} ، وقد تقدم أن الروح مشتق من الريح.

وقوله قال: اقتادوا! فاقتادوا رواحلهم شيئًا، قال: استدل به بعض الحنفيين على أن الفرائض لا تقضى في هذا الوقت بهذا الحديث؛ لأنه صلى الله عليه وسلم إنما ارتحل عن ذلك الموضع ليخرج الوقت المنهي عنه، وهذا تحكم، بل كما يحتمل ما ذكروه يحتمل أنه إنما كان ذلك ليعم النشاط جميعهم، وأبين من ذلك كله ما قد نص عليه من كراهية ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم ليأخذ كل رجل برأس راحلته، فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان، وقد زاد أبو داود في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تحوَّلوا عن مكانكم الذي أصابتكم فيه الغفلة.

ص: 308

ثُمَّ تَوَضَّأَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَمَرَ بِلالا فَأَقَامَ الصَّلاةَ، فَصَلَّى بِهِمُ الصُّبحَ، فَلَمَّا قَضَى صلاته قَالَ: مَن نَسِيَ الصَّلاةَ فَليُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا، فَإِنَّ الله قَالَ:{وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكرِي} وَكَانَ ابنُ شِهَابٍ يَقرَؤُهَا: لِلذِّكرَى.

ــ

وقوله فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بلالا فأقام الصلاة، ولم يذكر الأذان، وقد ذكره في حديث أبي قتادة، فاختلف العلماء في الفوائت؛ هل يؤذن لها ويقام؟ أو لا يؤذن لها ولا يقام؟ أو يقام لها ولا يؤذن؟ ثلاثة أقوال، فالأول مذهب أهل الرأي وأحمد وأبي ثور، والثاني مذهب الثوري، والثالث مذهب مالك والأوزاعي، والقول الثاني للشافعي. وقد تأول بعض أصحابنا الأذان في حديث أبي قتادة بمعنى الإعلام، وهو تكلف، بل الذي يجمع بين الأحاديث أنه إن احتيج إلى الأذان بحيث يجمع متفرقهم فُعِلَ، وعلى هذا يحمل حديث أبي هريرة، وإن كانوا مجموعين لم يحتج لذلك؛ إذ ليس وقتًا راتبًا فيدعى إليه الجميع ويعلمونه ويكون شعارًا، وقد قدمنا أن هذه فوائد الأذان، وعلى هذا يحمل حديث أبي قتادة، والله أعلم.

وقوله فصلى بهم الصبح حجة الجميع في الفوائت.

وقوله من نسي صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها - وفي لفظ آخر أو غفل عنها، كل ذلك دليل على وجوب القضاء على النائم والغافل، كَثُرَت الصلوات أو قلَّت، وهذا مذهب عامة العلماء. وقد حكي خلاف شاذ عن بعض الناس فيمن زاد على خمس صلوات أنه لا يلزمه قضاء، وهو خلاف لا يُعبأ به لأنه مخالف لنص الحديث.

وأما من ترك الصلاة عامدًا فالجمهور أيضًا على وجوب القضاء عليه، وفيه خلاف شاذ أيضًا عن داود وأبي عبد الرحمن الأشعري، وقد احتج الجمهور عليهم بأوجهٍ؛

أحدها: أنه قد ثبت الأمر بقضاء الناسي والنائم مع أنهما غير مؤثمين، فالعامد أولى.

ص: 309

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وثانيها: التمسك بقوله إذا ذكرها، والعامد ذاكر لتركها فلزمه قضاؤها.

وثالثها: التمسك بعموم قوله من نسي صلاة؛ أي: من حصل منه نسيان، والنسيان هو الترك سواء كان مع ذهول أو لم يكن، وقد دل على هذا قوله تعالى:{نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُم} ؛ أي: تركوا معرفة الله وأمره فتركهم في العذاب.

ورابعها: التمسك بقوله من نسي صلاة فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها، والكفارة إنما تكون عن الذنوب غالبًا، والنائم والناسي بمعنى الذاهل ليس بآثم، فتعين العامد لأن يكون هو المراد بلفظ الناسي.

وخامسها: قوله {وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكرِي} ؛ أي: لتذكرني فيها - على أحد التأويلات.

وسادسها: أن القضاء يجب بالخطاب الأول؛ لأن خروج وقت العبادة لا يسقط وجوبها، لأنها لازمة في ذمة المكلف كالديون، وإنما يُسقطُ العبادة فعلُها أو فقد شرطها، ولم يحصل شيء من ذلك، وهذا أحد القولين لأئمتنا الأصوليين والفقهاء.

وفي قوله إذا ذكرها حجة للجمهور على أبي حنيفة حيث يقول: إن المتروكة لا تقضى بعد الصبح ولا بعد العصر. ووجه تمسكهم أنها صلاة تجب بسبب ذكرها، فتفعل عند حضور سببها متى ما حضر، وقد صرح بالتعليل في قوله تعالى:{وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكرِي} ؛ فإن اللام للتعليل ظاهرًا، ولا يعارض هذا بقوله صلى الله عليه وسلم: لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس (1)؛ فإن هذا عام في جنس الصلوات، وذلك خاص في الواجبات المقضيّة. والوجه الصحيح عند الأصوليين بناء العام على الخاص؛ إذ ذلك يرفع التعارض وبه يمكن الجمع، وهو أولى من الترجيح باتفاق الأصوليين.

(1) رواه النسائي (1/ 258) من حديث معاذ بن عفراء.

ص: 310

وَفِي رِوَايَةٍ: فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِيَأخُذ كُلُّ رَجُلٍ بِرَأسِ رَاحِلَتِهِ، فَإِنَّ هَذَا مَنزِلٌ حَضَرَنَا فِيهِ الشَّيطَانُ! قَالَ: فَفَعَلنَا، ثُمَّ دَعَا بِالمَاءِ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ سَجَدَ سَجدَتَينِ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَصَلَّى الغَدَاةَ.

رواه مسلم (680)، وأبو داود (435 و 436)، والترمذي (3162)، والنسائي (1/ 295 - 298)، وابن ماجه (697).

ــ

واستدلاله صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى {وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكرِي} دليل على أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد شرعنا بخلافه، وهو قول أكثر أصحابنا. واختلف أهل التفسير في قوله تعالى {لِذِكرِي}؛ فقال مجاهد: لتذكرني فيها. وقال النخعي: اللام للظرف؛ أي: إذا ذكرتني، أي ذكرت أمري بعدما نسيت، ومنه الحديث. وقيل: لا تذكر فيها غيري. وقيل: شكرًا لذكري. وقيل ما ذكرناه من أن اللام للتسبيب، وهو أوضحها. ويقرب منه قول النخعي. وقراءة ابن شهاب تأنيث للذِّكر.

وقوله ثم سجد سجدتين، ثم صلى الغداة، وفي حديث أبي قتادة فصلى ركعتين، وبهذه الزيادة قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد وداود، وهو قول أشهب وعلي بن زياد من أصحابنا. ومشهور مذهب مالك أنه يصليها قبل الصبح الفائتة، وهو قول الثوري والليث تمسُّكًا بحديث ابن شهاب، وليس فيه من ذلك شيء، ولأن فعلها قبل الفائتة يزيد الفائتة فواتًا. وقال أصحابنا: إن النوافل لا تقضى؛ إذ ليس في الذمة شيء فيجب قضاؤه، فإن أراد أن يقضي فليصلّ نفلا مبتدأ، والله أعلم.

وقوله وليأخذ كل رجل برأس راحلته؛ فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان، ذهب بعض العلماء إلى الأخذ بظاهر هذا الحديث، فقال: إن من انتبه من نومٍ عن صلاةٍ فائتة في سفر زال عن موضعه، وإن كان واديًا خرج عنه. واعتضد بقوله صلى الله عليه وسلم تحوّلوا عن مكانكم الذي أصابتكم فيه الغفلة، وهذه الزيادة ذكرها

ص: 311

[566]

- وعَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا رَقَدَ أَحَدُكُم عَنِ الصَّلاةِ أَو غَفَلَ عَنهَا فَليُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا، فَإِنَّ الله تبارك وتعالى يَقُولُ:{وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكرِي}

رواه أحمد (3/ 184)، والبخاري (597)، ومسلم (684)(316)، وأبو داود (442)، والترمذي (178)، والنسائي (2/ 293 - 294).

* * *

ــ

أبو داود في حديث أبي هريرة. وقال آخرون: إنما يلزم هذا في ذلك الوادي بعينه؛ إن علم ونزلت فيه مثل تلك النازلة فيجب الخروج منه كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم. وقال الجمهور: إن هذا غير مراعى، وإن من استيقظ عن صلاة فاتتهُ صلَاّها في ذلك الوقت وحيثما كان؛ لقوله صلى الله عليه وسلم فحيثما أدركتك الصلاة فصل (1)، وهذا الحديث لا يصلح لتخصيصه في غير حق النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ لا يعلم غير النبي صلى الله عليه وسلم من حال ذلك الوادي ولا من غيره من المواضع ما علمه النبي صلى الله عليه وسلم، وبتقدير أن تقع النازلة في ذلك الوادي فلا ندري هل ذلك الشيطان باقٍ فيه أم لا؟

وقوله تحولوا خطاب لأصحابه الكائنين معه خاصة لا يتعدّى إلى غيرهم؛ لأنه كان لسبب علمه صلى الله عليه وسلم بحضور الشيطان فيه، وغيره لا يعلم ذلك فلا يتعدى إليه ذلك الحكم، والله تعالى أعلم.

وإلى معنى ما ذكرناه ذهب الداودي وغيره من أصحابنا في تأويل الحديث.

* * *

(1) رواه أحمد (3/ 304)، والنسائي (1/ 210 و 211) من حديث جابر رضي الله عنه.

ص: 312